الفوتوغراف التصوري.. أعمال حسين نجم أنموذجا

ثقافة 2021/04/26
...

 خليل الطيار 
من المهم جدا أن يسعى المصور الى تطوير ثقافته البصرية لتمتد الى ايجاد قواعد معرفية في توسعة الاساليب المفاهيمية والاسلوبية التي يعمل على انتاج أعماله ضمن مخرجاتها.
تتبدى اشتغالات الفوتوغرافي حسين نجم بشكل دقيق عبر الحفر المعرفي، إذ يلجأ الى انتاج صورة من مناخات تقنية جديدة، يستثمر فيها قيما جمالية يستخلصها عبر مقومات جماليات التصوير لشيئيات جامدة منسية من ذاكرة الاهتمام، الا انه يعمل على جعل تلك الجماليات مصدرا لابتعاث روح جديدة فيها كما هي اشتغالاته على أسطح وواجهات الابنية المتميزة معماريا.
حسين نجم أوجد لنفسه قاعدة أسلوبية يمكن اصطلاحها بفن "الفوتوغراف التصوري" مستفيدا من إرث فن المعمارية التصورية و"هو شكل من أشكال العمارة التي تستخدم المذهب التصوري، وتتميز بوجود مقدمة عن أفكار أو مفاهيم من خارج مجال العمارة كوسيلة لتوسيع نطاق النظام المعماري"، وينتج ذلك نوعًا من البناء يختلف جذريًا عن البناء التقليدي.
وفيها تكون الحرفة والبناء هماالمبادئ التوجيهية. وتقل أهمية المبنى النهائي كمنتج في الفن المعماري التصوري عن الأفكار التي توجهه، وتتمثل الأفكار بشكل أساس في النصوص أو الرسوم البيانية أو التركيبات.
وهذا ما نجده في اشتغال حسين نجم في معمارية صوره التي يختار فيها زواياوتكوينات ومساقط ضوئية واقعية كانت او مبتكرة لإبراز عناصرها الجمالية، خاصة في معمارية بناء الاسطح والواجهات، والجسور ويمسح بعدسته زوايا تكويناتها غير المرئية لينتج منها اعمالا فتوغرافية تعتمد اساسا على قاعدة المعمارية التصورية، ولا يكتفي بإعادة تسجيلها بل يعمد للذهاب الى المخططات التصورية الاولى في تركيباتها وهندستها، ويخضعها الى عملية الصياغة الفوتوغرافية ليعمق من مناخاتها التكوينية، بعد ان يستبعد كل المؤثرات الخارجية ليركز على ذلك الخلق والابتكار المفاهيمي الذي أوجده واشتغل عليه المعماري وتجسد في البناء وتنقصه قدرة الافصاح عنه سردا، فتأتي مصفوفة الفوتوغراف لتبينه وتستقرئ جوهره بوضوح.
  وهذا ما عمل عليه الكثير من المهندسين المعماريين الذين نجحوا في هذا الأسلوب،أمثال ديلر وسكوفيديو، و برنارد تشومي، وبيتر يازمان، وآخرهم المجددة المعمارية التصورية زهاء حديد، التي استفاد حسين نجم من تجربة معماريتها كثيرا في صياغة مشاريع اعماله، كما في عمله الاخير الذي عمد الى الاستفادة من انحناءات واجهة هذه البناية المنسابة بتكوين هارموني استعار المهندس فيها أسلوب رسم الخط العربي في صناعة معمارية الحروف، وذهب الفوتوغرافي حسين نجم ليدلل عليه بالنور عازلا الخلفية عن محيط المكان ليسمح للاطار الخارجي صياغة الحرف الاول من اسمه دونما الحاجة لإكمال باقي الحروف في جسد (البناية) كاملة، هذا التجسيد لحرف الحاء في عمله أحسبه مقصودا بتصور مسبق في العمل، عندما عمد المصور الى الوقوف بزاوية نادرة لتكوينه، ومارس أقسى عوامل تقنية الكيمياء البصرية لإبرازه بوضوح لا يمكن ان نقرؤه بهذه الدقة عند مشاهدة البناء بالعين المجردة بحجم هذا التأثير الذي انتجته الفوتوغرافيا.
وأكاد أجزم أن حسين نجم فوتوغرافي استوعب معايير ومفاهيم الهندسة المعمارية، ويعمد الى الاستفادة من مقوماتها في اشتغالاته الفوتوغرافية التي ساعدته على انتاج معمارية فتوغرافية سجلت اعماله فيها خصوصية وعلامة متفردة امتاز بها عن غيره.