مزدوجو الرواتب.. التعداد العام للموظفين قادم

ريبورتاج 2021/04/28
...

 علي غني 
لا ادري ما الاسباب الخفية التي تؤخر تطبيق هكذا مشاريع في الدولة العراقية، في حين أن تكنولوجيا المعلومات في العالم اصبحت سمة عصرية، فلغة الارقام هي دائماً تمثل الحقيقة التي يجب الاستناد عليها في المشاريع كافة، وقد تحضرني فكرة ان هذا المشروع الذي تبنته وزارة التخطيط، يفتح آفاقاً عديدة لمكافحة الفساد في دوائر الدولة، على الاقل من جانب واحد، فما هو الرقم الوظيفي الذي تبنته وزارة التخطيط؟، وهل يمكن أن يكون رقماً تقاعدياً؟، وما فائدته للدولة والموظفين، ولماذا اختيرت وزارة التربية من دون الوزارات الاخرى لتكون الاولى في بداية تطبيق التجربة؟، تعالوا معنا لنطلع على الحقائق.
قلنا لنبدأ رحلتنا عن الرقم الوظيفي من وزارة التخطيط التي تبنت المشروع، فكنا في ضيافة رئيس الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط، الدكتور ضياء عواد كاظم، الذي أمطرناه بالأسئلة، وأولها وليس آخرها، كيف ولدت فكرة الرقم الوظيفي لدى الوزارة؟.
فأجاب «فكرة مشروع الرقم الوظيفي مطروحة منذ عام 2006 لدى الجهاز المركزي للإحصاء عندما أنجز مشروع البنك الوظيفي بنسبة 55 % من بيانات العاملين في الدولة العراقية عدا الجهات والمؤسسات العسكرية والأمنية، ففي عام 2017 وبعد انتهاء عمليات التحرير واعلان النصر تعرضت الدولة العراقية الى ازمة مالية، وتوجهت حينها الى البنك الدولي لغرض الاقتراض، فتوجه البنك الدولي الى عمل مشروع توطين رواتب العاملين في الدولة العراقية لغرض إحصاء اعداد ومجاميع الرواتب والمخصصات التي ترصدها الحكومة العراقية للعاملين في مؤسساتها كافة, فتوجه البنك الدولي الى دعم شركة اردنية انجزت منصة الرواتب في وزارة التخطيط، الجهاز المركزي للإحصاء، لغرض تجميع بيانات وتفاصيل الراتب من مخولي الجهات الحكومية, كما وعملت شعبة قواعد البيانات في الجهاز المركزي للإحصاء على توليد أرقام وظيفية لجميع العاملين في المؤسسات الحكومية».
وماذا يتضمن الرقم الوظيفي؟، وهل هذا الرقم وحيد وغير قابل للتكرار، ويتم توليده عن طريق خوارزمية خاصة، ولو وجدتم تشابهاً في الاسماء، فما اجراءاتكم؟.
 
البصمة البايومترية
 قال «قاعدة البيانات تحوي الاسم الكامل للموظف والجنس مع اسم امه وتاريخ التولد ومن الصعب في هذه المعايير الاربعة أن يوجد تشابه ومع كل ذلك يتم الان تعديل البرامج الخاصة بمنح الرقم الوظيفي، واضافة حقل خاص للبطاقة الوطنية ليتم اعتماد الرقم الوطني كاداة تدقيق غير قابلة للتكرار، والتي تحوي اساسا البصمة البايومترية».
وهل يشمل المشروع موظفي اقليم كردستان؟، معلوماتنا تؤكد ان الامانة العامة لمجلس الوزراء وجهت بشمول موظفي اقليم كردستان بمشروع توطين الرواتب، وكما تعلمون ان التنسيق بهذا الجانب يكون من خلال منسق اقليم كردستان في الامانة العامة لمجلس الوزراء، والموظف الحكومي الذي يعمل في القطاع الخاص هل سيتأثر بهذا المشروع؟، أقول لك: ان العمل يجري حاليا فقط للعاملين في المؤسسات الحكومية ويمكن ان يشمل القطاع الخاص في حال تهيأت الظروف المناسبة.
وأين وصل المشروع الان؟، يمكنني اخبارك ان المشروع وصل الى مستوى متقدم وما يؤخر هذا العمل هو عدم استقرار الدوام الرسمي في المؤسسات الحكومية بسبب الوباء والظرف الصحي الذي يمر به العالم والاستجابة الضعيفة من بعض المؤسسات في التعاون معنا و تزويدنا بالمعلومات.
 
