موظفو شبكة الإعلام العراقي: لن نتراجع حتى نحقق الحلم

ريبورتاج 2021/03/22
...

 ذوالفقار يوسف

  تصوير: رغيب اموري
شرعت الدساتير في العالم حق السكن للمواطن، اذ لا يمكن الاستغناء عنه تحت اي ظرف، وما أن ينتهك هذا الحق فان سائر الحقوق الاخرى سوف تنتهك نظراً للترابط بينها، وكحق مشروع دستورياً لابد أن يقوم المواطن بواجبه في حماية هذا الحق من اي تجاوز او اعتداء من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية، لذلك كانت لموظفي شبكة الاعلام العراقي وقفة احتجاجية يناشدون فيها المعنيين لاستحصال قطعة ارض اسوة بباقي المؤسسات.
وقف منتسبو شبكة الاعلام العراقي على ارض المرسلات والتي هي ارض مخصصة للشبكة منذ ستينيات القرن الماضي، ورغم ذلك فان امانة بغداد قد اوقفت هذا المشروع الانساني من خلال امينها برفضه التوقيع على محضر الموافقة من اجل تحويل جنس الارض إلى سكني، ولأسباب غير حقيقية وقف امام احلام العديد من الاسر في امتلاك قطعة ارض يبنون عليها منزل احلامهم.
 
لا تراجع ولا استسلام
بهذه الكلمات بدأ حديث نائب رئيس مجلس أمناء الشبكة الدكتور محمد سلام واكد أن هذه الوقفة هي الخطوة الاولى في هذا الاتجاه، مبيناً "لن نسمح  لاي احد تسول له نفسه بالحصول على هذه الارض، وما وقفتنا الا لايصال رسالة الى دولة رئيس الوزراء والسيد امين بغداد بأن تكون هناك اجراءات حقيقية وسريعة لانهاء هذا الملف، وستكون لنا خطوات اخرى ان لم تستجب الجهات المعنية لمناشداتنا وكل ذلك وفقا للدستور والقانون من خلال الاعتصام والتظاهر امام  مبنى امانة بغداد في الايام القليلة المقبلة".
كما اوضح سلام أن "هناك فرصة مدتها ثلاثة او اربعة ايام امام المسؤولين، وان الحاضرين اليوم ما هم الا عدد قليل من منتسبي الشبكة وستكون هناك وقفة اخرى امام مبنى الامانة لمطالبة امين بغداد من خلال وسائل الاعلام في الشبكة بحقوق منتسبيها واسرهم، و نريده أن يكون منصفاً لشريحة قدمت الكثير من التضحيات منذ عام 2003 والى هذا اليوم".
 
مهنة المصاعب والمتاعب
ولم يكن الحضور متوقفاً على منتسبي شبكة الاعلام العراقي، اذ انهم اصطحبوا اسرهم من النساء والاطفال ليشاركوا بهذا المحفل، مناشدين باصواتهم المعنيين، عضو مجلس امناء شبكة الاعلام العراقي الدكتور علاء الحطاب بين أن "الشبكة تختلف عن باقي المؤسسات الحكومية الاخرى بمهنتها الصعبة، فهي سباقة للحدث في كل الازمات، واخرها زيارة البابا، فقد استنفرت جهودها في كل المحافظات وقد دفعنا ثمن هذا العمل، اذ تسبب بحادث واصابة اثنين من زملائنا عند تغطيتهما لهذا الحدث في احدى المحافظات، لذلك فان التضحيات التي قدمها موظفو الشبكة تستحق أن يعاملوا كمواطنين من الدرجة الاولى، و يمتلكوا قطعة ارض في هذا البلد الكبير".
واضاف الحطاب "ان ارض المرسلات هي ملك لشبكة الاعلام العراقي منذ عام 1965، وان دستور العراق لعام 2015 اقر ان كل ممتلكات وزارة الاعلام تعود الى شبكة الاعلام العراقي، لذلك فان وقفتنا الاحتجاجية الحضارية هي وقفة لايصال رسالة للجهات المعنية، وان الزملاء يتحركون منذ سنوات لاكمال هذا الملف لامتلاك حقنا المشروع وهو قطعة ارض المرسلات التابعة لقضاء ابي غريب في العاصمة بغداد".
 
وقفة واحدة
مُزجت اصوات موظفي شبكة الاعلام العراقي مع اصوات مسؤوليها فوق ارض المرسلات، كل ذلك لايصال رسالة مفادها أن مطلبنا هو الحق، عضوة مجلس الأمناء د. مارلين عويش اوضحت "اننا كمجلس امناء، مؤتمنون على كل مفاصل الشبكة لذلك شاركنا زملاءنا بهذه الوقفة لاحقاق الحق، وهذه الارض تمتلكها الشبكة منذ سنين وتشغلها حتى الان، وقد قدمت الشبكة الكثير من الشهداء،  خاصة عندما تصدينا لعصابات داعش الارهابية من خلال كوادرنا في ساحات المعارك مع القوات الامنية لايصال الحقائق للجمهور، ولنا الحق في امتلاك ارض اسوة بباقي موظفي الوزارات الاخرى".
واكدت عويش "ان هذه  الوقفة هي الاولى وستلحقها وقفات اخرى حتى امتلاك هذه الارض لموظفينا".
 
