أحلام كارتونيَّة

ثقافة 2021/04/01
...

  سهى الطائي
 حين يغمرنا الماضي بذكرياته وتأخذنا أفكارنا بعيدا الى سنين ولت من دون عودة بأحداث جميلة وذكريات عطره مضت، لا وجود لها إلا بمخيّلتنا وحبل أفكارنا الذي نفض غباره بلحظة نسمة عبير مرت فشممناها، وتذكر سعيد لما عشناه سابقا.
فتسبقنا دمعة سعيدة للتذكر فتندرج أمامنا قصص شاهدناها بطفولتنا وعبر رأيناها برسوم متحركة حركت فينا كل شيء من مشاعر وأحاسيس من خوف ورجاء، وزرعت فينا فطرة الخير وأخذتنا بعيدا حيث مدن الخيال والصحبة الطيبة، والأمل الواسع، وغريزة حب الوطن والدفاع عنه، عاصرنا برسومات متحركة البنت الشجاعة التي جابهت الظروف القاسية والرجل النبيل الذي يقدم للآخرين من دون انتظار الشكر، فكم تمنينا حينها أن نقتل "شرشبيل" الذي طالما هَجّر السنافر، وكم منا من تمنى أن يصبح ذاك "السنفور العبقري" الذي يسعف الآخرين من كيد شرشبيل، وكم من طفل تمنى أن يركض بالكرة بعيدا "ككابتن ماجد" ليضعها بشباك الخصم لكن طريقه كان طويلا جدا كالملعب الذي لا ينتهي ليحرز الهدف بضربة لولبية انقلبت ضده فاحرزوا على فريقه بدل أن يصبح هو بطل المباراة بهذه الحياة، كم خفنا يوما حين شاهدنا "ماجد اللعبة الخشبية" وأنفه يطول ويطول حين يكذب فأثرنا التواجد في منطقة الصدق خوفا من الفضيحة، يراودنا شعور قد يساوي خوف "سالي" حين علمت أن أباها قد مات بعد أن خسر أمواله وكم وسوس لنا الشيطان بمصير كمصيرها، تغير الحال، انقلاب الأحباب، ظهور الأعداء، ومعاملة سيئة توازي ظلم "الآنسة منشنت" لها، فكم علمنا حينها أن (المكر السيئ يحيق بأهله) كما فعل "نيلز" بالحيوانات حين كان شريرا فكان عقابه أن يصغر ويصبح قزما ليتعلم معنى الإنسانية من أسراب طيور أخذته لتعطيه الدرس بعد رسوبه بكل معاني الشفقة، حتى أدركنا حينها أن لا شيء مجانيا بهذه الحياة وكل شيء ستدفع ثمنه من عمرك وسنينك، وأننا مهما قدمنا الخير لمن حولنا لم نستطع أن نكون "كعدنان" واصبع قدمه الخارق الذي قد يسعفه لإنقاذ "لينا" حبيبة القلب، الكثير منا كان رجاؤه الأوحد أن يصبح كالسندباد يهاجر ويسافر ويقطع المسافات ويتاجر بأمواله ليرى العالم كله أخلاق التاجر البغدادي الذي سبقت صفاته تجارته، ربما أنا الوحيدة التي تمنت أن تكون ضمن الشعوب التي قصت حكاياتها حتى وان كانت تقطن في تلك الجزيرة الغارقة التي تظهر كل حين، أدركنا جميعنا الهمم العالية التي كنا نُشحن بها في رؤية قصص معبرة وأخرى معززة للنفس منحتنا الثقة من دون أن نعرف واكتسبنا منها الصبر من دون شعور وزرعت فينا حب الارض وصون العرض لنجد أنفسنا "كجريندايز" حين يتطلب الأمر الذي يتحول لمدافع عن الارض يقتل الغزاة في الفضاء ليحقق الأمن لمدينته، كنا نرى الكثير من هذه الرسوم التي كانت تقطر بالمعاني الجميلة، حملت لنا بطياتها نكهة البراءة التي نكاد لا نراها اليوم بوجوه أبنائنا.. كبرنا وكبر كل شيء فينا همومنا أمانينا رجاؤنا خوفنا، أصبحنا نتمنى لأطفالنا أن يعيشوا طفولتهم بلحظاتها الجميلة وصرنا نُعلمهم كيف يمرحون ويستمتعون بكل لحظة قبل أن يسحب بساط الطفولة من تحت أقدامهم فيقعون في "حفرة البلوغ" ويدركون حينها أن لا عودة للخلف بالتفاتة الإبحار على ضفاف الماضي وبالرجوع لأيام خلت وتفاصيل اشتقنا لها وبقوة إلا بعصف الذكريات!.