الأبيض.. لون الشعر المخيف للنساء

ريبورتاج 2021/02/24
...

  سرور العلي 
 
يعد الشعر الأبيض "الشيب"، هاجساً مخيفاً وصدمة نفسية لدى معظم النساء، ومن المتعارف عليه أن مع التقدم في السن يتغير لون وطبيعة الشعر، ويبدأ بالتحول إلى الأبيض، ويأخذ بالانتشار مع وجود حالات مبكرة لدى البعض، إذ يوضح الخبير في التغذية احمد حسين أن:  "تغير لون الشعر أمر اعتيادي، وهو لا يرتبط بسن معينة، إذ تتلاشى صبغة الميلانين في الخلايا مع مرور الأعوام، كما تلعب العوامل الوراثية دورها في ظهوره مبكراً أو التعرض لأزمة نفسية، والعمر الطبيعي لظهوره هو في منتصف الثلاثينيات". 

عادات خاطئة
وبين حسين أن "هناك الكثير من العادات غير الصحيحة التي تسرع بظهور الشعر الأبيض ومنها، عدم توازن الهرمون في الجسم، نتيجة لتناول أطعمة غير صحية، وعدم العناية بالتغذية السليمة، كما يؤدي نقص فيتامين "D" لظهوره ويمكن الحصول على هذا الفيتامين من خلال التعرض للشمس، وتناول أطعمة ذات قيمة غذائية عالية، كصفار البيض، والسردين، والسلمون، والخضراوات، والحبوب، بالإضافة إلى أن الغذاء الدسم يسبب خللا في الهرمون، وبذلك يتغير لون الشعر، وكذلك خلل وظائف الغدة النخامية والدرقية يؤدي لظهوره".
 كما أن التعرض للمواد الكيميائية من شأنه أن يتسبب بظهور الشعر الأبيض ومنها، المبيد الحشري، والمعقمات، ومختلف المستحضرات، وبعض أنواع الشامبو والاصباغ، وعوامل أخرى كدخان السيارات، وتراكم الأوساخ والزيوت في الشعر، وقلة نظافته.
 ونصح حسين النساء "بعدم انتزاع الشعيرات البيضاء التي تظهر، لأنها تؤذي فروة الرأس، واختيار لون الصبغة المناسبة التي لا تسبب الحساسية، والعناية المستمرة به، وتناول مضادات الأكسدة المتوفرة في بعض الأطعمة الغنية بها، كالخضراوات والفواكه، وزيت الزيتون والسمك، والتوقف عن التدخين، كون تلك العادة تتسبب في تقليل نسبة الميلانين في الجسم، والحصول على الفيتامينات الضرورية التي تحافظ على شباب الشعر والجلد، كفيتامين "12"، و "D"، أو تناول المكملات الغذائية".
وبينما تتخوف نساء كثيرات من هذا العائق، تفضل بعضهن تركه من دون تغيير لونه.
تقول الموظفة سعاد حسن (58) عاما،:"لم أغير  لون شعري حين بدأ البياض بالزحف عليه، إذ اعتبرت ذلك وقارا وتاجا على رأس المرأة".
وبينت أم أسامة (54) عاما، أنها تلجأ من حين لآخر الى استخدام مسحوق "الحناء"، لتغطية معظم الشيب الذي يظهر في خصلات شعرها، معللة ذلك بأن الشعر الأسود يظهر عليه البياض بوضوح على العكس من اللون الأصفر أو البني الفاتح، كما أن المواد الطبيعية تعطي رونقا ولمعانا للشعر، وتقاوم أكثر. 
 
