الخبز أو الديمقراطيَّة

منصة 2021/04/07
...

ربيع نادر
لو أتيح لأحدٍ أنْ يقارن علميًا بين درجة تعاطي الشارع العراقي مع أخبار مشروع (قانون الموازنة)، وتعاطيه مع تعديل قانون المحكمة الاتحاديَّة (القانونان مررا في البرلمان بشكلٍ متزامن)، بلا شك سنجد أنَّ الأول حظي باهتمامٍ أكبر بكثير من الثاني، بالرغم من اتصاله بشكل النظام السياسي الحاكم. وهو يعدُّ من أهم ركائز استكمال مؤسسات الدولة ما بعد 2003. الفارق هنا، أنَّ الأول يتعلق بعيش الناس ومدخولاتهم ولا شيء أهم من ذلك.
هذا المثال العراقي، سيساعدنا على تلمّس التغيير الحاصل في سلم المؤثرات الرئيسة الكبرى (السياسيَّة، الاقتصاديَّة، الدينيَّة) على خيارات الناس. وهو تغيير تتأتى أهميته من تحكّمه بطبيعة الأشكال السياسيَّة الحاكمة، أو على الأقل أنه سيفصل في استقرار الحكم من عدمه.
أي أنَّ الاهتمام بما يتعلق بالاقتصاد على حساب كل ما هو سياسي، يعني بصراحة أننا أمام مرحلة ربما لم تحدث سابقًا يكون فيها الاقتصاد متحكماً بالسياسة وليس العكس.
ندرة فرص العمل، وتهالك الاقتصاد، وما أضافته أزمة كورونا هي التي تثير اليوم القلاقل في لبنان وتهدد كل نظامه السياسي وليس شيئاً آخر، وهي ذاتها تشكل عاملاً مساعداً لكل من يفكر في قلب نظام الحكم في الأردن وغيره من البلدان التي تعاني وطأة أزمات العيش!.
إنها مرحلة المواجهات الاقتصاديَّة بلا منازع. والغلبة ستكون فيها لمن ضمِن الاستقرار الداخلي، وهذا لن يحصل ما لم تتراجع نسب البطالة، وإنتاج أفضل صيغة ممكنة لتوزيع الثروات بما لا يخدش العدالة.
أما بقاء هذا الاهتزاز الاقتصادي فهذا قد يؤدي إلى إعادة النظر في فهم (شرعيَّة الحكم)، ولن تكون الديمقراطيَّة وحدها من يمنح الحاكم صك البقاء، الاقتصاد الناجح ربما يكون لوحده قادراً على ذلك. وقتها ستكون فُرص العمل أهم من الحرية!.