السينما أكبر من هوليوود

منصة 2021/04/14
...

عفاف مطر
من منّا لا يحبُّ السينما؟ كلنا نحبُّ السينما، وإذا ما سألنا أنفسنا؛ أي فيلم بقي عالقاً في أذهاننا؟ من هو بطلنا المفضل؟ من هي الممثلة التي نفضلها دون غيرها؟ تلقائياً ستتجه كل الأجوبة نحو هوليوود؛ لكن هل يعني هذا أن السينما هي هوليوود؟ قطعاً لا، لكن؛ هوليوود هي التي تتربع على قمة الفن السابع، ذلك أنها تصرف ملايين من الدولارات توازي ميزانيات دول، على المؤثرات السمعية والبصرية، وفي أحيانٍ كثيرة يكون السبب هو، لتغطية ضعف المحتوى، والدليل على ذلك، أنه لو أخذنا أحد أفلام هوليوود، بشرط أن يكون حقق نجاحاً كبيراً، فلنأخذ مثلا، فيلم “المهمة المستحيلة”لتوم كروز، ولو جربنا في خيالنا أن ننزع عنه كل المؤثرات السمعية والبصرية، لاسيّما حين يطير توم كروز بالدراجة النارية بحركات دورانية بهلوانية، ترى؛ هل كان سيحقق النجاح والشهرة ذاته؟ قطعاً لا. منذ أربع أو خمس سنوات، شاهدت فيلماً بالصدفة، ولم يكن من انتاج هوليوود، واعجبني كثيراً، وشعرت أن هناك عالما آخر لم تكشف عنه هوليوود، ومن حينها وأنا أتجول بين السينمات العالمية، أعرج على السينما الأميركية الجنوبية، وأمكث قليلاً في السينما الألمانية، وأتطفل على السينما الآسيوية، وهكذا الى أن توصلت الى نتيجة خاصة بي أنا، ورتبت السينما في قائمة حسب ذوقي الخاص، وهي كالآتي: 
السينما الألمانية هي الفضلى بالنسبة لي، ذلك أنها سينما واقعية جداً، وحقيقية، وهذا ماتفتقده هوليوود، الحقيقة، ولأني أحبُّ الممثلة نينا هوس، سأطرح عليكم ثلاثة أفلام لها، لا تعدُّ هذه الأفلام هي من أروع ما مثلت نينا هوس فقط، بل تعدُّ من أفضل نتاجات السينما الألمانية، وهي بحسب ترتيبي انا: “إمرأة من برلين، فونيكس، بربارا”. أما في المرتبة الثانية تأتي السينما البريطانية، ولأني من عشاق والمتأثرين بالأدب الانجليزي أكثر من أي أدب آخر، ولأن السينما البريطانية منذ نشوئها وحتى يومنا هذا، اعتمدت بشكل كبير على الروايات الانجليزية، فهي تتميز بالعمق، ليس فقط بالمحتوى، ولكن كذلك على مستوى الحوار الذي يدور على لسان الشخصيات، بل وصل العمق الى (اللوكيشنات) المختارة لتصوير المشاهد فيها، والإضاءة، والموسيقى التصويرية... الخ، وهنا أذكر فيلم “مرتفعات ويذرنغ” المقتبس عن رواية تحت الاسم نفسه للروائية الانجليزية ايميلي برونتي، وفيلم “صورة دان جراي” للروائي العظيم الخالد أوسكار وايلد، كما يحضرني فيلم “المريض الانجليزي”، والقائمة أطول من أن 
تحصى.
 أما في المرتبة الثالثة فتأتي السينما الايطالية، وما أن نذكر السينما الايطالية، حتى يتسارع الى أذهاننا الفيلم الايطالي الاميركي الخالد “من أجل حفنة من الدولارات” ولكني سأذكر أيضاً فيلما يعدّ جوهرة من جواهر السينما الايطالية، وهو فيلم “مالينا” جسدت دور البطولة فيه أيقونة السينما الايطالية (مونيكا بيلوتشي). 
هذه قائمتي المفضلة، لكن هذا لا يعني أن باقي النتاج السينمائي العالمي ليس ذا أهمية، أبداً، ولكني اخترت الذي يتوافق وذائقتي، فعلى سبيل المثال تزخر السينما الاسبانية وأميركا اللاتينية والصينية وغيرها بأفلام رائعة، كما أن هناك سينمات تعجب شريحة واسعة من الجمهور العربي، كالفرنسية، لكني شخصياً أجدها سينما (مايعة) مثلها مثل الأدب الفرنسي، وهذا رأي شخصي، وهناك أيضاً السينما الروسية، لكني لا أحبّها ذلك أني أجدها سينما مؤدلجة مثل هوليوود في الكثير من الأحيان. 
وكي ألخص فكرتي، ادعوكم للتفكير بهذا المثال: هناك كتب كثيرة تباع على البسطات، أغلفتها ممزقة أو قديمة ومهترئة، وهناك كتب أغلفتها مصنوعة من المخمل، وحُفر عنوانها واسم المؤلف بحبر مذهب، وتوضع على رفوف في معارض مكيّفة، لكن؛ هل يعني هذا أن كتب المعارض أكثر قيمة من الكتب التي تباع على البسطة؟ 
أبداً، والدليل على ذلك بسطات الازبكية في مصر، المليئة بكتب قديمة ومستعملة لكنها ذات قيمة كبيرة، لا نجدها بأكبر المعارض. هذا المثال لو اسقطناه على هوليوود وباقي السينمات، سنجد أنه ليس من الضرورة أبدا أن السينما هي هوليوود، بل السينما أكبر من هوليوود. بيني وبينكم ليس كل ما يلمع 
ذهب.