معرض بغداد الدولي للكتاب: إشادة عربيَّة بالتنظيم ودعوات للانفتاح على العالم
ثقافة
2019/02/10
+A
-A
بغداد/ فريق العمل
تتواصل فعاليات معرض بغداد الدولي للكتاب وسط حضور جماهيري كبير انعكس ايجابا على اصحاب دور النشر العربية والعراقية الذين ثمنوا التنظيم الجيد والانسيابية في عملهم وتوفير كل متطلبات النجاح للمعرض من جهة وللزائر والمقتني من جهة اخرى، فاسعار الكتب في متناول الجميع وتنوعها وكم الاصدارات الجديدة التي حظي بها معرض بغداد جعلت منه قبلة للمثقف والعائلة العراقية. شكل المعرض تظاهرة ثقافية وفنية ومجتمعية وتنظيمية كبيرة ومتميزة تشهدها بغداد، هذا ما اكده الكثير من زوار المعرض ودور النشر المشاركة فيه. التقت "الصباح" بعدد من زوار المعرض كما تجولت في أروقته لتواكب أكثر من حفل توقيع وترصد فعاليات برنامجه اليومي.
المملكة العربية السعودية
احمد فهد الحمدان، رئيس جمعية الناشرين السعوديين، قال: "تشارك الجمعية بجناح مميز وهي ضيف شرف في معرض بغداد الدولي للكتاب لعام 2019، بوجود كوكبة من دور النشر السعودية، ويتضمن منهاجنا اليومي مجموعة نشاطات ثقافية لادباء ومثقفين سعوديين وسعوديات، وامسيات شعرية وندوات عن العلاقات التاريخية التي تربط المملكة العربية السعودية بشقيقتها الجمهورية العراقية، فضلا عن وجود ندوات تختص بمضمون العلاقات الدولية بين البلدين، كما يوجد جناح "العقيلات" والذي يختص بتجارة الابل في المملكة العربية السعودية التي تعود الى اكثر من مئة عام، ويوجد اكثر من 300 وثيقة وصورة في هذا الجناح لتوضح العلاقة الاقتصادية التي تربط بين البلدين الشقيقين.
واشاد الحمدان، بالتنظيم الحاصل في معرض بغداد الدولي للكتاب وبعدد الضيوف المقبلين على انتقاء الكتب، قائلا: "ليس بجديد أن نشاهد العراقيين يقتنون مجموعة كبيرة من الكتب الدينية والثقافية والعلمية، فالعراق بلد الفكر والادب، مبيّنا أنّه اشترى مجموعة كبيرة من الكتب والمؤلفات العراقية المختصة بالرواية والادب، والتي أعجبته وستزيّن مكتبته في الرياض".
جمهورية مصر العربية
فيما بيَّن حسن عبد الجواد، عن دار السلام للطباعة والنشر والترجمة- القاهرة، أنّهم لأول مرة يشاركون في معرض بغداد الدولي للكتاب، لكنهم كانوا يشاركون في معرض اربيل لسنوات خلت: "إقبالنا على "معرض بغداد الدولي للكتاب" جاء بعد الاشادة التي كنا نسمعها من اصحاب دور النشر المشاركة سابقا، فضلا عن متابعتنا المعرض من خلال نشاطاته الاعلامية في التلفزيون وصفحات السوشيل ميديا، موضحا، ان دار السلام تشارك بمجموعة من الكتب المختصة بالعلوم الشرعية والفقه والتفسيرات الاسلامية والمصاحف، فضلا عن الكتب اللغوية وبعض الكتب المختصة بالتنمية البشرية، والبالغ عددها الاجمالي ما يقرب من 1600 عنوان، لافتا بالرغم من ان بداية الاقبال على الشراء لاتزال ضعيفة، لكنهم سعداء بالحضور الواسع على "الكتاب" الذي يعد الاهم في تطوير بنية العقل البشري.
دولة الكويت
وفي السياق نفسه، أبدى عبد الله عماد، وكيل شركة ودار الابداع الفكري للنشر من الكويت في العراق، عن سعادته بمشاركته في معرض بغداد الدولي لسنتين متتاليتين، من خلال طرح 113 عنوانا تختص بالابداع والتخطيط والقيادة والتوعية الفكرية، متمنيا ان يرى في السنوات المقبلة مشاركة عربية وعالمية لاغلب دور النشر المهمة لأن العراقيين معروفون بانتقائهم للكتاب، فضلا عن ان بغداد فتحت يديها للجميع وعلى الجميع ان يبادلوا بغداد السلام فرحتهم من خلال الحضور والمشاركة.
