عقدة العملية الانتخابية في العراق هو الغموض في طبيعة القانون الذي على وفقه يختار الناخب من يمثله في السلطة التشريعيَّة الأعلى. وهذا الغموض أو قلة المعرفة كان مفهوماً باعتبار أنَّ الانتخابات السابقة كانت تجرى وفق طريقة "سانت ليغو" المعقدة أصلاً، لكننا نتحدث اليوم عن قانونٍ مختلف يفترض أنه اتجه نحو
البساطة.
الوضوح هنا يعني بشكلٍ أو بآخر زيادة في مسؤولية الناخب، وهذا يتطلب معرفة كاملة هذه المرّة بطبيعة الانتخاب والقانون الذي يتضمن، ولأول مرّة، انتخاب المرشحين مباشرة بدل القوائم.
لكنْ لماذا زيادة في المسؤولية؟ لأنَّ عددًا كبيرًا من الناخبين كان يستدل ضمناً برئيس القائمة في اختيار من يمثله! فيذهب لاختيار رقم القائمة والتسلسل الأول فيها، وهذه قصّة شهدناها على نطاق واسع.
وبالمقارنة بين العمليتين على وفق القانونين فإننا كنّا نشهد عمليَّة تأييد لعناوين سياسيَّة أكثر من كونها عملية انتخاب، هذه المرّة سيتعيّن على الناخب أنْ يختار هو بنفسه المرشح وليس لزعيم القائمة أي دور.
والأهم في كل ذلك، أنَّ هذه المساحة التي يوفرها القانون ستكون بلا فائدة إذا لم يتمكن الناخب من الفصل بين حقه الشخصي الانتخابي والتأثيرات الجانبية، لا يمكن أنْ نتلمسها إذا رهن المقترع قراره مثلاً للاعتبارات العشائريَّة أو ما يشبهها من مكونات "الانتخاب الجاهز".
وكما أنَّ إصلاح الانتخاب لا يتوقف على القانون بل على فهمه وتطبيقه، فإنَّ مستلزمات الانتخاب ستبقى منقوصة إذا لم يفهم كل من له قدرة على التصويت القانون فهمًا كاملًا.
وهذه المسؤولية التضامنية تتطلب من الجميع، بلا استثناء، بذل المزيد من الجهود للتعريف بالحق الانتخابي وآلياته ونتائجه وآثاره.