الصيام في القرآن والسنة النبويَّة

منصة 2021/05/01
...

  محمد ابراهيم محمد
 
فرض الله سبحانه وتعالى الصيام في السنة الثانية للهجرة النبوية الشريفة، بعد تأسيس الدولة الاسلامية في المدينة المنورة، وثبت فريضته بنص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة واجماع الامة، ففي القرآن الكريم قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام)، ثم قال تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه)، وقال سيدنا المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم): (بني الاسلام على خمس، شهادة أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع اليه سبيلا)، واتفقت الامة الاسلامية من لدن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى يومنا هذا على فريضته ولا يخالف أحد من المسلمين في ذلك، فالصوم في اللغة الامساك والكف عن الشيء وفي اصطلاح علماء الشرع الشريف هو الامساك عن الاكل والشرب وتوابعه يوما كاملاً (اي من طلوع الفجر حتى غروب الشمس). 
ومن الجدير بالذكر أن الصيام يبدأ من طلوع الفجر الصادق الى غروب الشمس، وهو يوم كامل، فاذا انتبه الشخص من نومه ويريد الصيام وسمع المؤذن يؤذن لصلاة الفجر، فلا يجوز له أن يأكل او يشرب مطلقاً، لأن الاذان إعلام بدخول وقت الصبح الذي هو جزء من النهار، وعليه أن يمسك وينوي الصيام.
ويثبت شهر رمضان برؤية هلاله، واذا كان في المساء غيم أو غبار أو ضباب فتكمل عدة شعبان، لقوله عليه الصلاة والسلام: (صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)، ويكفي لرؤية هلال شهر رمضان مطلع واحد، فإذا رآه اهل العراق وعلم به أهل البلاد الاسلامية بواسطة الاذاعة وجب عليهم صيامه، وللصيام ركن واحد هو الامساك عن الطعام والشراب من طلوع الفجر الصادق الى غروب الشمس، أي يمتنع الانسان عن تناول الطعام والشراب طيلة النهار.
وللصيام من الناحية الصحية فائدة عظيمة وقد بينها نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: (صوموا تصحوا)، وقد جاءت اقوال الاطباء مؤيدة للرسول الاعظم (ص) حين أكدوا أن في الصيام شفاء لكثير من الامراض منها: للمعدة والامعاء فهو يزيل الرواسب الموجودة فيها ويريحها، كما انه يزيل بعض الحميات، فضلا عن إنه يزيل التهابات الكلى والحصى.
فهذه الامراض تعالج بالصوم وهو خير دواء لها ومن تتبع الاكتشافات الطبية وجد المزيد وهكذا  يظهر لكل ذي لب أن الاسلام دعا الى الفضائل الاجتماعية والاخلاقية والصحية والانسانية.
وللصوم حكم وفوائد كثيرة تعود على الصائم نفسه وعلى المجتمع من الناحيتين الاجتماعية والفردية ومنها تحقيق العطف على الفقراء والمساكين، لأن الصائم عندما يجوع تحل الرحمة في قلبه، كما أن  الصيام طريقة علمية للتربية العالية والرحمة في النفس، ومتى تحققت رحمة الغني للجائع الفقير أصبح للكلمة الاسلامية الخالدة سلطانها الخالد. 
من الجدير بالإشارة أن علماء التغذية أثبتوا أن الصيام يشفي الكثير من الامراض الناجمة عن السمنة والتخمة، وحتى الامراض التي تسبب الهزال والداء السكري والنقرس وبعض امراض القلب والاوعية الدموية وامراض الكبد والجلد. 
ختاما فإن في الصوم كسرا لشهوات المعاصي والاستيلاء على النفس الامارة بما يسوؤها ويضرها، واقوى هذه الشهوات شهوة الطعام والشراب، وإذا ما ملك الانسان زمام نفسه وسيرها لمشيئة الله ومصلحتها صلح وصلحت سريرته. وفي الصوم والجوع فوائد الايثار والتصدق والصدق وعبادة الله ومناجاته الصادقة والفوائد الروحانية والانسانية والنفسية.