من المؤكد أن
15 %
من حجم التجارة
العالميَّة يمرُّ حالياً عبر
قناة السويس، لكن
حادثة (ايفرغيفن) لن
تمر بلا تأثير على مسارات
هذه التجارة. وسرعان ما
سيبحث الاقتصاد العالمي عن تأمينٍ إضافي لوجود هذه القناة.
نصف السفن التي تخرج من ميناءي نيويورك ونيوجيرسي ينتهي بها المصاف الى أنْ تمرَّ عبر القناة. والثابت أيضاً أنَّ هناك ما قيمته 10 مليارات دولار من البضائع والمنتجات تمرّ عبر القناة يومياً. لكنَّ الخبراء الاقتصاد كتبوا خلال أزمة جنوح السفينة (أيفرغيفن) في القناة عما أسموه (نقطة التحويل المجدية اقتصاديا/ OCCP)، وهي تعني أنَّ هناك نقطة في مسار السفن المنطلقة من الشرق باتجاه الغرب، أو بالعكس، يمكن عندها تحويل مسار السفينة، عبر ميناءٍ آخر، ثم انتهاج خيار النقل البري، قبل أنْ تتعطل فعلياً في البحر الأحمر بانتظار إخلاء القناة.
وفي اللحظة التي ستختار شركات النقل اعتماد بديل (OCCP)، ستكون خارطة الموانئ القريبة والطرق البرية الأفضل مطروحة كمسارٍ بديلٍ، ومن بين هذه الطرق، هو الجسر القاري الذي يبدأ من الكويت أو الفاو، وينتهي عند موانئ العقبة الأردني، أو مرفأ بيروت، أو طرطوس السوري، أو الموانئ التركيَّة جميعها، وصولاً الى البحر الأبيض المتوسط لإعادة الشحن.
هذا المسار البديل لم يكن مخفياً، إلا أنَّ أزمة ايفرغيفن جعلته يخرج الى واجهة لوحات التخطيط مجدداً.
والأرقام هنا تطرحُ نفسها، إذ إنَّ ميناء الفاو، عبر طاقة استيعابيَّة متوقعة قد تصل الى 100 مليون طن سنوياً (لن تكون الحصة المحلية منها أكثر من 40 % في حال عمل الميناء بالطاقة القصوى)، من الممكن أنْ يكون نقطة جذب مفضلة للمسارات الناقلة. لا سيما أنَّ المسافة البريَّة منه وصولاً الى ميناء العقبة، أو الحدود الأردنيَّة يمكن وصفها بأنها هي الأقصر في الربط البري عبر قارات آسيا وأفريقيا، وهي الأقصر برياً بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، بمعدل 1200 كلم فقط. يعني، أنَّ ما ينقل في يومٍ واحدٍ برياً، تنقله السفن في أسبوعين عبر الالتفاف أو الانتظار في حال ازدحمت قناة السويس أو توقفت كما حصل فعلياً.
وإذا كانت روسيا قد أعادت طرح المسار القطبي وتشغيل كاسحاتها الجليديَّة النوويَّة بوصفه مساراً بديلاً لنقل الغاز من الشرق الى الغرب أو حتى البترول والبضائع، فإنَّ الجسر البري الذي يربط ميناء الفاو بموانئ البحر الأبيض المتوسط ما زال أسرع وأقل كلفة.
تبقى مسألة (إغراء) النقل الدولي ليتخذ من المسار العراقي مساراً سانداً، وهو أمرٌ ستتحمله كلفة البنى التحتيَّة العراقيَّة وتهيئة مسارات السكك الحديد الساندة. وستضع كل التسهيلات، بما فيها تسهيلات مطار البصرة الدولي كنقطة تواصل للشحن الجوي، محل التساؤل ما لم تخضع لاستثمارٍ مدروسٍ ورؤية ترى أبعد بكثيرٍ من الانغلاق المؤقت لقناة السويس نتيجة حادثة معينة.