رقم تقاعدي
وعدت لعبد الزهرة الهنداوي المتحدث باسم الوزارة والاعلامي حسام الامير من الجهاز المركزي للاحصاء، واردت الاستفسار اكثر عن هذا الرقم، فاصطحباني الى المدير العام لتكنولوجيا المعلومات في الجهاز المركزي للإحصاء في الوزارة عباس عبد الكاظم، فسألته في البداية، هل تمت المباشرة بالمشروع، فاجاب: بدأ العمل بالمشروع عام 2017 حسب قرار مجلس الوزراء رقم 281 وكان العمل على منح ارقام وظيفية وجمع بيانات موظفي وزارتي التخطيط والكهرباء، إضافة إلى موظفي الأمانة العامة لمجلس الوزراء كعمل تجريبي و استمر العمل على باقي الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة، ولقد اتصلنا بكل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات وحسب اعمامات الامانة العامة لمجلس الوزراء وتوجيهات مكتب رئيس الوزراء، ومن خلال هذا الرقم، سيكون بالامكان معرفة عدد الموظفين، اذا استجابت جميع المؤسسات في منح الارقام وتزويدنا بالمعلومات المطلوبة.
 وعن سؤالك، هل يكون رقم البطاقة الوطنية بديلا، فبامكاني أن اجيبك انه لا يمكن أن يكون هذا الرقم بديلا عن الرقم الوطني، فهذا الرقم خاص بموظفي الدولة حصراً، وقد يعتمد كرقم تقاعدي مستقبلا، لكن الرقم الوطني هو رقم للمواطن العراقي سواء كان عاملا في المؤسسات الحكومية او لا, علما أن الرقم الوطني قد يدعم الرقم الوظيفي بالبيانات البايومترية الخاصة بموظفي الدولة وبالتالي تكتمل بيانات الموظف الادارية والحسابية والبايومترية, لكن من الممكن جدا اعتماد الرقم الوظيفي كرقم تقاعدي في حال اكمال منح جميع العاملين الارقام الوظيفية، واخذ هيئة التقاعد الوطنية باعتماد الرقم الوظيفي كرقم تقاعدي.
 
مشروع ضخم
يبدو أن الرقم الوظيفي قد فتح شهيتنا على الاسئلة اكثر، فهل هناك علاقة للحكومة الالكترونية والبنى التحتية بمشروع الرقم الوظيفي؟، سأقول لك بصراحة و(الكلام لعباس)، ان مشروع الرقم الوظيفي احد المشاريع الضخمة لدى الدولة العراقية وبالتالي يعتبر بداية انطلاق الحكومة الالكترونية من ناحية متابعة تنقلات وحالة خدمة موظفي الدولة, كما يوضح احتياجات المؤسسات الحكومية من الموظفين والتخصصات خلال عمليات الحذف والاستحداث.
وماذا عن السقف الزمني لهذا المشروع؟، عندما بدأ العمل في هذا المشروع سنة 2017، كان السقف الزمني التخميني هو اربع سنوات، لكن الظروف التي رافقت هذه السنوات من تظاهرات ومرحلة انتشار وباء كورونا وما رافقها من حظر تجوال والدوام الرسمي للموظفين بنسبة 50 % اثرت سلبا في المشروع، وهل رصدت الدولة مبالغ مالية وملاكات وظيفية متخصصة؟، كان من المفترض أن يتم تحويل 1 %  تستقطع من كل موظف يتم منحه رقما وظيفيا او من كل موظف يحصل على ترقية حسب ما اشار اليه القرار 281 لسنة 2017 وذلك لغرض دعم المشروع وحاجته من اجهزة وبرامجيات ومعدات ومتابعة، الا ان وزارة المالية لم تتجاوب معنا في ذلك ولم نحصل على اي مبلغ.
 
