القوة الناعمة جداً

منصة 2021/05/04
...

قيس قاسم العجرش
 
لا أحد يريد أنْ ينتزع ملكية المصطلح من جوزيف ناي وكتابه الذي يحمل ذات العنوان (القوة الناعمة). لكنه من لحظة حلوله في كتابات المتعاطين بالشأن السياسي كان مفهوماً مراوغاً، بل أزعم أنَّ من يطلب النعومة في متاجر القوى، سيكون وضع نصب عينيه ابتداءً أنه بصدد مراوغة كبيرة.
أمثلة القوة الناعمة لا تعد ولا تحصى، بل هي متعددة المفاهيم أصلاً. بالضبط مثل مفهوم (الإرهاب) وتعدد أوجه المكعب الذي يحويه.
إبّان هيمنة عصابات داعش الإرهابيَّة، أصرّت تركيا مثلاً على ذكر حزب العمّال (PKK)، كلما تطرّق أحد مسؤوليها للتعليق على فظائع التنظيم الدموي الذي احتل الموصل. رسالتها كانت واضحة، وبلا نعومة. إذا كنتم تريدون وَصم التكفيريين بالإرهاب، فنحن نرى قومجية الكرد إرهابيين أيضاً.
وعلى ضفة ثانية، كان المفهوم الأميركي للإرهاب ملتبساً أيضاً. الإرهاب هو أولاً كل ما يتعرّض للقوات الأميركيَّة في الميدان بالأخطار. ثم يأتي بعد ذلك ما يحدث على الأرض.
يقول آشتن روبنسن، وهو أحد خبراء مجموعة مسح العراق التي فتشت عن أسلحة الدمار الشامل بعد عام 2003. يقول إنه كان يحضر الإيجازات الأمنية التي تعرضها لهم القوات الأميركيَّة في العراق مرتين أسبوعياً. كان هناك حديث عن قتلى جنود، وقتلى من المتعاقدين، وإصابات بين الجنود وقوات التحالف، وكذلك عناصر الشركات الأمنية. لكنْ لم يحدث ولا مرّة أنْ ورد رقم أو تقرير يلخص خسائر العراقيين وخاصة المدنيين.
أتذكر جملة الإعلام (الناعم جداً) الذي كان يذبح العراقيين “بالقطنة” كما يقول أهل بغداد “مقتل عشرين عراقياً في تفجير استهدف رتلاً للقوات الأميركية!”.. يعني كان يؤكد مقتل العراقيين، ومع ذلك يفترض أنَّ الهدف كان هو بالأصل ضرب القوات الأميركية. فهل هناك نعومة أكثر من ذلك!.