 مخاوف
يقول طارق البياتي، بكالوريوس لغات ودبلوم انكليزي: "لطالما كان التقدم بالعمر هاجساً شبه مخيف للمرأة وأول مؤشراته هو الشيب, ذلك اللون الأبيض اللعين الذي يغزو الشعر، فالمرأة تغير لونه لتبدو اصغر وأجمل في كل وقت، ما يدفعها لتغطية الشيب الذي يذكرها بعمرها، وخوفها على زوجها من النظر لأخرى، وأيضا خشيتها من كلامه عندما يقول لها بأنها كبرت، فهي كلمات قاسية جدا بالنسبة لها، وتقرر أن تلجأ للصالون لتغيير اللون والتسريحة في ذلك المنتدى النسائي الذي تسمع فيه الأعاجيب من مشكلات وحلول، وأفراح ومآس، وتلتقي فيه بشرائح عديدة من المجتمع، ومستويات ثقافية متعددة يجمعها كرسي الصالون، وغايتها إخفاء شعرها الأبيض أو تغيير لونه".
وأكد البياتي "الجيد في الأمر أن اغلب أصحاب صالونات النساء هم من الرجال الملمين بتدرجات اللون, ذهبت مرة لشراء صبغة، ففوجئت بأكثر من 10 تدرجات للون الأشقر فقط، وحتى تستطيع المرأة أن تفضفض براحتها مع ذلك توجد نسبة من النساء يفضلن أن يكون القائم على التسريحة رجلاً، فالرجل له نظرة تختلف عن المرأة، فهي تغير وتقصر وفي النهاية لا يلحظ الرجل ذلك التغيير، عزاء النساء في الشيب أن لونه أصبح موضة الآن، ومع ذلك يبقى الشيب كابوسا مخيفا لهن". 
 
جمال مطرز
د. فلاح حاجم أوضح : "يا للتصابي أما ينفك يسحبني
على الثمانينَ سحْبَ النوقِ بالعطنِ، 
هذا البيت الساحر، الذي قاله الجواهري الكبير وجدته مفتاحا لما أود طرحه عن الشيب، مع أن الحديث يدور عن الشعر الأبيض لدى المرأة، وإذا كان قد أكد الحقيقة، التي تكاد تكون مشتركة لدى اغلب الرجال، وهي أن الرجال يتشبثون بتلابيب الصبا خشيةً من أن (تعيّرهُ بالشيب وهو وقارُ)، فان البحث عن الشيب لدى النساء ينبغي أن يكون في المآتم، وعند شواهد القبور وتوابيت الأبناء، لقد وفرَ عليَّ الجواهري مهمة البحث في موروث الأدب العربي، وحكايات الأقدمين عن الشيب، إذ يخط آثاره على تيجان الرؤوس لدى واهبات شِعر الجواهري (بكسر الشين)، وشعَر المرأة (بفتح الشين)، ليؤشر إلى درب طويل من الجمال المطرز بالحزن لدى العراقيات اللواتي كُتِبَ عليهن أن يكنَ متشحات بالسواد من المهد إلى اللحد، ولطالما سرحت متأملًا في تلك التيجان الفضية، التي تعلو رؤوسهن عندما يتجمعن في باحة دارنا، حاسرات الرؤوس، يندبن ميتاً، أو متوجهات إلى السماء طلبا لمرادٍ صعب المنال". 
مضيفاً "وللأرامل والثكلى حكاية أخرى مع الشعر الأبيض في بلدي، إذ قلما تجد شابة فجعت بفقد وليدٍ أو حبيب، أو ترملت بفقد زوجٍ ولم يجد الشيب طريقا إلى رأسها، وكثيرا ما استغرقت متخيلا مقدار الحزن، الذي يختلج في أعماق سيدات لاطمات بلوعة وهن يودعن أعزاء إلى مقبرة السلام، إذ ينكشف خمارهن عن هالة بيضاء كأن ذلك المقدار من الحزن قد أحال خلال فترة قصيرة ذلك الجمال الأسود إلى لوحة مطرزة بخيوط من الفضة، هي أقرب لخيوط فجرٍ حزين".
وتؤكد الأبحاث العلمية أن الشعر الأبيض يكون مع المرأة وهي في الرحم، إذ يأخذ لونه الطبيعي اثناء تشكل الخلايا الصبغية فقد يصبح اسود، أو أشقر أو احمر أو بنيا، ومع التقدم في السن سيقل إنتاج الميلانين ما يغير لونه.