حميد دبّاشي: أعمال الشغب في واشنطن كانت {انتفاضة عرقيَّة} بالأساس

منصة 2021/02/27
...

  متابعة: الصباح
 
في قراءة يسميها دباشي "إعادة قراءة إدوارد سعيد على ضوء أعمال الشغب في العاصمة واشنطن"، يكتب في (ميدل إيست آي): "إذا كانت الولايات المتحدة راغبة في تجاوز الرأسماليَّة التي تراقب الفرد في عقر دارها، فعليها أنْ تفهم دورها الذي أسهم في تثبيت هذا النوع من الرأسمالية حول العالم".
ويميز دباشي مقدم ترامب الى البيت الأبيض عام 2016، بوصفه اللحظة التي انطلقت فيها النظرة المرعبة التي تعتمد على مفهوم تفوّق العرق الأبيض. وبدأ الأميركيون يقرؤون المصادر التي تساعدهم على فهم مأزقهم بشكلٍ أوضح.
ويسوق ملاحظة بدت صغيرة إلّا أنها مهمة للغاية في رأيه، وهي ما كتبه سين آلينغ في صحيفة فوكس، بعد شهر من انتخاب ترامب، ازدادت مبيعات كتاب حنا آرنديت (الصادر سنة 1951) "أسُس التوتاليتارية" بمعدّل 16 مرّة عما كانت الحال قبل ترامب. هذا يعني، من وجهة نظر دباشي، أنَّ الطبقة المثقفة الأميركيَّة بدأت بالفعل تتساءل عن مفاهيم هذه الورطة التي جلبت ترامب.
ويقول دباشي: "لقد دخلنا حقبة تتحكم فيها الرأسماليات المراقبة، مثل غوغل وفيسبوك، وهي تعني أنْ يوكل الأمر إليها لتقرر من يحق له أنْ يعرف ومن لا يحق له نيل المعرفة. هذه الصورة من التحضر المعلوماتي، أو المدنيَّة المعلوماتيَّة". وهي التي يشير دباشي الى د.شوشانا زابوف (بروفيسورة في هارفارد) كأوّل من أطلق صرخة التحذير. وينقل دباشي عنها قولها: "إنَّ هناك انقلاباً حدث ولم نتكلم بشأنه. إنَّ جوهر فضاعة هذا الانقلاب هو نشوء المجتمع المراقب بقوانين لم يضعها هو".
ويستكمل طرح الفكرة التي تصل الى أنَّ الأساس الذي مارسه ترامب كسياسي هو محاولته ركب هذه الموجة من الانقلاب المسكوت عنه ليحوّله الى انقلاب سياسي يبدو وكأنه من رغبات المجتمع. هذا الانقلاب الذي تسميه زابوف بـ"الانقلاب المعرفي"، يحتوي على أخطر ملمح، وهو قدرة الشركات على تسويق ادعاءات تتعلق بحياة الناس لم تأت عبر الحراك العلمي، إنما عبر قياس معايير توجهاتهم ورغباتهم. وبالتالي الرغبة الأكثر شيوعاً هي التي ستصوغ الحقيقة وليس الواقع من يفعل هذا.
عملية الغش والخداع هذه، لم تحدث سياسياً كما يقول دباشي، إنما حدثت معرفياً ونتيجة (موديل) الحياة ما بعد الكولونيالية والولوج المعرفي المسيطر عليه من قبل الشركات (يعني من قبل مصالحها الاقتصاديَّة المباشرة). وهو ما يشكل انحرافاً عميقاً لمفاهيم الليبراليَّة والحريات التي صاغها الوجود الأميركي لنفسه عبر الدستور والميراث المتراكم للدولة الأميركيَّة.
 
"حميد دباشي (70 عاماً)، هو أستاذ الفلسفة والدراسات الإيرانيَّة والأدب المقارن في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة. له ما يزيد على عشرين كتاباً في الثقافة والفن والاستشراق والسياسة. ويعد من أبرز مثقفي ما بعد الكولونياليَّة في الساحة الغربيَّة اليوم".