موافقات وقرارات
وقد رفع موظفو الشبكة لافتات تحمل طلب الاستغاثة برئيس الوزراء للتدخل وحسم ملف أرض المرسلات الذي طال انتظاره رغم الأحقية فيه اسوة بباقي الموظفين في الوزارات، الموظف في شبكة الاعلام العراقي واحد منظمي الوقفة وسام صفاوي، ولكونه من ضمن اللجنة التي تشكلت لمراجعة حيثيات الارض واستحصال الموافقات بين "بعد أن حصلنا على جميع الموافقات واللجان والتواقيع، وبعد أن اصبح الملف كاملاً من قبل اللجنة العليا والتي تعتبر اعلى لجنة في البلد من ناحية الاراضي وصلاحياتها في تحويل جنسها وتقرير مصيرها، وقفنا اليوم بسبب امتناع امين بغداد عن تنفيذ قرارات هذه اللجنة التي تعتبر ملزمة بتنفيذ القرارات، لذلك وقف موظفو شبكة الاعلام العراقي لمناشدة اعلى سلطة تنفيذية وهو دولة رئيس الوزراء لكي يوعز الى امين العاصمة بتطبيق وتنفيذ القوانين والقرارات، ولنا بعد ذلك عدة خطوات تصعيدية قانونية نسلكها في حال عدم استجابة امين بغداد".
 
حلمنا
وانبثقت هناك في ارض الحقوق اصوات المطالبين والمناشدين، اذ لابد أن ترجع اصداء اصواتهم بتحقيق حلمهم باستملاك ارض لهم في بلدهم العراق.
الصحفي رحيم عزيز في صحيفة "الصباح" يحدثنا وقد التصق بقبضة يده علم العراق، قائلا: "لا نتراجع عن حقوقنا مهما كانت الحواجز التي نواجهها، نحن عراقيون ولنا الحق واسرنا بسكن يليق بنا لما قدمناه من تضحيات، وان اغلب المؤسسات الحكومية قد تسلمت حقوقها بقطع الاراضي الا شبكة الاعلام العراقي، ولكننا رغم ذلك ماضون في استحصال ما شرعه الدستور العراقي".
المصمم الطباعي في صحيفة "الصباح" واحد منظمي الوقفة زين العابدين يوسف هو ايضا قد قال كلمته هناك، ليحدثنا بلهفة الواثقين : "لن نتراجع عن حقوقنا في وطننا، عاصرنا الطائفية والقاعدة وعصابات داعش الارهابية، ومؤسستنا هي الاولى في ايصال الحدث اولا بأول للمواطن عبر شاشاتها ومديرياتها، واذا لم تُستجب مطالبنا  فلن نستسلم ابداً الى حين اقرار الحق لمن يستحقونه". اما الموظف رعد السلطاني فأكد "ان وقفتنا مهنية وسلمية، لكوننا الجهة الاعلامية التي تربط الشعب بحكومته من خلال الاعلام، ولا بد لنا أن نقول كلمتنا في استحصال الحقوق، وما هذه الوقفة الا بداية مسيرة الحق لمطالبنا".
 
صولة الإعلام
حمل الموظفون كل ما يستطيعون حمله في مسيرتهم الى ارض المرسلات، نساءهم واطفالهم وطعامهم، فمن يراهم سيقول حتما انهم يسيرون نحو مساكنهم، تشاركوا الهتافات والتزموا بآمالهم في تحقيق الحلم، الموظف في مجمع الصحافة والنشر منذر زكي التحق بزملائه مع زوجته واطفاله حاملين الطعام لاخوتهم، اذ قال زكي: "ما ان جلست على الارض الا واحسست بأنني اجلس في منزلي، لذلك كلي امل بأن يكون هذا المكان هو مسكني المقبل واسرتي، تشاركنا وزملاؤنا الطعام، ونحن واثقون من قدرة الله على تحقيق ما نصبو اليه".
وسام عبد الواحد سكرتير تحرير جريدة "الصباح" كان له دور في تحفيز زملائه للمشاركة في هذا المحفل، اذ اكد "ان الحقوق تؤخذ ولا تعطى في العراق، ولابد للعالم أن يعرف أن صوت الاعلام لا  يعلو عليه صوت، وسنأخذ حقنا مهما كان الطريق صعباً".
اما محمد خليل وكرار النمر الموظفان في الموقع الالكتروني لصحيفة "الصباح"، فقد قرر كلاهما المسير نحو ارض الآمال بعد أن حرما من النوم بسبب عملهما الذي يبدأ منذ منتصف الليل، قال كرار وعيناه قد ذبلتا "لم تمنعنا قلة النوم ولا انعدام الراحة من المسير في طريق المطالبة بحقوقنا، ولانه الحق الشرعي الذي كفله الدستور، جئنا لنطالب به على هذه البقعة، وسنعيد الكرة حتما وبقوة اذا تأخر تنفيذ مطالبنا".
يشد على يديهما الموظف سليم الموسوي مؤكدا "سنمضي في هذا الطريق الى نهايته، وانا متيقن بأن الله سيوفق سعينا في مطلبنا الحق، فاطفالنا ينتظرون هذه الفرحة بعد معاناتهم من التنقل من منزل الى آخر".