البرلمان يخصص جلساته المقبلة لمناقشة «التواجد الأميركي»
العراق
2019/02/05
+A
-A
بغداد / الصباح / عمر عبد اللطيف
لا يزال الجدل في المشهد السياسي العراقي، مستمرا بشأن التواجد الاميركي بالعراق، في ظل رغبة الادارة الاميركية بالبقاء لمراقبة ايران، وفقا لما اعلنه الرئيس ترامب بشكل مفاجئ يوم الاحد الماضي، لاحدى وسائل الاعلام.
تلك الرغبة الاميركية، قوبلت بموقف عراقي رافض، وسط دعوات للحكومة للافصاح عن عديد القوات الاجنبية المتواجدة في العراق بصورة شفافة، فيما يعتزم مجلس النواب العراقي، مناقشة القضية في الجلسات الاولى لفصله التشريعي الجديد. ومع انتهاء سيطرة عصابات “داعش”، الارهابية، تسعى الحكومة العراقية بشكل حثيث الى ابعاد العراق عن ساحة الصراعات الدولية، والتركيز على حفظ امن واستقرار البلاد ومنع كل التدخلات الخارجية.
اجتماع “الفتح” و”سائرون”
وعد زعيم تحالف “الفتح” الامين العام لمنظمة بدر، هادي العامري التواجد الاميركي في العراق اهم “تحد” يواجه البلاد.
وقال العامري خلال اجتماع “الفتح” و”سائرون” المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إن “امامنا تحديات لا بد من تجاوزها اهمها التواجد الاميركي»، فيما اوضح ان “الدستور يرفض التواجد الاجنبي، ولن نقبل بأن يكون العراق منطقة لتهديد دول الجوار». من جانبها، قالت النائب عن تحالف الفتح ميثاق الحامدي، في تصريح صحفي: ان “اميركا دخلت العراق بحجة حمايته وحماية العملية السياسية، الا ان الخطاب الاخير لترامب بين بشكل صريح ان هدف هذا التواجد هو لاستهداف الجمهورية الاسلامية، وبالتالي يجب ان يكون هناك رد على هكذا تصريح يضر بالعراق وشعبه”.
واضافت ان «العراق لا يمكن ان يكون نقطة انطلاق للاعتداء على دول الجوار، كما ان ذلك الوجود الاميركي على الارض العراقية يمثل انتهاكاً للسيادة، وهو امر غير مقبول ولا يمكن السكوت عنه».
واكدت الحامدي، أن “الخطوة المقبلة بعد بداية الفصل التشريعي الثاني، هي الدفع بقانون او جدولة اخراج القوات الاميركية، وستتم استضافة رئيس الوزراء بصفته وزيرا للدفاع بالوكالة بالاضافة الى وزير الخارجية محمد علي الحكيم، لبحث الوجود الاميركي”.
في السياق نفسه، افادت النائبة ندى شاكر، في تصريح صحافي، بأن “تصريحات ترامب الاستفزازية أشاعت جوا من الاستنكار السياسي العام وان السواد الاعظم من الكتل السياسية عبر عن رفضه القاطع لتلك التصريحات”.
واوضحت، أن «الموقف السياسي العام فضلا عن الرأي العام قد وضع الحكومة في حرج ولا بد من اتخاذ اجراء رسمي بشأن التصريحات المسيئة للسيادة العراقية»، مؤكدة ان «الحكومة ملزمة وبدون تأخير بتوضيح وجود القوات الاميركية وعددها والاجابة بشفافية عن الاسئلة التي وجهتها لجنة الامن والدفاع للقائد العام للقوات المسلحة».
الاتفاقية الأمنية
الى ذلك، اكدت عضو مجلس النواب منى الغرابي، في حديث لـ”الصباح”، ان “مناقشة التواجد الاميركي ستكون بعد عطلة الفصل التشريعي الاول مباشرة، اذ يسعى مجلس النواب لاصدار قرار او قانون مناسب لهذا التواجد”، موضحة ان “البرلمان يقف مع استتباب الوضع الامني في البلد وحفظ استقراره سواء مع وجود القوات الاميركية أو من عدمه”.
اما عضو المجلس رشيد العزاوي، فيرى ان “القوات الاميركية موجودة على الاراضي العراقية وفق الاتفاقية الامنية المبرمة بين البلدين”، مؤكداً ان “تلك الاتفاقية ملزمة للجانب العراقي، و لم تنته فاعليتها لغاية الان”.
واضاف العزاوي لـ”الصباح”، ان “وجود تلك القوات العسكرية بعلم الحكومة العراقية ودراية كاملة بما تفعله من مسير وطلعات”، نافياً بشكل قاطع ان “تكون اتفاقية الاطار الستراتيجي بين البلدين قد انتفت باحتلال عصابات داعش عددا من المحافظات”.
فيما ذكر النائب بدر الزيادي في تصريح صحفي، ان “الفترة الاخيرة شهدت تصاعد وتيرة التحركات المريبة للقوات الاميركية داخل الاراضي العراقية سواء في شمال العراق او المنطقة الغربية تحت مسميات عديدة وما زاد الطين بلة هي تصريحات الرئيس الاميركي ترامب حول رغبة واشنطن بالابقاء على قواتها في قواعد داخل العراق لمراقبة دولة جارة”، مبينا ان “هنالك تواقيع لاكثر من 70 نائبا تم جمعها قبل بدء العطلة التشريعية بغية تعديل الاتفاقية بين بغداد وواشنطن».
