رئيس الجمهورية يفتتح معرض بغداد الدولي للكتاب

ثقافة 2019/02/08
...

امجد ياسين/ ابتهال بليبل
تصوير/ رغيب اموري
افتتح السيد رئيس الجمهورية د. برهم صالح يوم اول امس الخميس السابع من شباط الحالي 2019  معرض بغداد الدولي للكتاب على ارض معرض بغداد الدولي وسط حضور رسمي وشعبي كبيرين، يتقدمهم ممثل رئيس الوزراء السيد وزير الثقافة عبد الامير الحمداني وممثلو عدد من الهيئات الدبلوماسية في العراق والشخصيات الثقافة والادبية العربية والعراقية. بدأ الحفل بكلمة رئيس  اتحاد الناشرين العراقيين الاستاذ عبد الوهاب الراضي، والتي رحب فيها بضيوف المعرض قائلا: ان بغداد حاضرة العراق، بغداد العز هي شاغلة الدنيا ومحط انظار العالم ومنها تفوح رائحة المعرفة وتتلألأ اشعة الابداع، مشيدا بدور الجهات الرسمية متمثلة بوزارة الثقافة وباقي الجهات الساند والداعمة للمعرض، وفي مقدمتهم شبكة الاعلام العراقي ومحافظ البنك المركزي.. متمنيا النجاح والتوفيق لجميع المشاركين، ومثنيا على قرار تخفيض الضريبة المضافة على استيراد الكتاب العراقي لما لها من دور في تعزيز صناعة الكتاب العراقي. ثم قرأ السيد رئيس الجمهورية كلمته التي حيا فيها ضيوف معرض الكتاب معتبرا: مشاركتكم في المعرض مساهمة حيوية فعالة الى جانب زملائكم الكتاب والادباء العراقيين، مضيفاً، ان تاريخ بغداد دائما يؤكد الصلة بالكتاب وبحضارة الكتاب، لم يقف هذا فقط عند الماضي، عند بغداد حاضرة الدولة العباسية وعصرها الذهبي وبيت الحكمة وسوق الوراقين ومجالس العلم والادباء ومدارس الجدل الفكري في جوامعها وجامعتها .. والتي اضحت سوقا اساسية للكتاب في العالم العربي .
 بغداد اليوم سوق كبيرة للكتاب، وهي بكتابها ومفكريها منتج حيوي للكتاب، وها هي الآن في طور متنام لصناعة الكتاب ونشره وتوزيعه، وقدر هذه المدينة انها مركز حي مابين الشرق والغرب، علي ايدي مفكريها ومترجميها جرى نقل وتفاعل المعارف والعلوم بين شرق الارض وغربها، وبخزائن كتبها تم حفظ التراث الانساني .. هكذا اسهمت بغداد بصنع المدنية وهكذا كانت منارا للابداع، ويجب ان تواصل اسهامها الحضاري، ولا بناء ولا ثقافة بدون دور حيوي للمثقفين والكتاب .
 تمنياتي ان تكون ايام المعرض مناسبة لتعزيز الفكر والثقافة ولتقدير الحاجة المتنامية للكتاب وحرية انتقاله وتداوله بما يعزز حضارة الانسان وتقدمها ورفعتها وتعزيز الحياة المدنية في بغداد . مشيدا  بقرار رئيس مجلس الوزراء السيد عادل عبد المهدي قبل ايام باعفاء الكتاب المستورد من الضريبة، وسنطمح من اجل اعفاء ضريبي كامل للكتاب المستورد.
كما اشار د. برهم صالح: الى ان حرية التعبير مكفولة دستوريا، وان الافكار تقابلها الافكار لا المنع والقسوة.. ومهم جدا في هذه الظروف مواجهة الفكر المتطرف وعزله . وان الحياة السياسية في العراق في مرحلة التحول، ويجب معها تعزيز الانتصار على الارهاب والعنف بالمزيد من الاصلاحات والاجراءات التي تجعل منه نصرا حاسما.. ويكمن هذا عبر الاجراءات الترفيهية والتشريعية والمبادرات الاجتماعية والثقافية.
كما تطرق صالح، الى جريمة اغتيال الكاتب علاء مشذوب قائلا: اقف هنا بأسف واستنكار شديدين ازاء جريمة اغتيال الكاتب الراحل علاء مشذوب، هذه الجريمة تفرض علينا كمسؤولين ومجتمع العمل بجهد استثنائي لكشف الجناة والقبض عليهم واحالتهم للعدالة، والعمل بجهد فاعل امنيا واستخباراتيا وسياسيا واجتماعيا بان تكون هذه الجريمة دافعا اخر لاجتثاث العنف والارهاب من العراق. ليختتم حديثه بتحية كل الجهود التي اسهمت في هذا اللقاء الحضاري على ارض بغداد .
 
