رمضان.. فرصة للتراحم واستذكار الأحبة

منصة 2021/04/26
...

 تهمينة بيجوم
ترجمة: ليندا أدور
من أحب الأشياء لدى جدي، خلال شهر رمضان، قبل مرضه، هو السير لمسافات طويلة عبر المساحات الخضراء يتخذها كفرصة للتفكير وتلاوة الذكر والشكر، وقد حددت النية لنفسي لأستمر على هذا الإرث خلال شهر رمضان، فهو وقت لإعادة ضبط المرء بعد عام من الفقدان والحزن، يتخذ الكثير من المسلمين شهر رمضان الكريم، هذا العام، فرصة لاستذكار اولئك الذين سيغيبون عن موائد الإفطار، اولئك الذين سيكون غيابهم حقيقيا وملموسا. كان ذلك عندما قالت جدتي ان هذا الشهر سيكون هو أول رمضان يمر علينا بغياب جدي، محمد سميرالدين، الذي توفي قبل أشهر بسبب مضاعفات فيروس كورونا، فأدركت حينها أن القادم هو نهاية ما كان معتادا وان تغييرا يلوح في الأفق، اذ لن يكون أي من أفراد أسرتي مضطرا لتحضير طبق "الكيسوري" العادي (عصيدة الرز والعدس مع الكركم والزنجبيل والخضار) الذي كان يتلاءم مع ذوق جدي. لعاداته، والتوجه نحو تقوى الله والاعتناء بالنفس والصحة.
 
من أحب الأشياء لدى جدي، خلال شهر رمضان، قبل مرضه، هو السير لمسافات طويلة عبر المساحات الخضراء يتخذها كفرصة للتفكير وتلاوة الذكر والشكر، وقد حددت النية لنفسي لأستمر على هذا الإرث خلال شهر رمضان، فهو وقت لإعادة ضبط المرء لعاداته، والتوجه نحو تقوى الله والاعتناء بالنفس والصحة.
وكما أن شهر رمضان هو موسم لمشاركة التقاليد والطقوس مع أفراد الأسرة، الى جانب الكثير من الممارسات الفردية، إلا أن شبح العام الماضي يخيم على رمضان 2021، اذ كان عاما شهد خسارات كبيرة وغير متوقعة، حيث احتفل فيه المسلمون في جميع أرجاء العالم في ظل ظروف الإغلاق، وقد اضطروا الى الامتناع عن رؤية ولقاء الأسرة والأصدقاء والأحبة، كما أعلن إيقاف العديد من الفعاليات كالصلاة في المساجد وغيرها، فالبنسبة للكثيرين، إن الفارق بين مائدة رمضان العام 2019 و2021، سيكون صارخا.
الاستمرار في عمل الخير سيكون هو محور تركيز أمينة أمين، (24 عاما) من منطقة ريدبريدج في لندن، التي توفي والدها، بدرالأمين، في شهر كانون الثاني بشكل مفاجئ داخل وحدة العناية المركزة بعد إصابته بفيروس كورونا. لكن قوة إيمان الأسرة ساعدهم في تخطي تلك الأوقات الصعبة. تقول أمينة: "سنعمل على تكريم ذكرى والدي من خلال الانخراط في عمل الخير كتوفير الطعام او الدواء للفقراء والمحتاجين نيابة عنه، لا سيما في بلده الأم، بنغلاديش، فقد كان قلبه مكرسا لعمل الخير، ونأمل ان تبقى ذكراه حية في قلوبنا وإرثه في فعل الخير".
أما رحيمة بيجوم، المؤسسة لمنظمة خيرية، فستعمد الى تكريم حماتها (والدة زوجها) التي توفيت في حزيران الماضي بعد إصابتها بفيروس كورونا، من خلال إعادة صنع الـ"مشتي" (صنف حلوى من جنوب آسيا) التي كانت المفضلة لديها في رمضان. تقول بيجوم: "لكي نستذكر رحيلها عن الحياة معنا في هذا العالم الآن، وتأكيدا على الفراغ الذي نعيشه بدونها في رمضان هذا العام، سنصنع الـ"مشتي" الذي كانت تحبها". كما تخطط رحيمة لصنع المزيد من حلوى الـ"جاليبي" (الزلابية) التي اعتادت صنعها برفقة حماتها منذ بداية زواجها حتى الآن.
أما كحيلة، طالبة الفيزياء البالغة 22 عاما من العمر، فهي مصممة على قراءة القرآن كل يوم حتى تختمه، مع كل صلاة فجر خلال شهر رمضان تكريما لوالدها الذي فقدته العام الماضي. تقول كحيلة: "حتى في أشد حالات مرضه، لم يفته فرض ولا صلاة قط، اعتاد النهوض فجرا والصلاة في المسجد المحلي بجنوب لندن" مضيفة "حتى عندما لم يعد قادرا على القيام بذلك جسديا، كان يؤدي صلاته بحركات من جفونه وعينيه، كان مؤمنا بالله وبكل ما سيحدث".
فكل شخص عاش الحزن يعلم أنه يأتي على شكل موجات، فهناك أعياد ميلاد وذكريات سنوية في تقويم الحزن، فرمضان هذا العام، الذي يحل بعد عام مليء بالألم لدى الكثير، سيحمل أهمية مضافة ومختلفة، فقد يكون هو رمضان الأخير لأي شخص.
*صحيفة الاندبندنت البريطانية