أجيال ثقافية وفنية عراقية في القرن العشرين.. تجوال وتوقفات

ثقافة 2021/04/20
...

  باسم عبدالحميد حمودي
 
تجمع التنويريين الاوائل
ظهرت هذه المجموعة في العقود الثلاثة الاولى من القرن العشرين، والدولة العراقية الفيصلية ما تزال بناءً يتكون كمؤسسات، وقد جابهت تجمعات الشباب العراقي ثورة العشرين التي أوصلتنا الى شبه الاستقلال عن الهيمنة الانكليزية بصيغة الانتداب، وعن الهيمنة الفكرية العثمانية بصيغة البحث عن الاغتراب، فضلا عنالنزعة الوطنية – القومية 
اللافتة.
 
الحقوقيون الأوائل
كانت مدرسة الحقوق التي تأسست عام 1924 نتاجا لتجمع شباب وعى ضرورة الاستقلال السياسي، ودخول معترك الحياة المدنية –السياسية بوعي حضاري يمارس التغيير في بنية الدولة الجديدة المنسلخة عن الدولة العثمانية.
كان بعض اساتذة هذه المدرسة شبابا درسوا القانون في فرنسا مثل توفيق السويدي، وكان بعضهم رجال دين شبه متشددين مثل الشيخ أمجد الزهاوي، وكان طلبة الحقوق من بؤر اجتماعية متباينة، فمنهم من اسر اقطاعية وملاك عقارات مثل أحمد مختار بابان وضياء خوندة ومحمود خالص، ومنهم ابناء تجار جملة وخانات بضائع مثل حسن رضا وعبد الكريم بافي الجبوري، ومنهم من مكونات ثقافية واثنيات متعددة، وقد دخل هؤلاء في تجربة الحكم الجديدة بدعم وتوجيه الملك فيصل الاول ورجاله امثال عبد المحسن السعدون ونوري السعيد وياسين الهاشمي وجعفر العسكري وسواهم.
كان تبني فيصل الاول للصبي الرسام فائق حسن وارساله لدراسة الفنون التشكيلية أنموذجا للتوجه نحو عصرية الحياة الفنيةواكتشاف المواهب 
وتنشيطها.
كان ارسال المعماريين الشباب للدراسة في اوروبا تمهيدا لايضاح صورة المدرسة العراقية في العمارة المبنية على الاسس الاولى وصور التطوير، وكان تأسيس وظيفة مهندس الحكومةأو معمار الدولة مهما للاشراف على معظم البنايات الحكومية الحديثة التي تطلبتها ضرورة التأسيس مثل البلاط الملكي وبيت الملك والسرايات الضرورية في الألوية رغم أن بعضها عثماني البناء بحاجة 
للترميم.
كما أن انشاء معهد الفنون بصيغة معهد الموسيقى يتضمن اهتماما من البنية الثقافية العراقية بضرورة التحديث والتأصيل الضروريين.
بالمقابل، كان ظهور نادي القلم  في الأربعينات تأكيدا على اهتمام الطبقة الثقافية الكلاسيكية بضرورة التجمع والحركة بمواجهة تيارات الحداثة  في الشعر وادب القصة الذي كان لايلقى اهتماما حتى من شعراء شبه تقدميين أمثال الرصافي، رغم أن النتاج كان مستمرا علي يد محمود السيد وجعفر الخليلي ويوسف متي يوم سبقهم امثال الكيلاني وعطا أمين يسبقهم في هذا الشكل الكلاسيكي للرواية الذي انتجه سليمان فيضي صاحب 
(الرواية الايقاظية).
صور النهضة الثقافية
 لايمكن لنا هنا تأشير كل ظواهر التحديث لكن اندفاعات التحديث في طلبة دار المعلمين العالية وكلية الاداب والعلوم والملكة عالية(التحرير ثم البنات) والمبعوثين الذين عادوا للتدريس فيها شكل ظاهرة متفردة اختلطت بوعي الفن وممارسته لدى طلبة كليات الطب والصيدلة، فيما انتشر خريجو دار المعلمين الابتدائية في كل مدرسة في العراق يبشرون بموسيقى اكرم شكري أناشيد سعيد شابو وخرائط المهنا وطبيعيات يوسف اللوس.
حكاية التحديث طويلة ومتشعبة وتستحق كتبا ولكننا هنا نؤشر في العموم منتظرين عملا جادا من الدارسين واساتذة الجامعات وطلبة الدراسات العليا لاكتشاف مظاهر التحديث العراقي.