اشاعة روح الثقافة
كما قرأ السيد وزير الثقافة عبد الامير الحمداني  كلمة رئيس الوزاء عادل عبد المهدي، وجاء فيها: انقل لكم تحيات رئيس الوزراء وامنياته لكم بالتوفيق، وبالامس اصدرنا قرارا بتخفيض الرسوم الجمركية على الكتاب المستورد وكان له صدى طيب في حجم المشاركة واشاعة روح الثقافة في العراق، باسمكم جميعا دعونا نطلق اسم شهيد الثقافة علاء مشذوب على هذه الدورة من معرض بغداد الدولي للكتاب تكريما لروحه وتضامنا مع جميع الادباء والفنانين .
 واشار الحمداني الى ان وزارة الثقافة داعمة ومساندة لجميع المثقفين والادباء.. وسيكون للمثقف دور حيوي في رسم السياسة الثقافية في البلاد، وستتحول وزارة الثقافة بدعمكم وجهودكم من وزارة موظفين الى وزارة مثقفين وهذا عهد قطعته على نفسي. كما اكد، اننا مع الادب والفن  والمسرح الجاد ومع كل ما ينهض ويسلط الضوء على الجوانب المشرقة والمضيئة في الشخصية العراقية، ونؤمن ان العراق الذي صنع الحضارة في الالف الخامس قادر على ان يصنع الحياة من جديد، وان خطة الوزارة تركز على دعامتين اساسيتين هما تعزيز الثقة بالشخصية العراقية و تعزيز الهوية الثقافية العراقية الجامعة، دعونا نبحث عن مظلة ثقافية يستظل بها الجميع مع الاعتزاز بالهويات الاخرى، لكننا نعتقد ان المظلة الثقافية هي الجامعة. واختتم كلمته بالترحيب بالضيوف الكرام .
 
ضيف شرف المعرض 
تنقلت"الصباح" في اروقة المعرض المكتظة بالحضور وبدور النشر التي تتسابق في عرض اصداراتها لضيوف المعرض،  والتقت بعدد من دور النشر العربية والعراقية، كان اولها اتحاد الناشرين السعوديين ضيف شرف معرض بغداد الدولي للكتاب 2019، اذ تحدث الاستاذ صالح زمانان مدير الشؤون بمركز البحوث والتواصل المعرفي،قائلاً: هي المشاركة الثانية للمركز على التوالي في معرض بغداد الدولي للكتاب، تحقيقا لاحد اهداف المركز وهي مد جسور التواصل مع الشعوب والمؤسسات، لاسيما العراق الشقيق، فنحن مهتمزن جدا بتوسع مشاركاتنا  على المستوى الثقافي عبر جناح المركز مع الكتاب والباحثين والمثقفين والقراء العراقيين، واضاف، لدينا اكثر من خمسين عنوانا جديدا منها اثنان لكتاب عراقيين، وان اخر اصدار للمركز هو كتاب العلاقات العراقية الالمانية في الاربعينيات – دراسة تاريخية. وعن حضور الساحة الثقافية السعودية في العراق، أكد زمانان، على مستوى الثقافة والمثقفين، فلا شك ان العلاقات موجودة لم تنقطع يوماً، وكل ما نتمناه ان يكون هناك اتصال ناجع بين المؤسسات عن طريق الفعاليات والانتاج المشترك سواء في بغداد وباقي مدن العراق او في الرياض وباقي مدن المملكة، وان كل من في المملكة، افرادا او مؤسسات متجه نحو العراق الذي يمثل امتدادنا العروبي والاخوي والاسلامي .
 