تقارير دقيقة
البعض يعد هذا المشروع بمثابة تعداد عام للموظفين، فما مدى صحة ذلك؟، ربما ابالغ اذا قلت لك بالإمكان اعتبار مشروع الرقم الوظيفي تعداداً وظيفيا تفصيليا لو تم انجاز رفع بيانات تفاصيل الراتب لجميع الجهات الحكومية وبالتالي بالامكان اصدار تقارير دقيقة ومفصلة عن كل العاملين في الدولة العراقية من حيث الدرجة الوظيفية والعنوان الوظيفي والتحصيل الدراسي، اضافة الى تقارير نوع الجنس وحالة ونوع الخدمة والمنصب، الا ان استجابة المؤسسات في تزويدنا بالمعلومات ليست بالمستوى المطلوب.
اعتذر عن الاطالة، وكثرة الأسئلة، لكن سؤالي الاخير لك كمدير لتكنولوجيا المعلومات، من هي الجهات التي تتولى تنفيذ هذا المشروع؟، ساجيبك بكل سرور، الذي يتولى تنفيذ هذا المشروع الضخم، هو الجهاز المركزي للإحصاء المسؤول عن ادارة المشروع حاليا، وتتولى الأمانة العامة لمجلس الوزراء مع وزارة التخطيط ،عمليات توجيه وتجميع البيانات من المؤسسات الحكومية كما تتولى وزارة المالية والبنك المركزي العراقي وديوان الرقابة المالية الاتحادي جانب التدقيق والرقابة على البيانات الحسابية الخاصة بالموظفين من خلال حساب للولوج الى منصة الرواتب ومتابعة الارقام والمجاميع
 الحسابية.
اكتشاف ازدواج الرواتب
الاستاذ أوبي شوكت حميد، رئيس مهندسين اقدم، ومعاون المدير العام للشؤون الفنية في وزارة التربية، اكد لنا ان الوزارة اتبعت كل التعليمات الواردة لنا من وزارة التخطيط، اذ تم اعداد الرقم الوظيفي لكل موظف في الوزارة، ونحن بصدد تفعيل الرقم
 الوظيفي.
وتابع شوكت «لدينا في الوزارة شعبة اسمها شعبة التقاطع الوظيفي، من مهامها كشف مزدوجي الرواتب، ولقد استفدنا من الرقم الوظيفي في اكتشاف الموظف الذي يتسلم راتبين، ومن خلال توطين الرواتب، اكتشفنا العديد من الموظفين الذين تسلموا اكثر من سلفة من المصارف
 الحكومية».
 
القضاء على التزوير
قلت لمعاون المدير العام للشؤون الفنية في وزارة التربية، لماذا اختارت التخطيط وزارة التربية لتبدأ بها مشروع الرقم الوظيفي؟، فاجاب:  لكونها تمتلك عددا كبيرا من الموظفين في عموم العراق، وهذا المشروع سنستفيد منه في حال نقل الموظف بين المديريات العامة للتربية او حتى النقل خارج وزارة التربية، عند ذلك سيزود الموظف بالرقم الوظيفي، وماذا عن موضوع التعيين الجديد، أو اعادة التعيين، او الموظف الذي يتمتع باجازة من دون راتب، وليس له رقم وظيفي، او جاء نقلا من غير دائرة او وزارة، لدينا قسم الشؤون المالية، الذي يمكنه تزويده برقم وظيفي
 جديد.
 
فرق جوالة
سألت المتحدث باسم وزارة التخطيط الاستاذ عبد الزهرة الهنداوي، طالبا التوضيح اكثر، فاجابني: ان وزارة التربية ستكون أولى الوزارات التي ستختبر نظام «الرقم الوظيفي»، موضحا أن النظام سيتضمن بيانات كاملة عن موظفي الدولة وسيعالج جميع المشكلات ومنها «مزدوجو الرواتب والفضائيون».
وبين الهنداوي أن «اللجنة التي شكلت برئاسة وزير التخطيط ومجموعة من الجهات بشأن الرقم الوظيفي، تواصل عملها منذ بداية العام من خلال تشكيل فرق جوالة من الجهاز المركزي للإحصاء لمراجعة الوزارات والمحافظات لإكمال البيانات الخاصة بالموظفين في وزارات
 الدولة».
وأضاف الهنداوي، ان «عدم وجود عدد حقيقي للموظفين في الدولة يخلق مشكلة بالجانب المالي، لذلك فان الرقم الوظيفي أو هذه المنصة ستتضمن بيانات كاملة عن موظفي الدولة وستعطي صورة دقيقة، وعندئذ يمكن معالجة جميع المشكلات ومنها مزدوجو الرواتب والفضائيون»، مبيناً انّه «سيتم ربط هذا النظام مع البطاقة الوطنيَّة الموحدة البايومترية».