واضاف الزيادي ان “الاتفاقية بين البلدين تشير بكل وضوح الى ان تواجد القوات الاميركية يكون داخل القواعد ولاغراض التدريب والمشورة فقط ولا يسمح لها بالتحرك خارج القواعد”، لافتا الى ان “ما نشهده بالفترة الاخيرة من تحركات اميركية لقوات عائدة من سوريا واخرى تتجول في محافظات المناطق الغربية هي امور خطيرة وينبغي الوقوف عليها بشكل عاجل».
التحالف الدولي لمكافحة الارهاب
وبهذا الشأن، يرى الخبير في القانون الدولي والمحلي، طارق حرب، ان «الاتفاقية الأمنية الموقعة بين واشنطن وبغداد في 2008، انتهت في 2011، بعد انسحاب القوات الأميركية من البلاد، والوجود العسكري الأميركي الحالي في العراق، جاء بعد انضمام الأخير إلى اتفاقية التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب».
وأضاف أن “إخراج القوات الأميركية من العراق، يتطلب انسحاب بغداد من اتفاقية التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب».
بينما ذهب الخبير القانوني امير الدعمي، إلى ان “التواجد الاميركي على الاراضي العراقية قانوني وحسب ما نصت عليه الاتفاقية الامنية، التي نظمت تواجد تلك القوات مع مجموعة من المستشارين”.
واضاف الدعمي، في حديث لـ”الصباح”، ان “تلك الاتفاقية يجب ان تكون ملزمة للبرلمان والحكومة، في الوقت الحاضر وان الغاءها يتطلب تشريع قانون جديد”، فيما اقترح ان “تجتمع الحكومة والبرلمان قبل استصدار مثل هكذا قانون لغرض معرفة مدى الحاجة لوجود تلك القوات”.
قاعدة عين الأسد
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن دبلوماسيين وخبراء عسكريين في اميركا، في تقرير ترجمته (الصباح) ان “ترامب على ما يبدو قد وطأ بغير قصد عش دبابير دبلوماسي حين ناقش طبيعة وظائف قاعدة عين الاسد الجوية الواقعة في غرب العراق، وهي القاعدة التي زارها في اواخر شهر كانون الاول ثم اعاد الاشارة اليها في حديثه يوم الاحد، وحيث تعمل القوات الاميركية بموجب اذن من العراق. ولكن ترامب اوحى الى أن الاميركيين يستطيعون استخدام تلك القاعدة لأغراض مراقبة إيران.
ويعبر المسؤولون العسكريون ومسؤولو المخابرات الاميركيون عن دهشتهم من ادعاء ترامب بأن القوات الاميركية في قاعدة عين الاسد، او في اية قاعدة اخرى في العراق، يمكنها ان تتولى دوراً متقدماً في مراقبة برنامج إيران النووي او سواه من النشاطات المشبوهة. لأن جمع معلومات من هذا النوع تتولاها عادة وبكفاءة اقمار التجسس الاميركية ووسائل الاعتراض الالكترونية التي تشرف عليها وكالة الامن القومي، وربما ايضاً بعض العمليات السرية التي ينفذها جواسيس وكالة المخابرات المركزية.
وتذكر الصحيفة، انه مع تقلص البقعة التي تسيطر عليها “داعش” في العراق وسوريا الى اشبار لم يعد العراقيون يعلمون على وجه اليقين حقيقة الدور الذي تقوم به القوات الاميركية او أماكن تمركزها وصاروا يخشون ان يتحول العراق الى ساحة صراع بين أميركا وإيران. كذلك يدرك كثير من العراقيين انهم معتمدون الان على ايران، التي كانت على مدى السنوات الاخيرة حليفاً يمد جنوب العراق بالكهرباء، كما كانت الطرف الذي وقف الى جانب العراق عندما غزت “داعش” اراضيه في 2014.
وتكشف عن تواجد نحو 5200 جندي اميركي في العراق يتولون تدريب القوات العراقية وتقديم المشورة لهم، بالاضافة الى مساعدتهم في تنفيذ مهمات مكافحة الارهاب داخل العراق. بيد ان لجيش الولايات المتحدة ايضاً اعدادا غير محددة من الجنود والمتعاقدين العسكريين هناك، وهؤلاء لا يفصح عن اعدادهم الدقيقة لدواع أمنية كما لا يتم الاقرار بجميع الاماكن التي يتمركزون فيها”.
ويؤكد محللون، عراقيون وغربيون، ان “العلاقة بين بغداد وواشنطن، المتعكرة في اغلب الاحيان، سوف تنجح في تجاوز هذه الوعكة.
يقول “مايكل نايتس” من معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى، بحسب الصحيفة: “يعلم العراقيون ان القضاء على داعش سوف يستغرق سنين عديدة، كما يعلمون ان أمد الشراكة العسكرية بين الولايات المتحدة والعراق سوف يتخطى عمر الرئاسة الاميركية الحالية”.
فيما يشير واثق الهاشمي، رئيس المجموعة العراقية للدراسات الستراتيجية، ان تحليله للموقف يفيد بأن الاوضاع لن تشهد تصعيداً يصل حدود المجابهة رغم كل التصريحات الملتهبة. يضيف الهاشمي: “إيران لن تجازف بضرب القوات الاميركية، والاميركيون لا يريدون ضرب إيران لأن الجانبين يدركان ان دور العراق هو تهدئة الوضع ومد جسر للتواصل بين الولايات المتحدة وإيران”.