الصيدليات من حاجة إنسانيَّة إلى تجارة رابحة

ريبورتاج 2021/05/20
...

 علي لفتة
يبدو أن أول حاجة للإنسان بعد الهواء والماء والطعام هي الدواء من أجل علاج ما يتعرض له من مضاعفات صحية، سواء من الجروح اثناء عملية البحث عن  الطعام الذي يتناوله، فكانت هناك حاجة بمرور الزمن وتطور الحياة الى وجود الحكيم، ومن ثم التطور الى وجود الصيدليات التي اصبحت في العراق أكثر من عدد المهندسين، حتى لا يكاد شارع وربما زقاق يخلو من وجود صيدلية، بل ان زيادة الامراض والفوضى الدوائية اسهمتا بإيجاد ما يسمى بصيدليات الرصيف التي يعرفها كل العراقيين، اذ توفر لك ادوية لم تستوردها شركة كيماديا، فتحولت من حاجة إنسانية الى تجارة رابحة.
تاريخ وتعاويذ
قال الباحث صاحب الشريفي عن الصيدليات في كربلاء "انها لم تكن تتجاوز ثماني صيدليات قياساً بواقع الزمن الحالي، اذ لا يمكن احصاء عددها وربما يفوق الألف صيدلية".
واضاف "ان سعر الدواء كان مناسباً مع هذا العدد القليل من الصيدليات ولم يكن هناك دواء مغشوش ولا هذه ماركة اصلية، ولا هذا ألماني أصلي ليرتفع ثمنه عند البيع"، وتحدث الشريفي عن تاريخ الصيدليات قائلا: "كانت الصيدلة والتطبيب تمارس في المعابد من خلال الكهنة، لذلك كان المرضى يعالجون بالدواء والتعاويذ الدينية في مطلع التاريخ الإنساني، ثم بدأ التخصص في الصيدلة يظهر في القرن الثامن في العالم المتمدن ببغداد، وانتشرت تدريجياً في أوروبا تحت اسم الكيمياء والكيميائيين". 
وبين أن "الصيدلة تعد من أقدم العلوم التي اكتشفت، اذ  ان أصول علم الصيدلة يرجع إلى الثلث الأول من القرن الثاني عشر عندما كان الإنسان الأول يضع عصير أوراق النباتات فوق الجروح ليعالجها، وأصبحت مهنة الصيدلة حاليا، الصيدلية وهي المكان المختار الذي به المادة الطبية materia medica تركيب الدواء و ويتم فيها تداوله وبيعه وهي فرع من فروع الطب والصيدلة تعني بطبيعة وخواص وتحضير الأدوية.
شعار ومعانٍ
في لوحات ولافتات الصيدليات أو بعض المرافق الطبية والمستشفيات ثمة شعار يراه الجميع كالأفعى الملتفة حول الكأس أو العصا، وقال الشريفي "انه شعار يرمز الى إله الشفاء عند الاغريق، واما الافعى فترمز الى الادوية التي تستخرج من سمومها، وكذلك رمز الهاون أو المدقة فهو يعود الى أحد الرموز الدولية للدلالة على مهنة الصيدلة من خلال طحن وخلط الكيميائيات التي تستخدم في صناعة العقاقير"، وتحدث عن اول صيدلية في العراق قائلا: "انها صيدلية السلطانية في البصرة، وصاحبها صيدلي عراقي في العهد الملكي العثماني وهو عزيز اجزاحي تخرج في اسطنبول عام1890م،  وهو ايضا اول صيدلي يمنح شهادة الصيدلة ومزاولة المهنة". 
واضاف "ان اول طالبة تخرجت من كلية الصيدلة هي الآنسة جوزفين برجوني، وكذلك اول صيدلانية مارست مهنة الصيدلة والعمل الحر هي السيدة رحيمة يوسف سنة 1940م".
 
صيدليات كربلاء
وتحدث الشريفي عن الصيدليات في كربلاء قائلا:  "بدأت في الثلاثينيات حتى منتصف السبعينيات من القرن العشرين والتي منحت اجازة مزاولة المهنة، وكان عددها ثماني صيدليات، اولها الصيدلية الحسينية التي افتتحت عام 1926 في باب السدرة، وكذلك صيدلية الهاشمية التي منحت اجازة مهنة في اربعينيات القرن العشرين، وأيضا صيدلية كربلاء  في الخمسينيات من القرن العشرين، وصيدلية نينوى  التي منحت اجازة مزاولة المهنة في ستينيات القرن العشرين، وايضا صيدلية الديار الاسلامية ومنحت اجازة مزاولة المهنة في ستينيات القرن العشرين، لتأتي بعدها صيدلية العباس ومنحت اجازة عام 1966م، وصيدلية القباني وافتتحت في عام 1969م، واخيرا صيدلية محمود الشربتي التي منحت إجازة عام 1973م وحملت اسم صيدلية كربلاء بعد وفاة الصيدلاني طالب عبدالوهاب الدلال".
 
الصيدليات الخافرة
واستدرك الشريفي "انه كان سابقا يعلن عن الصيدليات الخافرة لجميع المحافظات عن طريق نشرة الأخبار اليومية المرئية والمسموعة، وكانت تبقى الصيدلية الخافرة حتى ساعات متأخرة من الليل لتقديم الخدمات للحالات الطارئة، بينما اليوم غابت هذه الخدمات الانسانية، وعزا السبب الى الحالة الامنية التي يعيشها البلد".