الحب من حدود الجنة

اسرة ومجتمع 2021/04/25
...

ذوالفقار يوسف
يراوغني احياناً ذلك المشهد المتكرر، أن ارى الاشياء والاحداث واقول بانني قد شاهدتها من قبل، كأن الكون يشاركني مزحاته ويطلق دعاباته، وانفق ما تبقى من شكوكي المؤقتة، واستجمع ذاكرتي لاخلق المشاهد حتى وان لم تكن موجودة، واترفع عن الحديث بها بصوت عالٍ، انها مجرد شكوك ليس الا، واتوجه الى الحياة وانسى كل تلك اللقطات، ولا احدث احداً عنها، انها ما يميزني عن باقي الكائنات، انني الفريد من نوعه عندما يتعلق الامر بهذه التصورات التي خصني بها الله وحدي.
 هكذا كنت اردد مع نفسي، كلما مر هذا الوهج المقدس امام عيني، وما أن قررت التفكير بها وجدت نفسي اؤجل هذا القرار واتلافاه، فالخوف من عدم تكراره ما ان تحدثت به مع نفسي هو كل ما يهمني، لم اجبر نفسي على ذلك، كل ما استطيع فعله هو اللامبالاة، وها انا اليوم استطعت النطق به، وما كان الا بسببها، تلك التي توسدت مشاهدي المكررة، كأنها المتحكمة بهذا الشعاع الذي يصارع حاستي السادسة، ويقربني من الاحاديث الروحية التي انبذها ما ان تمر على مسامعي، واعتصر جفوني علني اصل الى تفاصيلها، ولكن هيهات، فهي اقدس من مشاهدتها بوضوح كلما اردت ذلك، فقط ضحكتها هي ما تحفظه خلايا الذاكرة، وتصل اليه بسرعة لم تقس من قبل، وبانصياع لا ارادي تعلق نظري بهذه الصورة، لم اكن من الذين يستطيعون رسم ما يرونه، ولانني احببت أن تكون ملموسة خوفاً من غدر الخيال، حولتها الى حروف، كتابات مفهومة وغير مفهومة، خواطر وعبارات ونصوص، استطعت النفاذ من خلالها الى بوابة الترجمة، الاّ ارى هالتها فقط، بل كل التفاصيل، لاستمتع بتلك اللحظة التي لم ولن تتجدد، لتجعلني سعيداً بإيعاز واحد، بمشهد اكرره بلا ملل، فهي المعلمة الاولى للراحة، والطبيبة الازلية لعناء الروح، فالكون قد اختار أن تكون سيدة لصفاء الروح بعد احتلال الظلام، قيل ان هذه المشاهد مرتبطة بك قبل دخولك الدنيا، عندما كنت اسكن امي، انها الاقدار التي كتبت بانامل الاله، وحبرها الخيال ولون الكون، كان قد كتب على غلافها كل مظاهر السماح والامان، ولان الجنان تحت قدميها، كنت احبها وحتما ساكرر هذا الحب من حدود الجنة.