بلال

ثقافة 2021/04/23
...

  جاسم الخالدي
 
دائما ما افكرُ
لماذا بلالٌ دون غيرهِ
السواد وجهي
ام لشيء آخر؟
كنت فرحاً
وانا اتسلقُ الجدرانَ لأعتلي كعبته
وأعلن الأذانَ
كنت فرحًا بما اسرُّ من مسراتٍ
ليس الاذانُ وحدَهُ
كافيا ليخلق مني بلالًا
لم يكن صوتي جميلًا
ولا لغتي صافيةً
فانا حبشيٌّ
ولست مكيًّا
لم اعرفْ الا ما يجعلُني
عبدًا صالحًا للاستعمالِ
اطوفُ كلَّ يومٍ بمكةَ
القِ السلامَ
ولا سلام
ابحث عن الإنسان
ولا إنسان
الارضُ قفراءُ
الا من عاداتٍ سقيمةٍ
وافعالٍ
خاليةٍ من المروءةِ
كنت افكرُ
لماذا خلقتُ اسودَ
وثمة جوهٌ تشرقُ فيها الشمسُ ولاتغيبُ
ولماذا اكونُ عبدًا
وثمة حريةٌ
تتسعُ
لماذا - إذًا ياربِّ-
تضيقُ
حين تصلُ لعبد
لا يعرف الا ان يكون عبداً
ولا حرفة له
سوى خدمة الاشرافِ
لا اعرفُ سببًا كافيًّا
لأن أخلق عبدًا
واعيش عبدًا
أباعُ وأشترى
بأثمانٍ بخسةٍ
كنتُ لا احبُّ سوقَ النَّخاسةِ
وحين أسيرُ لها
اشعرُ بأن السماءَ ليست عادلةً
وأنِّي بحاجةٍ لربٍّ آخرَ
ينصفُني
ويهديني الحريةَ
كثيرًا ما أفكرُ
ببيتٍ وامرأة تهبني اطفالًا احراراً
أنامُ وأصحو
ولا سياطَ تلعبُ على قفاي
كثيرًا ما أفكرُ بقلبي سيموتُ
ولم يذق طعمَ الوجدِ
كنتُ أغبطُ كلَّ طيرينِ
يحلقانِ
وكلَّ قطينٍ ألفينِ
يسيرانِ
ولا سياطَ تلاحقُهما
وكلَّ حبيبينِ
يلتحفانِ ا لليلَ
ويثمرانِ
وجوهٍا مضيئة
كثيرا ما أفكرُ
بالثورةِ
وكيف بعبدٍ يثورُ
وتوارثَ اجدادَهُ العبوديةَ
تنازلوا عن اسمائِهم
وصاروا يُعرفونَ بالعبيد
يأكلونَ ما فاضَ من مائدةِ الاشرافِ
كانوا راضين جدًا
وقنوعين برغيفٍ
فائضٍ عن الحاجةِ
يرقصونَ
ويغنونَ
ولا شيء يدعو لسعادة
كم كنتُ اكفر بحياتي
واندبُ حظي
كنت أطوفُ بمكةَ
امشي في ازقتها
انظرُ إلى السماء
ولا اترقب صفعة
أقوم ولا أنتظر
مَن يقعدني
انتضي سيفًا
لايعرفُ الهزيمةَ
عرفتُ حينها
لماذا بلال دون غيره؟
اعتلي المئذنة
وأعلن الأذان
وصرتُ أرى وجهي
أبيضَ أبيضَ أبيضَ
وصار السوادُ
ماضيًا
لا يدعو للحنينِ.