دور نشر عربية وعراقية
وعن مشاركة دار الشؤون الثقافية في المعرض، تحدث الاستاذ عامر غازي مدير العلاقات واعلام دار الشؤون الثقافية العامة في وزارة الثقافة، شاركنا بـ 750 عنوانا في مختلف صنوف المعرفة والابداع، فضلا عن المجلات الثقافية التي تصدرها الدار مثل: مجلة التراث الشعبي، والاقلام، والمورد، والثقافة الاجنبية، والتركمانية، ومجلة الموسوعة الثقافية. وعن قرار تخفيض الضريبة وانعكاسه على الكتاب العراقي، اوضح غازي، اسهم القرار في زيادة اقبال الدول ودور النشر على المشاركة في دورة هذا العام وبالتالي انعكس ايجابا على القارئ العراقي عن طريق تخفيض سعر الكتاب وكثرة الاقبال، ومساهمة من الدار في دعم الثقافة والقارئ تم تقديم خصم اربعين بالمئة على جميع اصدارات الدار الجديدة، وستين بالمئة على اصدارات الدار 
القديمة.
ومن مصر ايضا، تحدثت سلوى السعيد من دار مصر العربية للنشر والتوزيع،عن مشاركة الدار الاولى في المعرض باكثر من 300 عنوان،  شكل الجديد فيها 20 بالمئة  توزعت بين الفلسفة الدينية والترجمة وكتب الادب، كما اشارت السعيد الى ان الضريبة المضافة ادت الى زيادة اسعار الشحن الى العراق وبالتالي زيادة سعر الكتاب على القارئ العراقي مقارنة بسعره في مصر، واضافت السعيد، ان مصر تشهد الآن طفرة في صناعة الكتاب على مستوى جودة الطباعة والمحتوى، وان اسعار الكتاب المصري اصبحت تنافس اسعار الكتاب اللبناني في العراق بل واقل منه، وتأمل ان تخفض الضريبة او تلغى نهائيا، لان صناعة الكتاب تعاني من ازمات كثيرة في مقدمتها التزوير وغياب حقوق الملكية الفكرية.
 ومن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر في لبنان، تحدث ممثل الشركة نضال صافي: مشاركاتنا دائمة في المعرض، وهذه السنة قدمنا 600 عنوان فضلا عن اصدارات المركز الاكاديمي وهي  اكثر من 120 عنوانا، سنويا اكثر من 60 عنوانا جديدا تضاف لاصداراتنا، توزعت بين الرواية والترجمة لكتاب عالمين، اخرها كتاب “العاصفة” للكاتب لوكليزيو الذي يتميز بالرواية القصيرة، وباولو كويلو، وكتاب ” نار وغضب”  للرئيس الاميريكي ترامب، وكتاب مذكرات هلاري كلنتون ومذكرات نيلسون مانديلا، فضلا عن الكتب الحياتية والطبية والتاريخية والدينية وبعض عناوين لكتب الاطفال. وعن اسعار الكتب، اكد صافي، ان الدار تدرس السوق جيدا وتقدم اسعارها تبعا لذلك، وان معدل سعر الكتاب الان بين 8 الى 15 دولارا وهذا يعتمد على نوعية الكتاب، اذا تعد اسعار الكتب المترجمة اغلى بسبب حقوق الملكية للدار الاصلية .
 
