حوار بمستوى الناس

منصة 2021/03/23
...

قيس قاسم العجرش
 
مفردات وقضايا عميقة ومهمة مثل؛ «المصالحة، الإصلاح، السيادة، التعديلات الدستورية، السلاح خارج إطار الدولة.. الخ»، بالتأكيد لها ما يبرر وجودها على أول صفحة في محضر كل لقاء سياسي مهما كانت أطرافه.
ومبرر أيضًا وجودها على رأس نشرات الأخبار، وعلى طاولة البرامج الحوارية. 
لكن (بطل الزيت الطعام)، حين يرتفع سعره في السوق المحلية، وبنسبة تؤثر في خريطة مصاريف الأسرة، فهو موضوع آخر لا يمكن أنْ نصفه بأنه هامشي أو ثانوي.
الأمن الغذائي الأسري هو مسألة حساسة للغاية، مهما قلنا عنه إنها تفصيلي، ومهما وصفناه بأنه ملف غير ملحٍ في حياة الناس. إنه ملفٌ مكتوبٌ على صفحات من ورق سريع التمزّق والتبعثر. ويؤدي في معظم الأحيان الى نشر مشاعر قلق ربما تكون أكبر من واقع ما نحتاجه فعليًا إزاء هذه التفصيلة.
صحيح، وبكل المقاييس، إنَّ رفاه السلّة الغذائية للفرد العراقي اليوم هي أفضل بما لا يقارن مع حالها قبل عقدين أو ثلاثة. لكنَّ المشكلة تكمن في أنَّ المقارنة لم تعد حاضرة بين حاضرنا الراهن من جهة، وبين تلك العقود التي مضت ولا أحد يرغب بأنْ تعود ثانية.
الغلاء في الأسعار فرض وجوده طبيعيًا عبر هذه المفردة أو غيرها، لكن ما هو (غير طبيعي)، ألا يحسب أحد حسابًا للنتائج الطبيعية لهذا الفارق. 
ولنتذكر أنَّ أسوأ التغيرات التي شهدها العراقيون هي تلك التي تأتي من تراكمات طويلة العهد. مكمن الخطر هنا ليس في التهديد البائن لمائدة طعام الناس، إنما في عدم الاكتراث لوجود هكذا تهديد والنظر إليه على أنه سيكون مقبولًا مع مرور الأيام.