كامبل ماكديارميد
ترجمة: خالد قاسم
سحب متظاهرون في مدينة طرابلس اللبنانية رجلاً حاول إشعال النار في جسمه، ومات بائع خضراوات سوري في وادي البقاع بعد إحراق نفسه، وسحب المارّة في إحدى ضواحي بيروت سائق سيارة أجرة من عجلة وهي تحترق بعد أنْ أشعلها بنفسه.
سلط هذا العدد الكبير من محاولات التضحية بالنفس في لبنان الضوء على أزمة صحة نفسية متزايدة أشعلها الانهيار الاقتصادي المحلي كما يقول خبراء. ويقول علي سائق السيارة الذي نجا رغم إصابته بحروق: «يزداد الوضع سوءاً كل عام. ونعتقد كل عام أنَّ الشعب اللبناني سينال الأفضل لكن لا شيء يحدث». وأخبر علي وسائل إعلام محلية أنه حاول إحراق نفسه بعد عدم تحمله مصاريف إيجار سيارته التي يعيش داخلها أيضاً.
تعيش لبنان أوقاتاً صعبة حتى بالنسبة لشعب مشهور بالتأقلم، لكن العام الماضي كان معاناة. تزامنت محاولات الانتحار الأخيرة مع الذكرى العاشرة لبداية الربيع العربي، الذي انفجر بسبب الاحباط الاقتصادي لدى فئة الشباب الكبيرة داخل المجتمع لكنَّ شرارة انطلاقها كانت إحراق بائع الفواكه التونسي محمد بوعزيزي نفسه.
يذكر جوزيف الخوري، طبيب نفسي استشاري بالجامعة الأميركية في بيروت: «اعتبار معدلات الانتحار مؤشراً على الحالة الذهنية للأمة أمرٌ غير عادل، فهي في الحقيقة قمة جبل الجليد».
لكنَّ دراسة أجراها جوزيف أكدت أنَّ فوضى لبنان العام الماضي قد أنتجت أزمة صحة عقليَّة. أجرت الجامعة مقابلات مع ألفي شخص بعد تفجير مرفأ بيروت، وكانوا أشخاصاً عاشوا بالفعل عاماً من الانهيار الاقتصادي حيث خسرت العملة 80 بالمئة من قيمتها وارتفع الفقر الى أكثر من 50 بالمئة.
وجدت الدراسة غير المنشورة حتى الآن أنَّ 80 بالمئة من المشاركين لديهم أعراض
الكآبة والقلق بدرجات متفاوتة، بينما 40 بالمئة لديهم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.
أدى تفشي الإصابات بفيروس كورونا الى وصول النظام الصحي اللبناني الى حافة الانهيار، وتكاد وحدات العناية المركزة تبلغ طاقتها القصوى، لذلك أزمة الصحة النفسية لم تجذب الاهتمام الكافي.
لكن منذ فرض الإغلاق الشامل ارتفع الطلب على خدمات الصحة النفسية، والذي توفره منظمات المجتمع المدني. وازدادت المكالمات الى الخط الساخن المحلي للأزمات ثلاثة أضعاف مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
ويقول خبراء إنَّ العامل الخارجي الأكبر الذي يؤثر سلباً في الصحة العقلية هو الانهيار المالي، ومع عجز الحكومة عن الاتفاق على تنفيذ إصلاحات ضروريَّة لتلقي المساعدات الخارجيَّة فلا توجد انفراجة في الأفق.
صحيفة ديلي تلغراف البريطانية