هل فشل الحياة الزوجيَّة ضريبة نجاح المرأة؟

ريبورتاج 2021/05/06
...

 سرور العلي
غالباً ما يؤثر نجاح المرأة بعملها في حياتها الزوجية والاجتماعية، لاسيما في عالمنا العربي، إذ لا يتقبل معظم الأزواج ذلك النجاح، ويعدونه قوة واستقلالية وتفوقا عليهم، ‎وان امتلاك صورة واضحة لمستقبل ناجح لشخصين، هو المكون الرئيس لنجاح مشروعهما المشترك، وذلك ينطبق الى حد كبير على الرجل والمرأة اللذين قدر لهما أن يسيرا جنباً إلى جنب، ويخوضا معترك الحياة. 
 
 
وغالبا ما يتعين على النصف الضعيف من الأسرة مساعدة النصف القوي ودعمه والهامه، هذا ما قاله د. فلاح حاجم، واضاف «والنجاح الذي تحقق في نهاية المطاف واحد لاثنين، وقد عرف تاريخ العلاقات الاسرية نماذج صارخة لما يمكن أن تؤدي اليه العلاقات الزوجية المتكافئة، فهل كان من الممكن أن يحقق الميكانيكي الشاب هنري فورد ذلك النجاح الباهر، اذا لم تؤمن زوجته كلارا جين فورد، وتثق بحلمه بمحرك جديد، ولم تتجمد ليلًا في الحظيرة ممسكةً بالفانوس، لتسهل على المخترع العمل في ورشته المنزلية؟، وضحك الجميع منهما لكنها
 صدقت». 
 
تضحية
‎وبين حاجم «وهل كان بإمكان غابرييل غارسيا ماركيز انجاز «مئة عام من العزلة»، اذا لم تكن زوجته مرسيدس بارشا باردو قد دافعت بمفردها عمليا عن الأسرة التي عانت من الفقر المدقع?، واعتقد أن قصة زوجة ماركيز وحبيبته مرسيدس معروفة، اذ لم يتمكن الزوجان من تدبير اجور ارسال مسودة «مئة عام من العزلة» الى دار النشر كاملة بسبب عدم كفاية ما لديهما من نقود، لتغطية تكاليف الارسال لثقل وزن المسودة التي بلغت  (510) صفحات، حينها اقترحت مرسيدس رهن خاتم زواجهما، الأمر الذي رفضه ماركيز بشكل قاطع، بينما رفض الاثنان  فكرة رهن او بيع الآلة الطابعة لأنها مصدر رزقهما الوحيد، لكن مرسيدس أصرت ونفذت فكرة رهن خاتم زواجها، لتنقذ رواية ماركيز التي ترجمت الى الكثير من اللغات، واصبحت مصدر شهرة وعالمية ماركيز».
 
‎نجاح مشترك
وفي عالم الشرق المسكون بوحدة الاضداد وصراعها، وتناقضاتها وحروبها أيضا هنالك نماذج لا حصر لها من نسوة جسدن بالقول والفعل مقولة ان (وراء كل عظيم امرأة)، وغالبا ما يُعتقد أن الزوجين الناجحين يحتاجان إلى السير عبر الالغام منذ البداية، لكن لا توجد مخططات واحدة للنجاح المشترك، إذ اكد حاجم «لا توجد وصفة جاهزة تناسب الجميع، بل اقول جازما ان الواقع الاجتماعي، ومجموعة القيم الموروثة عن السابقين، ومستوى الوعي، والاهم من كل ذلك الواقع الاقتصادي، كلها عوامل تحدد مدى نجاح وثبات العلاقات الزوجية وازدهارها».
 
