في بوادي المثنى... خطط لاستثمار المياه الجوفيَّة

ريبورتاج 2021/05/23
...

  نافع الفرطوسي
 
شهدت مدن العراق خلال الموسم الشتوي المنصرم، شحاً كبيراً في مياه الأمطار التي تعتمد عليها مئات آلاف الدونمات التي تشتهر بالزراعة الديمية، لاسيما في محافظات شمال وغرب العراق، كما ان المحافظات الجنوبية أيضا تتطلع للأمطار الغزيرة في موسم الشتاء للاستفادة منها في تعزيز المياه الجوفية وخزين الآبار.
وفي محافظة المثنى ذات البوادي الشاسعة والتي تحاذي اغلبها المملكة العربية السعودية بشريط حدودي موازٍ لمسافة تتجاوز (600) كيلومتر، تبدو الدوائر المعنية تفكر بجدية في امكانية استغلال المياه الجوفية في بادية السماوة، لتغطية حاجات السكان من مياه الشرب للأهالي والمواشي والزراعة أيضاً، في حال حصول أزمة مياه قد تواجه البلد بشكل عام في المستقبل المنظور، فضلاً عن ادخال التقانات الحديثة في الري والتسميد وغيرها. 
 
محطات تحلية
مدير بيئة المحافظة المهندس يوسف سوادي جبار قال لـ "الصباح"، ان "مجلس حماية وتحسين البيئة في المحافظة أوصى في أحد اجتماعاته الماضية، بإقامة محطتي تحلية مياه في منطقة (عين عودة) ببادية السماوة لتأمين مياه الشرب لسكان المنطقة ومعالجة ملوحة مياه العين وتنقيتها من تلوث العناصر النادرة الثقيلة".موضحاً أن "التوصيات جاءت على ضوء الدراسة التي أعدها المجلس حول المياه الجوفية في البادية ومدى إمكانية الاستفادة منها مستقبلا في حال مواجهة المحافظة لأزمة مياه مستقبلا". 
وأضاف "حددت الدراسة إمكانية استثمار المياه الجوفية حتى عام العام 2042 لتزويد مركز المحافظة ووحداتها الإدارية بمياه الشرب، كبديل احتياطي في الأزمات، فضلا عن استغلالها لمتطلبات التنمية الاقتصادية على اعتبار أن المنطقة تمثل الجزء الرئيس للإنتاج الزراعي وإمكانية تحولها الى مركز للاستثمار الزراعي والحيواني والصناعي".
مشيراً إلى أن العديد من المصادر الموثوقة، أكدت توفر فرص جديدة للمحافظة تتبناها وزارة الموارد المائية مع منظمة اليونسكو لدراسة المياه الجوفية في العراق باعتماد تقنيات حديثة من شأنها أن تكشف عن معطيات جديدة من مخزونات مائية هائلة في بادية السماوة".
 
الزيوت الملوثة
ومضى جبار الی القول، ان "المجلس أوصى كذلك شركة المنتجات النفطية بأخذ تعهدات خطية من أصحاب مضخات الديزل بعدم رمي الزيوت في شط الرميثة وتجميعها في حاويات خاصة والتنسيق مع دائرة الموارد المائية، لرصد هذه المخالفات واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين".
لافتاً الى ان التوصية هذه جاءت على خلفية التقرير الذي أعدته مديرية بيئة المحافظة حول ظاهرة رمي الزيوت المستهلكة من قبل أصحاب المضخات الزراعية شمال قضاء الرميثة في الشط المذكور ما أدى الى تلوث مياهه التي تعد مصدر التغذية الرئيس لمشاريع مجمعات مياه الإسالة في القضاء. 
 