عوالم الطفولة
الفنانة د.عواطف نعيم، عبرت عن سعادتها بما تراه من مشاركة واسعة من قبل دور النشر العربية وخصوصا وجود دور النشر الخليجية على راسهم المملكة العربية السعودية، قائلة: بعيدا عن المفاهيم السياسية، لكن السعودية هي ثقل عربي كبير، ووجودها يؤكد وجود علاقات ايجابية بين البلدين، وهذا يدل على ان العراق عاد ووضع قدمه بقوة في الساحة العربية من خلال فتح احضانه للجميع، مشيرة الى تميز معرض الكتاب جاء نتيجة تميز دور النشر المشاركة بمطبوعاتها المختلفة والمتنوعة ما بين الادب والثقافة والفن والسياسة والدين، وخصوصا وجود مناهج وقصص مختصة بعوالم الطفولة، وهو ما شدني كوني مسرحية، ولدي اشتغالات في مسرح الطفل، متمنية ان يستمر الابداع للقائمين على هذا المحفل الثقافي الجميل ويشهد تطورا في السنوات المقبلة.
تلاشي الطبقية
التشكيلية والاعلامية رشا باسم، قالت: منذ اكتساب بغداد لقب عاصمة للثقافة العربية، بدأ يشهد معرض الكتاب تطورا سنة تلو الاخرى، وخصوصا ان العام الحالي يشهد تميزا ملحوظا من خلال المشاركة الواسعة والتنظيم الجيد، وان حضور شخصيات مميزة سياسية وثقافية وسفراء دول في يوم الافتتاح، وما زال اقبالهم على المعرض مستمرا لاقتناء الكتب، يشير هذا الى ان الفواصل الطبقية الاجتماعية تقف عاجزة امام "الكتاب"، او بمعنى آخر انها تلاشت، مما تعطي احساسا جميلا للمواطنين عموما وشعورا بالاطمئنان.
وكان من بين الحضور ايضا الدكتور جمال العتابي المدير الاسبق لدائرة الفنون العامة في وزارة الثقافة اذ قال: "نحن مع اي مشاركة تسهم في نشر الوعي الثقافي في وسط نعاني فيه الكثير من مظاهر التخلف والجهل والظلام، فهذه المشاركة هي السلاح الامضى لمواجهة الجهل. وانا برأيي ان هذه الفعاليات والنشاطات تعطي الوجه الانصع والاكثر بياضا للعراق القارئ، العراق الاكثر بياضا".
رواية "ترتر"
نظمت دار هاشيت أنطوان حفل توقيع رواية (تِرتر) للروائي نزار عبد الستار السبت الرابعة مساء، بجناح دار الحكمة داخل معرض بغداد الدولي للكتاب. واختيرت رواية (ترتر) التي صدرت في نحو ٢٧٨ صفحة العام ٢٠١٨ ضمن القائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الثالثة عشرة.
حفل توقيع الرواية الذي استمر لأكثر من ساعتين، كان بحضور كبير من الأدباء والروائيين والاعلاميين والمثقفين من رواد المعرض.
وتبدأ أحداث "ترتر" في تشرين الأول من العام ١٨٩٨، إذ يقوم إمبراطور ألمانيا فيلهلم الثاني برحلة إلى الشرق. في إسطنبول، يلتقي السلطان عبد الحميد الثاني ويخطّطان لإنشاء سكّة حديد برلين-بغداد بهدف منافسة التجارة الإنكليزية وقطع طريق الهند البرّي. لمواكبة المشروع، يجب قبل كلّ شيء إدخال التجّار الألمان إلى ولاية الموصل والعمل على تأسيس صناعة نسيجية تتفوّق على تلك الإنكليزية. ومَن غير آينور هانز، وليدة الأب الألماني والأم التركية، التي تعمل مرشدة سياحية في وكالة توماس كوك للسفر، للقيام بهذه المهمّة؟، لكنّ آينور هانز المسكونة بالأحلام، والمسيَّرة بالحبّ، تذهب إلى أبعد من ذلك، متحدّية جبروت ثلاث دول عظمى هي إنكلترا وفرنسا وروسيا القيصرية. وكتب عبارة على ظهر غلاف رواية "ترتر" الناقد باسم عبد الحميد حمودي " نزار عبد الستار ينجح في إثارة الأسئلة المصيرية للإنسان الذي سعى لأن يكون المقدّس قريباً منه، يحميه، ويستعين به في حياته".
العراق في كتابات المستشرقين
أما في الساعة الرابعة مساءً، فقد نظم في قاعة المعرض الكبرى ندوة بعنوان (العراق في كتابات المستشرقين) حاضر فيها كلٌّ من أ.الدكتور إبراهيم خليل العلاف، الدكتور ناصر الملا جاسم، الدكتور عامر عبد الله الجميلي، بحضور كبير من المثقفين والإعلاميين ومحبي والسياسة.