وجهة نظر
أحيانا يكون فشل الحياة الزوجية مرتبطا بالرجل وليس المرأة، وبعدة عوامل أخرى اوضحتها استاذة العلوم التربوية النفسية في جامعة بغداد ناز بدرخان
 السندي:
«مثل عدم التوافق بين الزوجين، وخطأ الاختيار، والمشكلات الاجتماعية، والرابط الذي يكون بينهما غير صحيح، وحتى المشكلات الاقتصادية لها دور، ونحن دائماً في دراسة متواصلة لموضوع العلاقات الزوجية، ونجاحها وفشلها، ولا يمكن أن نجزم في قضية النجاح أو الفشل، وارتباطهما بالزوج أو
 الزوجة».
وتابعت السندي «ومن وجهة نظري فان نجاح المرأة لا يمكن أن يشكل عائقاً وفشلاً في حياتها الزوجية، فهناك عملية توافق بين الحياة العملية والزوجية، فلا يكون شيء على حساب شيء آخر، ويجب أن يكون نجاحها متوافقا مع عقلية الرجل وتقبله لها، كما يجب على الزوجة أن تؤدي واجباتها تجاه زوجها وأبنائها، وبنظري فالمرأة الناجحة هي من تنجح داخل البيت وخارجه، وتحقق النجاح في كل ما تعمل به، ولا تنسى حياتها الزوجية وهي مهمة جدا، كونها تؤسس الأسرة، وتربي الأطفال، وهي منظومة مرتبط بعضها بالبعض الآخر، ولا يجوز الفصل بينهما، لذا على المرأة أن تفكر جيدا في اختيارها للزوج، وأن يكون اختيارا صحيحا منذ البداية ليستمر الزواج بشكل سليم، وليس هناك شيء يحدد فشل الزواج».
 
مجتمع ذكوري
لطالما عانت المرأة من تسلط المجتمع الذكوري، فتركيبة المجتمع العراقي تركيبة ذكورية، وفي اغلبها الذكر هو المسيطر، الذكر هو من يقوم بواجب الاسرة، لكن مع تطور الزمن، وتطور التعليم اصبحت هناك فرصة للمرأة بأن تُكمل تعليمها، ومن ثم تلتحق بميدان العمل، إذ اكد طارق البياتي «اغلب تصورات المجتمع الذكوري عن المرأة، هي أنها يجب أن تكون مسؤولة عن البيت، وتربية الاولاد، وان اي عمل آخر سيؤدي الى التقصير في واجبها الاسري، والسبب في اعتقادي هو عدم وجود نوع من التفاهم بين الزوجين حول مسؤوليات الاسرة والبيت، فالذكر يريدها خادمة له ولأولاده فقط، واغلبهم واقصد الذكور يرفضون مبدأ عمل المرأة خوفاً من أن يكون لديها دخل مالي بحجة انها ستستقوي عليه، ما يؤدي الى مشكلات كثيرة، وفي بعض الاحيان الى الانفصال، والحجة هي تقصيرها في اداء واجبها البيتي». 
رغبات
واضاف البياتي «من ناحية اخرى قد تؤدي رغبة المرأة في اكمال تعليمها، وسعيها لمنصب الى تأخرها في الزواج، او الاّ تتزوج اساسا، وسعيها الى هذا الهدف قد يؤدي الى تأخر سن الزواج لديها، فكما تعلمون في المجتمع العراقي اغلب النساء تتزوج في سن 25 او اقل بينما من تختار اكمال الدراسة قد تؤجل هذا الموضوع، عندما تتخرج ومعها شهادة ماجستير او دكتوراه وتكون قد ضحت بسنين من
 عمرها. 
اضافة الى أن نيلها درجة علمية، او مركزا مرموقا قد قلل من فرص الزواج لديها، لأنها تفضل الارتباط بشخص يوازيها بالمكانة العلمية او الاجتماعية، والشيء نفسه عندما تتبوأ مركزا قياديا، فتجد أن الرجال انفسهم يتهيبون الارتباط بمن هن اعلى منهم مكانة، خوفا من المعايرة في
 المستقبل. 
انا اقول ان فشل او استمرار العلاقة الزوجية يقع في الاساس على عاتق الرجل، كلما تفهم الرجل مكانة زوجته كلما ابدعت، وكلما كانت شخصية الرجل ممتازة، ووثوقه بنفسه عالياً جداً كلما زاد أمد العلاقة».