مزرعة فدك.. بنك وراثي يجود بالخيرات

ريبورتاج 2021/05/05
...

 كربلاء : سعاد البياتي 
على بعد 21 كيلومتراً من مدينة كربلاء المقدسة وفي غربها بالذات، تتراءى صورة مترامية الاطراف بلون اخضر طبيعي، تكاد أن تسرق نظرات كل من يراها حتى وان بعدت المسافات، فهي تجذب عيون الاعجاب وتلقي كلمات الصلاة على محمد وآل محمد لجمالها الاخاذ، وسط لون التراب الذهبي في ذلك المكان الساحر.
انها (مزرعة فدك)، التي ضمت كل انواع التمور العراقية واصنافها المفقودة والموجودة بزراعة حضارية ترتقي بجودها وثمارها، وبأنفاس الجهة التي كانت حاضرة في احيائها، فضلا عن اشجار الزيتون والتين والعنب والرمان.
 
المشاريع الستراتيجية
"الصباح"، حطت اوراقها في مزرعة فدك التابعة للعتبة الحسينية المقدسة، لترى ما تجود به من خيرات وثمار اينعت فيها. 
مدير المزرعة فائز ابو المعالي تحدث عنها قائلا: "معظم الثمار، ولاسيما التمور على وجه الخصوص مزروعة في ارض واسعة تبلغ مساحتها 2000 دونم تابعة للأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة، إذ تعد من المشاريع الستراتيجية الزراعية المهمة في عموم العراق، كونها تشجع على تطوير قطاع التمور على مستوى واسع، وتأسست في سنة 2015 وتمت المباشرة بزراعة النخيل في مطلع آذار لسنة 2016، وتبلغ الطاقة الاستيعابية لزراعة النخيل ما يقارب 70 ألف نخلة، اذ تمت زراعة 47 ألف فسيلة حتى الآن عبر مرحلتين".
 
رسالة المزرعة
 واضاف "رسالتنا هي الالتزام بالمسؤولية المجتمعية والمحافظة على تاريخ النخيل بشكل عام وتاريخ النخيل والاصناف العراقية بشكل خاص، وتعريف المواطن العراقي والعربي والعالمي على اصنافنا، والسعي لإعلان الاكتفاء الذاتي من التمور ومستخلصاتها، وأن نصبح المورد المفضل على مستوى العراق والعالم للتمور من خلال التزامنا بمعايير التميز والجودة والعمل على تكثير الاصناف النادرة"، وفي السياق ذاته بين أبو المعالي  طبيعة الأسمدة المستخدمة والمبيدات بقوله: "تعتمد مزرعة فدك للنخيل ومنذ تأسيسها على الاسمدة العضوية والمبيدات الاحيائية من خلال طريقة تخمير خاصة، لتكون بعدها محفزا طبيعيا للنمو يقدم للنخيل، والهدف من هذه الخطوة هو الابتعاد عن المحفزات الصناعية لإنتاج مذاق يلبي طلب العملاء، وتعتبر مزرعة فدك للنخيل بنكا وراثيا لاحتوائها على اكثر من 90  صنفا من اجود اصناف النخيل العراقية والعربية وهي الاصناف العراقية، ومنها شويثي احمر وشويثي اصفر (الناصرية)، مكتوم، بربن، تبرزل، برحي (البصرة وجميع المحافظات)، قرنفلي (ديالى مندلي)، مكاوي، ميرحاج (ديالى مندلي)، ساير، اشرسي، بلكة (السماوة)، حويز، اسحاق، عويد، بريم، مطوك، عساف، جعفري، خاتوني، خضراوي، قنطار، فضيلي، ساعي (الانبار هيت)، عوينة ايوب (عين التمر)،
أما الاصناف العربية فهي: المجهول (المغرب)، خلاص (سعودي)، دجلة نور (جزائر)، ابو معان، شيشي (سعودي)، عنبرة (جزائر)، عجوة المدينة (سعودي)، نبوت سيف (سعودي)، صقعي( سعودي)، زاملي (سعودي)، فضلا عن اصناف الذكور الخاصة بالتلقيح مثل الغنامي والجارفس والسميسمي".
 وشهدت زراعة بينية لبعض الأشجار من (الزيتون والتين والعنب والسدر)، بينما المرحلة الثانية كانت الزراعة فيها فقط من أشجار النخيل وحولها أشجار الزيتون.
 