السرد وتشكيل الذاكرة الثقافية
استضافت إدارة معرض الكتاب في يومه الاول الناقد الدكتور سعيد الغانمي في ندوة بعنوان" السرد وتشكيل الذاكرة الثقافية، من ملحمة جلجامش حتى المقامات" بحضور عدد كبير من الادباء والإعلاميين والمثقفين من جمهور المعرض.  
الندوة التي بدأت في الساعة الخامسة مساء تحدث فيها الغانمي عن الاثار التي يحييها السرد في تشكيل المجتمع، قائلا، إن أقوى ما في السرد هي الوقائع الحقيقية والحوادث اليومية، التي تتراكم عبر الأزمنة وتنتشر.
وطرح خلال حديثه سؤالا عن الهوية الذي دائما ما يكون سؤالاً مأزوما وشاملا، إذ ما من أحد يسأل من أنا؟، الا إذا كان قد تعرض إلى صدمة أو فقد ذاكرته، لان سؤال - من أنا- يفترض نسيان الماضي أثر تعرض ذاكرة الشخص إلى صدمة.. مشيرا إلى أن سؤال الهوية هو دائما سؤال مأزوم، يحتفظ الانسان بذاكرته فيحتفظ بهويته. وتناول الغانمي أيضا السؤال المعني بالذاكرة: كيف يحتفظ الانسان بذاكرته؟ وأجاب نفسه: من خلال مرويات يستعيدها في ذاكرته والتي هي مخزونة من حكايات تتكون هوية يمكن أن نسميها بالهوية السردية والتي هي بالأساس مجموعة حكايات عن المستوى الفردي لكل واحد منا، الهوية السردية للمجتمع أيضا تتكون من خلال رواية هذا المجتمع لحكاياته ومروياته الكبرى التي تشكل ثقافته. 
ومن هنا نجد أن برواية الحكايات التأسيسية الكبرى يُكون المجتمع ذاكرة ثقافية تتعدى حدود الافراد وتفرض نفسها بقوة السرد وتكرارها يترسخ بالذاكرة الجماعية للمجتمع وتصبح شرطا من شروط وجوده، المرويات السردية في الحقيقة نوع من المُكون الناتج للمجتمع ولكنها في الوقت نفسه هي تكون هذا المجتمع لأنه بتكرارها يعيد نفسه وهويته الاجتماعية. وركز الغانمي على الذاكرة الثقافية التي يستعيدها السرد ويكررها، وكيف أنها مجموعة من القيم الرمزية التي تنتقل بقدر المرويات السردية.  وتحدث عن ملحمة جلجامش وتشكيلها مفصلا تاريخيا في وعي الانسان لذاته، وقال إنها تنتمي إلى منظومة ثقافية مختلفة تماما عن المنظومة الثقافية التي نعيشها الآن، ولكن ما أعدنا فحص مفهوم الملحمة في ذلك الوقت، فسوف نجد أنها تقوم في الدور نفسه ولكن بعصر آخر نسميه العصر الأسطوري. 
هذه الملحمة في ذلك الوقت كان بطلها ليس بآلهة وليس بإنسان، هو بمرحلة بين بين، ليس بإله لأنه سوف يموت، والالهة تمتلك الحياة الأبدية، وليس بإنسان خالص، لأنه يستطيع أن يقوم بأعمال خارقة، يستطيع ان يخترق العالم السفلي ثم يمتك القدرة على العودة، والقدرة على اختراق الموت وحاجز الزمن
وظيفة الملحمة – حسب الغانمي - هي أن تصنع بطلا اسطوريا، وهذا البطل ينتمي إلى زمان مطلق وليس الزمن العادي، وليس الزمن الاجتماعي كما هو الحال في نصوصنا السردية الان. 
 
حفل توقيع
كما وقد نظمت دار معنى للنشر والتوزيع في الساعة السادسة مساء الخميس -حفل توقيع- كتاب {ديمقراطية.. بكعب عال} للكاتب والمخرج العراقي كاظم نصار، وهو كتابات ساخرة عن القاع المجتمعي العراقي. 
وكان حفل إطلاق كتاب (الديوان الغربي للشاعر الشرقي) ببغداد يوم امس الجمعة في جناح دار المتوسط للنشر في الساعة الثانية ظهراً، كما شهد جناح الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق حفل توقيع رواية الكاتبة لمياء الآلوسي "صيادو الريح". 
أما منهاج اليوم السبت، ثالث أيام المعرض، فسيكون متنوعاً وغنياً. ففي مساء الرابعة سيكون حفل توقيع رواية" ترتر" للروائي نزار عبد الستار في جناح دار الحكمة، وكذلك ستكون محاضرة بعنوان " العراق في كتابات المستشرقين " للدكتور إبراهيم العلاف، أما في مساء السادسة ستكون جلسة احتفاء بالروائي سنان أنطوان.