احمد الفرطوسي
ليس ببعيد عن قضاء الخضر، وعلى حافات الصحراء القاحلة التي تقع على مسافة 25كم إلى الجنوب الغربي من القضاء الذي يبعد عن مركز محافظة المثنى قرابة 30 كم، حيث يفاجأ الهواة والصيادون بمشهد طبيعي خلاب وسط الصحراء، يمثل هور الصليبيات الذي يعد من المسطحات المائية المتكاملة من ناحية النظام البيئي والغذائي معا، لوجود التنوع الإحيائي والبايولوجي فيه.
حاضنة طبيعيَّة
ويعد محطة استراحة لأصناف مختلفة من الطيور المهاجرة القادمة من عدة قارات طيلة مواسم الهجرة، وهو موقع مشجع لصيد الطيور الحرة والشاهينات، اذ تنتعش عملية قنصها طيلة هذه الفترة من قبل الهواة والصيادين المختصين في صيد الطيور الحرة التي تنتشر في هذا الهور الذي يشكل محمية طبيعية وثروة بيئية لا تعوض، أفرزت نظاماً بيئياً ومصدراً غذائياً متكاملا، لذلك اعتبر محطة استراحة لأنواع الطيور المهاجرة وموقعا لصيد الطيور، فضلا عن كونه حاضنة طبيعية لأصناف من الزواحف والحيوانات البرية المختلفة.
طيور وشواهين
مازن ريسان عبد الله (صياد طيور)، قال لـ "الصباح": "عندما يحين موسم الصيد نخيم في هذه المنطقة لمدة ثلاثة شهور يتم خلالها الاستقرار في المحمية لغرض صيد (الصقور) إضافة إلى الشواهين"، مبينا "تتم عملية صيد الطيور والشواهين من خلال نصب خيمة للإقامة فيها ومن ثم نقوم بحفر ثلاثة نوج (موضع أو فخ) بعد ذلك نقوم بربط حمامة وغراب لاستدراج الطيور للإطاحة بها في احد النوج الثلاثة".
ولفت الى انه "خلال هذه الفترة (الثلاثة شهور) يتم اصطياد قرابة الـ (9) طيور (صقور حرة) وعدد من الشواهين التي تتكاثر في المسطحات المائية"، مشيرا إلى أننا "يتم تكليفنا بهذه المهمة من قبل عدد من التجار البصريين المختصين ببيع الطيور والمتاجرة بها في البصرة ودول الخليج، اذ يتم تجهيزنا من قبلهم بجميع المصاريف والمؤن ومتطلبات الإقامة في المنطقة، بغية صيدها وبيعها عليهم بأسعار مناسبة".
محطة لاستراحة الطيور
وبين مدير بيئة المثنى المهندس يوسف سوادي، أن "هور صليبيات محمية طبيعية وعبارة عن مسطح مائي مهم تصل مساحته الإجمالية إلى (200) ألف دونم انحسرت فيما بعد إلى 50 ألف دونم أي ما يعادل 30 % من المساحة الإجمالية نتيجةً لشحة المياه"، وأضاف "يعد صليبيات هور طبيعي يحتوي على نظام بيئي متكامل ويحتوي على تنوع احيائي ومياه وتربة".
مشيرا الى أن "الهور يحافظ على التوازن البيئي، فضلا عن كونه معلما حضاريا وتراثيا، وهو بمثابة محطة للطيور المهاجرة من ايران وسيبيريا، كالكركي ودجاج الماء"، ودعا سوادي الحكومة المحلية والجهات ذات العلاقة إلى "ضرورة توفير الكميات اللازمة من المياه لانعاش هذا الهور باعتباره ثروة طبيعية يمكن الاستفادة منها في عدد من المجالات بينها الصناعات الورقية والسياحة"، مطالبا وزارة الموارد المائية بـ"شمول الهور ببرنامج إحياء الاهوار الذي شملت به محافظات البصرة وميسان والناصرية".
أنواع نادرة من الطيور
وأشار محمد عباس عبود مسؤول وحدة الاهوار إلى أن "الموقع عبارة عن نظام بيئي ومصدر غذائي متكامل في المنطقة من خلال توفر بيئة صحراوية إلى جانب بيئة مائية".
مبيناً أن "قناة الصليبيات تمتد لمسافة 60 كم وتزرع بالحنطة والشعير، فضلا عن المحاصيل الشتوية والصيفية".
وأضاف "لقد اثر جفاف المنطقة في الزراعة وتسبب بإضافة مساحات صحراوية إلى المناطق الصحراوية الموجودة"، موضحا أن "هذا الموقع يعتبر بمثابة ثروة بيئية لا تعوض، لاسيما عند عودة المياه إلى نشاطها الطبيعي". وأفاد "تعتبر البيئة الحضرية مصدرا للأسماك ويرتادها نحو 1200 صياد سنويا، ما شكل مردودا اقتصاديا للمحافظة"، موضحا بان "الهور يحتوي على انواع نادرة من الطيور، اذ تم رصد 38 نوعا من الطيور المحلية والمهاجرة بينها 25 طيرا مهاجرا و13 محليا مثل (البجع، اللقالق، الشهيبي، الفلامنكو، بلشون الصغير والكبير، أبو ملعقة، أبو قردانة)، فضلا عن الطيور الجارحة ومختلف أنواع النوارس والخضيري والإوز الصيني، كما يوجد عدد غير قليل من الزواحف بمختلف
أشكالها".
صيد جائر
ولفت إلى انه "تم رصد حالات غير قليلة من ممارسات الصيد الجائر باستخدام السموم والتفجير بالمفرقعات والاطلاقات النارية، ما اثر سلبا في سير الطيور المهاجرة في المنطقة وانقراض أنواع من الأسماك كالشبوط والبني والكطان، فضلا عن انقراض عدد غير قليل من أنواع الطيور النادرة"، لافتا إلى أن "المسطح المائي الكبير يعمل على حفظ التوازن الحراري في المنطقة، كما يلطف درجات الحرارة".
وطالب مسؤول وحدة الاهوار "بجعل الموقع محمية طبيعية يمكن استغلالها في عدد من الصناعات الورقية من خلال الاستفادة من القصب والبردي".
من جانبه أشار، احمد نعيم الاعرجي مسؤول اعلام دائرة الموارد المائية في المثنى، إلى أن "هور الصليبيات يحصل على المياه من نهر العطشان الذي يتفرع من نهر الفرات، نافيا تخصيص حصة مائية محدّدة من قبل وزارة الموارد المائية لهذا الهور".
منوهاً بأن "السنوات القليلة الماضية شهدت وصول تصاريف محددة من مياه المبازل لمناطق زراعة محصول الشلب في محافظة النجف"، واستدرك "لكن شحة المياه الواردة من تركيا تؤدي إلى نقص شديد لمياه الأنهار ما يؤثر سلبا في حصول منخفض الصليبيات الطبيعي على حاجته من
المياه".