لسان الوجع

اسرة ومجتمع 2021/05/01
...

سعاد البياتي 
في الكثير من الاحيان ومن واقعنا الممتلئ بالجراحات والألم ومرارة الفقر، تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي، صور متعددة لأوجه العوز والضيم التي حلت بالبيوت العراقية، ونرى مظاهرها في الطرقات والبيوت المتعففة، جراء الحروب والتداعيات الامنية المريرة، وفقدان المعيل والابن والمعيشة البسيطة احيانا، هذا كله يولد حالات نفسية صعبة، ونفوسا تموت قهرا جراء ذلك العوز، وعلى لسان الوجع الذي ينهش يومياتهم المريرة نسمع ونشاهد قصصهم المحزنة وآلامهم التي تسمو احيانا في فضاء الكتمان والرضا والتسليم.
ورغم كل ما تقدمه برامج المساعدات ومن جهات متعددة لهذه الطبقة المعدمة، الا اننا نصاب بالخيبة جراء استخدامهم كمادة اعلامية في صفحات شخصية او عامة، وعلى الفضائيات احيانا كثيرة، ليراق ماء وجههم بتلك المساعدات الفقيرة والخجولة احيانا، ويصبح امرهم معلنا امام الملأ، متجاوزين احساسهم المرير بالفقر، وما يسببه ذلك من جراحات نفسية عميقة.
فالله سبحانه وتعالى امرنا أن نتصدق على الفقراء بحيث أن يدنا اليمنى لا تعرف ما انفقت اليد اليسرى ولهذا فلا شك أن الإنفاق سرا والصدقة خفية على الفقراء والمساكين أفضل من أن كانت علانية، لأن ذلك أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء وأقل إحراجا للفقراء، وجاء في دراسة علمية جديدة أن بعض علماء النفس توصلوا إلى أن أعمال البر يمكن أن تكون أقصر الطرق للوصول إلى السعادة، ففي محاولة لتفسير تناقض الحياة المعاصرة ولماذا تكاثر الأموال لا يجعل الناس بالضرورة أسعد حالاً اكتشف العلماء أن كل ما ينفقه الناس من مالهم مهم بالكم الذي يكسبونه نفسه، وان أعظم المتع على الإطلاق يمكن أن تتحقق بالتبرع بالمال، اما لشخص تعرفه أو لحملات خيرية دون المساس بكرامة المحتاجين، فهؤلاء اودع الله فيهم عزة النفس التي لا تتوفر في الجميع، ولهم صفات لا ندركها بقدر ما يعنينا احساسهم الخفي نحو مد اليد وما يتعلق بها من تبعات نفسية تزيد من معاناتهم.
لذا اوجه دعوتي الى كل الخيرين والمنفقين أن يكون توجههم في ذلك قربة الى الله تعالى وليس الظهور الاعلامي والتباهي بالمساعدة وتقديم العون للفقراء، فمبادراتكم ستكون في ميزان حسناتكم إن كانت خالصة لله تعالى.