السجائر..سمومٌ تُشترى ونقودٌ تُحرق

ريبورتاج 2021/02/24
...

 آية حسين 
 

أخذت ظاهرة التدخين بالانتشار بين الجنسين وصارت يوميات الارجيلة  منتشرة  في كثير من الأماكن العامة، اذ وصلت نسبة المدخنين من كلا الجنسين الى 40 ٪ على الرغم من اضرار التدخين وسلبياته التي لا تعد ولا تحصى، لكونه يعد السبب الرئيس لأمراض السرطان والقلب، الا أن المدخنين ضربوا كل التحذيرات بعرض الحائط واخذوا يتسابقون بينهم على شراء النوع الفاخر لكونهم يعتقدون أن التدخين هو السبيل الوحيد للتنفيس عن همومهم، لكن في الحقيقة ما هو الا سعادة وهمية تؤدي في نهاية المطاف إلى الموت. 
 
الأماكن المخصصة
تجلس روان محمد في احد المطاعم وعلامات التذمر والغضب تبدو واضحة على محياها، اذ تقول:  "لا يمكنني أن اتنفس بشكل طبيعي بسبب كثرة سحابات السجائر والأراكيل داخل المطعم"، مبينة انه "يجب على اصحاب المطاعم أن يمنعوا التدخين داخل المطاعم للمحافظة على سلامة الاسر والأطفال المتواجدين، اذ هنالك الكثير من المقاهي  التي يستطيع المدخنون فيها التدخين بحريتهم من دون أن يؤثر ذلك في صحة الاخرين".
وتتفق معها في الرأي لمار عبد العزيز التي ترى أن التدخين لم يعد يقتصر مثلما كان في السابق على الرجال، بل زاد اقبال النساء وحتى المراهقين معتقدين انه نوع من انواع الانفتاح والتأثر بثقافة الغرب، اذ تقول "اشعر بالازعاج عندما اذهب الى الصالونات النسائية بسبب رائحة السجائر التي تملأ المكان، فاصبحت افضل العناية المنزلية". 
 
التدخين السلبي
تنصت الطالبة لمى جمال الى شرح الاستاذ بتمعن واثناء القائه المحاضرة قام باشعال سيجارته لتشعر بالاختناق، فخرجت على الفور من المحاضرة، و تقول لمى "اعاني من داء الربو وعند استنشاقي الدخان تأتيني نوبة السعال وضيق في التنفس، لكن ليس بوسعي عمل شيء لكون الكثير من الطلبة والاساتذة في الكلية يدخنون  في كل مكان من دون أن يراعوا مدى تأثير التدخين السلبي في الاشخاص، خصوصاً الذين يعانون من الربو". 
 
غياب القوانين
استأجر الشاب حميد علي سيارة التاكسي وفور ركوبه اشعل السائق سيجارته، فقام بفتح النافذة على الرغم من برودة الجو، لكي يتخلص من رائحة التدخين، اذ يقول علي: "طلبت من السائق أن يطفئ سيجارته اكثر من مرة، لكنه رفض، فلم يكن امامي غير فتح النافذة، لكوني اعاني من حساسية القصبات الهوائية، مؤكداً ان التدخين اصبح منتشراً في كل مكان في ظل غياب القوانين التي تحد من انتشاره، بالاضافة الى دخان المصانع والسيارات كلها تعتبر من ملوثات الهواء". 
 
مخاطر التدخين
يؤكد الدكتور جلال حميد أن "التدخين يتسبب في تليف الرئة وتدميرها، إذ يجعلها سميكة جدًا عند المدخن وسوداء، ما يعيق الرئتين عن القيام بوظيفتهما، بالاضافة الى انه يعتبر العنصر الاساس لأمراض القلب والسرطان، فضلاً عن الدخان المتصاعد من السيجارة او الاركيلة الذي يؤدي الى إصابة الأجزاء الأمامية من العين، مثل الملتحمة والقرنية بأمراض الحساسية المزمنة"، مبيناً أن "مخاطر التدخين لا تقتصر على المدخن،  فقد يكون تأثيرها اكثر في الاشخاص غير المدخنين، لكونه يعتبر السبب المباشر لحالات الوفاة، خصوصاً لحديثي الولادة والمسبب للكثير من الامراض والأزمات الصدرية ونوبات الربو، ويؤثر في بعض الاحيان في المرأة الحامل ما يسبب لها الاجهاض". 
 
اثبات الذات
توجه الفتيات او الشباب الى الاركيلة والسجائر يأتي من باب الاعتقاد بأن ذلك نوع من التطور والرقي والحرية، عن ذلك يقول الباحث محمد عباس:  "النساء يستخدمن الاركيلة والسجائر كنوع من اثبات الذات، والمجتمع لا يمكن أن يقوم من دون قيم ومثل عليا تدعم وجوده وتحكم تعاملاته ويستند اليها وعليها في بنائه وتطوره، مؤكداً ان القيم كانت وستظل هي المرجع والضابط لايقاع الحياة وهذا يعتبر تمرداً على القيم والعادات والتقاليد للمجتمع العراقي، فـالدخان بدأ ينتشر كالنار في الهشيم بين الفتيات، لأن المدخنات يجدن في السيجارة متنفساً كما يتوهمن، مشيراً الى أن السيجارة اصبحت ذات قيمة معنوية كبيرة حتى اصبحت أنوثة الفتاة مربوطة باعقاب السجائر، لما لها من دلالات تشير صراحة الى انموذج الفتاة المتحررة والمميزة والحرة".