الاهتمام بالابن الأكبر وتدليل آخر العنقود «متلازمة الطفل الأوسط» بين الإهمال واضطراب السلوك

اسرة ومجتمع 2021/03/01
...

 غفران حداد
 
دائماً يشعر الابن الأوسط بأنه مهمل من قبل والديه فهو لا يحظى بالاهتمام الكافي الذي يحظى بها أخواه الأكبر والأصغر، فأخوه الكبير يحظى بالقيادة والثقة والصغير يحظى بالعطف والدلال والاهتمام، ما يجعل الطفل الأوسط يواجه مشاعر الفراغ العاطفي ويؤدي به الى معاناته من حالة نفسيّة قاسية، نتيجة إحساسه بالإهمال، فضلا عن شعوره بقلة الثقة بالنفس والانطواء والعزلة والغيرة والغضب تجاه والديه.
طفل مهجور
نورا مرتضى (ابنة  19 عشر عاما) مواطنة لبنانية تقول: «يعاملني والداي كمخلوقٍ من الدرجة الثانية كطفلٍ مهجورٍ وأقل قيمة وقد عانيت كثيراً منهما في التمييز في المعاملة بيني وبين أخواتي، إذ إنَّ أختي الكبرى مدللة كثيراً لأنها تمثل أول فرحة وأول أمل وحين أتيت أنا لم أتمتع بأدنى قدرٍ من التدليل.. أما أختي الصغرى لانا أو كما يسمونها آخر العنقود فهي تحظى بحنانٍ واهتمامٍ كبيرين من قبلهما لذا أشعر بالكره تجاه أختي الكبرى والصغرى وما ذنبي لأنني أصبحت الابنة الوسطى في تسلسل الولادة؟». مشيرة: «أكثر ما يجرحني في هذا التمييز لمعاملة أهلي لي هو أنَّ أمي سمحت لأختي الكبرى أنْ تكون صاحبة القرار في كل شيء حتى بأموري الشخصيَّة وبمباركة وموافقة أبي وهذا السلوك يجعلني أشعر بالحقد والكراهية تجاه أختي لأنني لا أجد مبرراً لذلك».
 
أقل جمالاً
أما المغتربة التونسية فائزة عزيز وهي أم لثلاثة بنات تعيش في ضاحية بيروت فتؤكد: «أمي ربنا يطول بعمرها طول حياتها كانت لا تمنحني الاهتمام والحنان كما كانت تفعل مع أختي الكبرى فقط لأنها جميلة جداً وبشكلٍ ملفتٍ للنظر ودائماً تعطيها أهمية كبيرة في الحديث وعند دخولها على الضيوف الذين يزوروننا بل همها الوحيد أنْ تتزوج أغنى الشباب وأكثرهم وسامة وحين يتقدم لي عريسٌ مناسبٌ تحاول أنْ تقنع والدته ليكون من نصيب أختي وذات الحال مع أخواتي اللواتي يصغرنني فكل الدلال والغنج والدلع لهما».
موضحة: «مع حبي واحترامي لأمي ولكنها جعلتني أكره حياتي لأنني الابنة الوسطى وشعرت بالاكتئاب والاضطهاد ومع ذلك حين تزوجت وأنجبت سعيت جاهدة أنْ أكون أماً عادلة مع بناتي وألا يتكرر الظلم ذاته مع بناتي خصوصاً ابنتي الوسطى زينة، أتمنى من جميع الأمهات أنْ يعدلوا بين أولادهم لأنهم يزرعون الحقد والضغينة بين أولادهم ومن دون أنْ يشعروا». 
 
قلة خبرة
تقرّ المغتربة العراقيَّة سميرة عبد من منطقة كورنيش المزرعة وهي أم لثلاثة صبيان بخطئها في تربية أولادها: «أعترف أنني أسأت التصرف مع ابني الأوسط عدنان ويعاني من (متلازمة الطفل الأوسط) وحصل هذا الإهمال مني له عندما أنجبت ابني الصغير مرتضى والخلل بي طبعاً لأنني قليلة الخبرة في التربية والتعاطي مع الأولاد وربما ليس لديّ الوعي الكافي لكي أمنح ابني الأوسط الرعاية والاهتمام مثلما أفعل مع بقية إخوانه».
 
داخل الأسرة
تعرف الباحثة النفسية سوزان سليم (متلازمة الطفل الأوسط) حين يحصل الطفل الأكبر سناً على كل الثقة والاهتمام، بينما يحصل الأصغر سناً على كل الحب، والوسط لا يحصل على أي شيء». 
هذه طريقة نمطيَّة لرؤية الطفل 
الأوسط. 
وعن علاج (متلازمة الطفل الأوسط) تقول: «تبدأ أولاً من داخل الأسرة، من خلال منحه الاهتمام والثقة والحنان، وكذلك عبر إسناد بعض المسؤوليات له، التي تكسبه الثقة في نفسه وعلى الأم عدم مبالغتها في تدليل الطفل الأصغر لأنه سيتولد لدى الأبن الأوسط الإحساس بالغيرة والاستياء داخله تجاه شقيقه وعليها الابتعاد عن مقارنة الابن الأوسط بالأكبر منه أو الأصغر، وإنما المطلوب الثناء عليه ومدح صفاته الإيجابيَّة».
وتبين: «في حالة تفاقم الحالة وأصبح الطفل الأوسط عدوانياً تجاه اخوته وحتى والديه هنا يجب على الوالدين أنْ يحاولا تعديل سلوك ابنهما المضطرب نفسياً 
من خلال الذهاب الى معالج نفسي بتوجيه الأبوين الى الطرق التربويَّة الصحيحة التي تساعدهما على استعادة ابنهما الأوسط بسلوكٍ نفسيٍ سليمٍ يستطيع العيش من جديد وبشكلٍ صحيحٍ مع أشقائه 
وأسرته».