وكانت محاور الندوة تدور حول الدراسات الاستشراقية الحديثة والمعاصرة، واقترابها من الدراسات التاريخية العلمية، أكثر من اقترابها من الاستشراقات الأصلية أو القديمة، لأنّ التاريخ – حسب الدكتور إبراهيم خليل العلاف- قد تطور بشكل ملحوظ، وكذلك قد لا تكون بمفهومنا السابق عن الاستشراق، يعني أنّه قد يهتم بالعراق كاتب بريطاني أو اميركي أو ياباني.
كما تحدث العلّاف عن الجامعات الغربية والشرقية وكيف أنّها قد بدأت تؤسس المراكز الخاصة بالدراسات الاستشراقية وبالدراسات الحديثة التي تهتم بالعراق، وتهتم بالمنطقة، وخاصة ما يسمّى لديهم بالشرق الاوسط، وقد اتخذت هذه المراكز وسائل كثيرة لتعزيزها في المنطقة مثل المجلات والصحف والبرامج وغير ذلك.
وركزت الندوة أيضا على الذين عاصرونا من المستشرقين، إذ لم يقفوا عند حدود التطور السياسي، وإنّما كانوا يهتمون بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، والثقافية، بمعنى أن هناك كتابا غربيين كانوا يكتبون حتى عن مقاهي بغداد.
وتناولت محاور الندوة أيضا، الذين حكموا العراق من الاجانب، والذين نسميهم "الضباط السياسيين" كتبوا كثيرا عن العراق، فضلا عن العراق منذ ثلاثينيات القرن الماضي وهو محور للكثير من اطروحات الماجستير والدكتوراه، وكيف أن الكثير من المستشرقين الأجانب قد اهتموا بالكتابة عن العراق.
الشعر السياسي
شهد جناح دار الشؤون الثقافية بمعرض بغداد الدولي للكتاب في السادسة مساء حفل توقيع كتاب "الشعر السياسي العراقي في القرن العشرين" للدكتور جابر الجابري الوكيل الاقدم لوزارة الثقافة بحضور مدير عام دائرة العلاقات الثقافية احدى تشكيلات وزارة الثقافة فلاح العاني، والعديد من المثقفين والشعراء. وصدر كتاب "الشعر السياسي العراقي في القرن العشرين" في ٣٦٠ صفحة عن دار الشؤون الثقافية العامة ٢٠١٨، وتضمن دراسة للشعر السياسي في العراق بالقرن العشرين، لما شهده العراق من تحولات سياسية خطيرة في تلك الحقبة الزمنية. هذا وقد أشاد الوكيل الاقدم لوزارة الثقافة والسياحة والاثار الدكتور جابر الجابري بدور المثقف العراقي في هذه المرحلة، مؤكدا أهمية دور العلاقات الثقافية العامة ومهمتها الصعبة والحساسة في عمل وزارة الثقافة، وقال "عندما تفتح ذراعها في هذا المعرض فهي توطد وتفتح قلبها لكل اصحاب الفكر والمعرفة والادب الذين زحفوا الى بغداد من خلال ٢٣ دولة عربية واكثر من ٦٥٠ دار نشر، وبهذا يشكل قنوات هائلة بالعلاقة الثقافية بين العراق واشقائه". وأضاف الجابري: "اليوم والحمد لله انتصر الفكر الابيض على الفكر الظلامي المتزحف على العراق، وحقق العراق في هزيمته اكبر معجزة بالتاريخ اليوم".
العراق في المقدمة
من بين الشخصيات التي حضرت معرض بغداد الدولي للكتاب وزير الشباب والرياضة الاستاذ احمد العبيدي، اذ تحدث لـ "الصباح" قائلا: "ليس غريبا على بغداد الفن والثقافة والجمال، ان تقيم مثل هذا الكرنفال الكبير، بل هذه من ثوابتها وانشطتها المعتادة منذ زمن بعيد، ارادوا ان يغيبوا بغداد عن هذه الصفات الجميلة التي يتغنى بها العالم، ولكن هذه الفعاليات الثقافية الكبيرة هي الرد الحقيقي الذي يؤكد بأن العراق باقٍ في المقدمة ولا يمكن ان يتراجع".
مضيفا، "ان معرض الكتاب هذا رد لمن يقول ان اللافتة الالكترونية ستقضي على الكتاب وتأخذ القراء اليها.. لكن العراقيين هنا اثبتوا بان الكتاب باق وماضٍ رغم كل التطور العلمي، نكهة الكتاب مميزة ويحبها القراء لذلك انا مسرور جدا بان أشاهد هذه الحشود من العراقيين وهم يتسوقون الكتب المتنوعة، وبدوري اقدم كل الشكر والامتنان لجميع القائمين على هذه الفعالية المهمة، واخص بذلك دائرة العلاقات العامة في وزارة الثقافة لما قدموه من جهود كبيرة، واتحاد الناشرين العراقي وغيره من المؤسات الحكومية وغير الحكومية وجميع من حضر الى هنا".