التعليب والتغليف
 تتم هذه العملية حسب ابي المعالي بطرق حديثة، اذ تم استخدام العلب الصديقة للبيئة الصالحة للاستخدام البشري، فضلاً عن توفرها بأوزان مختلفة بحسب حاجة المستهلك، ومجمل أسعار التمور مدعومة بالمقارنة مع السوق العالمية والمحلية، وعن آلية سقي المزرعة، بين ابو المعالي "سيتم استخدام منظومة التقطير الحديثة التي تعمل بنظام (الواير لس) من خلال الآبار المنتشرة والتي يصل عددها إلى عشر آبار، تم حفرها في أماكن مختلفة من المشروع".
واشار الى أن "المشروع يهدف الى تشغيل الايدي العاملة، واستغلال الأراضي الصحراوية وتنمية الواقع الزراعي في كربلاء، فضلا عن الهدف الستراتيجي وهو الحفاظ على الأنواع الجيدة والنادرة من التمور العراقية من الانقراض وإنتاج نوعيات جديدة من التمور".
وكانت المزرعة قد رفدت السوق المحلية بأصناف التمور النادرة خلال الصيف الماضي.
 
مكونات التمر
يحتوي التمر على العديد من العناصر الغذائية المهمة لصحة الجسم، وأبرزها ما يأتي: الكالسيوم، الكبريت، الأحماض الأمينية، الحديد، البوتاسيوم، النحاس، المنغنيز، المغنيسيوم، الفسفور، الألياف الغذائية، والفيتامينات مثل B5 ،A1، B1، B2، B3  وسكريات أحاديّة (الجلوكوز)، وسكريات ثنائية (السكروز)، والفلورين وغيرها؛ لذا يعتبر التمر ذا قيمة غذائية عظيمة، وهو مقو للعضلات والأعصاب ومرمم، ومؤخر لمظاهر الشيخوخة، وإذا أضيف إليه الحليب كان من أصلح الأغذية، وخاصة لمن كان جهازه الهضمي ضعيفًا، إذ تضاهي هذه القيمة الغذائية بعض ما لأنواع اللحوم وثلاثة أمثال ما للسمك من قيمة غذائية، وهو يفيد المصابين بفقر الدم والأمراض الصدرية، ويعطى على شكل عجينة أو منقوع يغلى ويشرب على دفعات.
 
زينة مائدة الشهر المبارك
أجمل الموائد وأكثرها تجمعا هي مائدة شهر رمضان المبارك، فلهذا الشهر الفضيل طقوس خاصة وأجواء روحانية استثنائية، والتمر يعد الضيف الدائم والمرحب به طيلة أيام الشهر الكريم، والجميل في الأمر هو طرق تقديمه المتنوعة، فأغلب الاسر لا تكتفي بوضع التمر في أطباق صغيرة موزعة على طول المائدة، بل تزين هذه الأطباق بالجوز، أو تصب على التمر خلاصة السمسم (الطحينة) أو يتم طبخ التمر على النار، بإضافة السمن المعروف بـ (الدهن الحر) والدقيق ويتم تكويره مع السمسم أو مبروش جوز الهند، وأحيانا يتم عجنه بالطحينة في مكائن خاصة أو بواسطة (الجاون) ويتم تكويره بإضافة السمسم أيضا، ولكن لهذه الطريقة نوعية تمر محددة وهي (الزهدي)، ويسمى طبق الحلو هذا (مدكوكة)، وفي العيد تتهيأ البيوتات العراقية لصناعة نوع من المعجنات المحشوة بالتمر لتقديمها للضيوف ويسمى هذا النوع من المعجنات (كليجة)، وقد يدخل التمر ولكن بشكل آخر في وجبة فطور أول أيام عيد الفطر المبارك إلى جانب القيمر بوجوده على شكل عصارة أو مستخلص التمر ويعرف بـ (الدبس) وللدبس أيضا فوائد كثيرة ويدخل بطرق مختلفة في إعداد أطباق من الحلويات الشعبية.