الثقافة الذكوريَّة التي غيبت الشريعة السمحاء

اسرة ومجتمع 2021/03/22
...

  شمخي جبر
علياء الانصاري الروائية والكاتبة والاعلامية والناشطة ورئيسة منظمة بنت الرافدين، كاتبة بروح اسلامية لا يجاريها احد في اعتدالها ودفاعها عن قضايا المرأة، اذا كان هناك 
من يسمى برجل الدين فأنا استطيع ان اسميها (امرأة دين) فهي متبحرة في الفقه والسنة وعلوم القرآن، فضلا عن مواهبها الاخرى، لو كنت تجلس مع علياء الانصاري ستكون مقبولا لديها مهما كان اختلافك معها، الاختلاف مع هذه المرأة يفتح لك 
وامامك تفاصيل مرجعياتها الثقافية، ويفتح امامك قناعاتها التي تدافع عنها، والتي ستجعلك تتفق معها، هذا ما وجدته في تشكيلة عقلها الاسلامي المعتدل. 
امرأة بهذه السمات والمواصفات والمرجعيات والاطار المرجعي المتماسك تدافع عن اتفاقية سيداو وتناقش الجندر (النوع الاجتماعي) بروح متفتحة وعقل قابل للجدل المنتج، عرفت علياء الانصاري رئيسة منظمة بنت الرافدين في محافظة الحلة وتواصلت معها، علياء الكاتبة والناشطة صريحة وجريئة في تعبيرها عن قضايا المرأة،  فهي تعبر عن مظلومية النساء بمنتهى الرقة والدقة والتدفق العاطفي والعقلاني في آن معاً. 
 الانصاري حاضرة في جميع الملفات النسوية لا تحدها مرجعية دينية او طائفية، بل تعبر عن قضيتها بمنتهى الشجاعة والجرأة.
أسست اول صحيفة نسوية في بابل العام 2007 وهي رئيسة تحريرها، وناشطة في مجال حقوق المرأة، أسست منظمة بنت الرافدين في العام 2005 في بابل، وأدارت وأشرفت على 15 برنامجاً لتوعية النساء وتثقيفهن بحقوق المرأة منذ العام 2005 والى الان، دربت ما يقارب 1000 امرأة ورجل على مفهوم الجندر والعنف ضد المرأة، وأشرفت على دراسة قانونية حول واقع قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لمناطق الفرات الاوسط (كربلاء، النجف، بابل، الكوت، الديوانية) العام 2006، ومثلت منظمات المجتمع المدني في لجنة التخطيط الستراتيجي لمحافظة بابل (2008 - 2010).
وأسست صندوق تشغيل النساء العام 2009 وهو صندوق يعطي للنساء قروضا لاجل العمل وخاصة النساء الارامل، كتبت وبشكل ريادي عن الشأن النسوي وتمكين المرأة.
 
مضمون واقعي
تقول الانصاري في كتابها (أنثى ليست للبيع)، لعلي أسمع الاناث جميعهن كيف يتم بيعهن تحت مسميات مختلفة، حاولت أن أضع معالجات لإيقاف ذلك البيع، وكتبت العديد من المقالات والروايات والكتب لأجل أن أفهم جيدا تفاصيل وجعهن، وأجعل لذلك الوجع لسانا وصوتا، وكلما تحدثت معي احداهن، أدرك جيدا، أن معاناتها تشبه الآخريات وان اختلفت تفاصيلها من عنف جسدي الى نفسي الى اقتصادي الى قانوني الى حرمان من فرص وغيرها.. جميعهن يشتركن في نقطة واحدة، كنت استشعرها، ولم أجد لها مفردة تجسدها، حتى قبل حين، وجدتها، ما تريده حواء من آدمها، سواء كان أبا أو أخا أو زوجا أو أيّ عنوان آخر.
تقول في مقدمة كتابها (انثى ليست للبيع)، «ساتحدث عن قناعات خاطئة انتجتها افكار استمدت قوتها 
بقراءة خاطئة من شرع الله وسنة رسوله وكلاهما براء منها، ساعرض صورة لواقع حال النساء المسلمات اللواتي تصادر حقوقهن باسم الاسلام وتصادر حرياتهن باسم 
الشرع ويعشن اسيرات السلطة الذكورية والعرف العشائري وتقاليد البداوة».
يتألف الكتاب من اكثر من (150 مقالا) تتحدث فيها الكاتبة عن واقع 
النساء والموقف الصحيح للدين الذي انصفهن، ولكن تقف امام هذا الانصاف الثقافة الذكورية السائدة التي تشوه قيم الدين واحكامه، الاسلوب المبسط 
وما يمكن ان اطلق عليه (السهل الممتنع) الذي تجيده الكاتبة بمهارة، 
فضلاً عن المتون الحكائية والسردية تعطي الكتاب نكهة خاصة تجعله قريبا من القارئ، خاصة النساء، لانه يعالج همومهن، وما يتعرضن له من واقع مرير.