نوال السعداوي وشجاعة التفكير

منصة 2021/04/07
...

فردوس العطار
 
سألني أحدهم هل تعرفين الكاتبة نوال السعداوي؟ قلت: كلا، لم أسمع بها. عندها ناولني بعضاً من مؤلفاتها، رحتُ أقلّب الصفحة تلو الأخرى، دُهشت من صراحتها وجرأتها حيال قضايا المرأة  التي بدأت بالكتابة عنها باكراً واستمرت حتى أواخر حياتها. 
حصل ذلك عام 2007م، ثم غابت عن ذهني سنوات عدّة لتعود الى الذاكرة بعد رحيلها في 21 آذار/ 2021، عن عمر ناهز الـ (90) 
عاماً.
أمضيت ساعات في البحث والقراءة ومتابعة الحوارات التلفزيونيَّة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ورصدتُ من أحاديثها وكتاباتها التي تعدّ بمثابة مفتاح لمن يعشق الكتابة والتعبير عن الذات، فتقول: إنها تشعر بالسعادة لأنها تكتب، وإذ إنَّ الكتابة تعبيرٌ عن الفرح والحزن، وإنَّ جزءاً منها موهبة وجزءاً  آخر آلام، والآلام تقوّي الموهبة. وتضيف: نحن نكرر ولا نفكر، وإنَّ الثقافة والتعلم حوّلت الشعوب الى ناقلين، والنقل ليس إبداعاً؛ الإبداع أنْ نفكر بصدقٍ، وأن نكتب شيئاً جديداً. كما تعتقد أنَّ الصدق في عالم يكذب أمرٌ مخيف، وأن السعادة لها ارتباط وثيق بالعدالة، وأنْ تأخذ المرأة حقها وكرامتها في المجتمع فهي السعادة الحقيقيَّة.
ما لفت انتباهي في متابعة كتابات السعداوي وسيرتها، أنها تحرّض المرأة على إعمال العقل دون إلغائه، وترفض الطاعة لأنَّ الطاعة حسب قولها ضدّ الإبداع . وتدعو لاحترام القانون وليس طاعة القانون، كي لا تعيش الأمة في فوضى من جهة، ومن جهة أخرى تؤمن بالثورة لكسر 
القانون.
لا يهمني ما قيل عنها إنها من الشخصيات المثيرة للجدل، والناقدة للسلطة، حيث حُكم عليها بالسجن في عهد الرئيس السادات، وإنها تتجه بكلّ قوّتها الى اليسار، وغيرها. فالدرس المستفاد من تجربة السعداوي أنها تعرب عن رفضها خفوت الصوت النسائي المطالب بالعدالة، والسكوت عن الذلّ، وأنَّ شرف الإنسان سواء كان لرجل أو لامرأة هو صدق التفكير، صدق الإحساس والأفعال، فالإنسان الشريف لا يعيش حياة مزدوجة واحدة
في العلانية وأخرى في الخفاء.
كذلك وجدتها كثيرة التبسّم مع كل معاناتها من عداء الرجل أو المرأة لها، حتى في أيام سجنها تضحك، فهي تحب الضحك والفرح لأنه يعطي قوة وأملاً كبيرين حسب قولها.
رحلت نوال السعداوي مخلفةً وراءها إرثاً فكريًا كبيراً، قاربَ الـ50 
مؤلفًا.