بلاسم محمد.. الإنسان والمعلم والمصمم

منصة 2021/04/13
...

د. معتز عناد غزوان
 
عندما كنت أسير خلف نعشك، بدأت تتعاقب الذكريات والمواقف الجميلة والرائعة وأحسست أنني أصبت بصدمة كبيرة أفقدتني حاسة السمع حتى لم أكن أسمع أصوات الجوق الموسيقي الجنائزي وبكاء الأحبة والأصدقاء، بل اكتفت بصيرتي بمشاهدتهم وبحركاتهم وبنعشك الكبير وهو يحمل على أكتاف محبيك وتلامذتك وأصدقائك النبلاء... وخلال تلك المسيرة الجنائزية المؤلمة بفقدك وجدتك مبتسماً كعادتك وسمعت صوتك وطريقة حديثك لحكاية مرح جميل بريء.. إنها علاقة تمتد نحو زمان خير وعطاء وعلم ومثابرة وإبداع لا نظير له.. إنه الفنان والأستاذ والصديق النبيل والمعلم الدكتور بلاسم 
محمد.
كيف أرثيك وأنت من يعشق الحياة مستبشراً متفائلاً دائماً، لا منال للكدر والغم منك شيئاً، لأنك كنت مؤمناً بأنَّ الحياة يجب أنْ تستمر، وأنَّ الإنسان – ولا سيما الإنسان المثقف - قادر على أنْ يغير من سلبياتها نحو إيجابيات تؤمن بالحرية والإنسانية والتواضع ومحبة الآخرين وعدم التعالي والتصنع الخالي والبالي... إنك الباحث عن لوحة (عراق) بالألوان الجميلة، ألوان السعادة والتفاؤل، المحبة 
والمخلصة.
أستاذي يا سيد اللون فدفء ألوانك وسيمياء رموزك وأشكالك المتوارية بخجل جميل بسام رقيق باقية فينا تشدنا نحو لحظات الفرح والسعادة بعيداً عن الظلام والحزن، ألوانك سيدي لم تكن ألواناً صنعتها المصانع بل إنها ألوانٌ صنعتها أنتَ بما تملكه من رؤى وفكر يتماهى مع أفكار عالية وخارقة.. تجاوزت الأحلام. 
هذه القراءة البصرية تدعونا الى الولوج نحو بلاسم محمد مصمماً كرافيكياً مبدعاً أسهمت أفكاره في تطور حركة التصميم الكرافيكي العراقي بشكلٍ خاص، لقد برع هذا الكبير في اختطاط منهج جديد في التصميم الكرافيكي من خلال تراكمات التجربة والمران ومواكبة أحدث الوسائل الإخراجية والطباعية التي برع فيها وأجاد في إخراجها واستعمال معطياتها التقنية والجمالية ومؤثراتها البصرية.
ولج بلاسم محمد تلك العوالم الجديدة في مديات العلاقة المعقدة ما بين الجمهور والمضمون؛ أي بين التصميم ومتلقيه، إنها الإشكالية الكبيرة والصعبة في معالجة العديد من المشكلات المجتمعيَّة المختلفة في السلوك والتربية والتأثير من خلال ما تشكله عناصر التصميم، لا سيما التصميم الكرافيكي من خطوط وأشكال وألوان ومساحات وملمس. لقد جال في تلك العوالم السحرية والترويجية والتأثيرية في المجتمع بمختلف طبقاته بدءاً من مخاطبة ذهنية الأطفال حتى البالغين وغيرهم، إنها المعادلة الصعبة في تحقيق غايات الأجيال في التفاعل مع مفردات ومكونات الخطاب الكرافيكي بمختلف 
أهدافه.