منظومات الطاقة الشمسيَّة
المهندس الزراعي عامر جبار مدير زراعة المثنى، ذكر لنا انه بالنظر الى أسعار الوقود المرتفعة كالديزل والبنزين التي يعتمد الفلاحون والمزارعون عليها لتشغيل مضخات الآبار الارتوازية، ولعدم تلقيهم دعماً حكومياً مناسباً في هذا الصدد، فقد عمد الكثيرون الى اقتناء ألواح الطاقة الشمسية التي تزودها المكاتب العلمية والتكنولوجية، وجربوها بتشغيل مضخات وغواطس الآبار، فوجدوا فيها ميزات كثيرة، ومرونة فائقة في الاستفادة منها، فضلاً عن الجدوى الاقتصادية وتوفير أثمان المحروقات المختلفة التي ارهقت ميزانياتهم.
وقال المزارع فتاح عبد الحمزة ان "فكرة تشغيل الآبار عبر مضخات تعمل بالطاقة الشمسية باتت فكرة ممتازة وحلا مثاليا لمشكلاتهم مع المنتجات النفطية ومحطات بيع المشتقات"، مضيفاً ان "عمر الألواح الزجاجية قد يصل الى 25 عاماً وهي تقريبا لا تحتاج الى وقود،لأن وقودها الحقيقي بضع بطاريات جافة (ديب سايكل) والشمس الساطعة التي تتوفر كثيراً في بوادينا الشاسعة".
 
طرق حديثة
واضاف المهندس الزراعي عامر جبار ان "استخدام طرق حديثة في الزراعة وحصول المزارعين على قروض زراعية أسهما الى حدٍ بعيد في تحسين معدلات الإنتاج الزراعي خلال المواسم الماضية، لكن وفرة الأراضي الصالحة للزراعة تتطلب المزيد من الدعم للإفادة منها، وبشكل خاص حل المشكلات المتعلقة بالري والحصول على منظومات الري بالتنقيط او منظومات الرش الحديثة التي تحافظ على 90 % من الحصة المائية وتمنع عمليات الهدر في هذه الثروة".
وكانت مديرية زراعة المثنى قد جهزت المزارعين بمئات المرشات المحورية التي تمتاز بقدرتها على سقي مئات الدونمات يوميا وتقنين المياه وعدم هدرها، كما قامت إحدى شعب المثنى الزراعية باستخدام تقانة (الباذرة المسمّدة) في زراعة محصول الماش، كونه يسهم في زيادة الغلة الزراعية للدونم الواحد، وهناك تقانات علمية حديثة يجري استخدامها في العديد من الشعب الأخرى. 
 
اكتفاء وتصدير منتجات
وفي سياق متصل، تمكنت إجراءات وزارة الزراعة بتسهيل عمليات منح إجازات التصدير الى الخارج من زيادة إيرادات الدخل القومي للبلد وتنمية الموجودات من العملة الصعبة، كما تمت إضافة الرز (العنبر والياسمين) المحليين الى مفردات البطاقة التموينية.
كما وصلت بعض المنتجات الوطنية الى الاكتفاء الذاتي ومنها محاصيل ستراتيجية كالقمح مثلا، وصرح الناطق باسم وزارة الزراعة، حميد النايف، بانه "تمت زراعة محصول الحنطة بقرابة 14مليوناً و500 ألف دونم من ضمنها خمسة ملايين مضمونة الإرواء من قبل وزارة الموارد المائية و9 ملايين تعتمد على المياه الديمية"، مبيناً أن "الوزارة مستمرة لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي في البلاد".
ونوه بأن "عمليات تسلم محصول الشلب مستمرة، وتمت زراعة قرابة500 ألف دونم ونتوقع الحصول على 300 ألف طن وبات محصول الياسمين والعنبر ضمن مفردات الحصة التموينية خلال الأشهر الأخيرة".
ورغم أن الوزارة ليست جهة تصديرية، لكن دورها سائر نحو تعضيد الإنتاج ودعم جهود الفلاحين بغية سد حاجة وزارة التجارة لمنع الاستيراد الخارجي".
يشار الى استمرار وزارة الزراعة بتصدير التمور ومحصول الشعير بحدود 700 ألف طن الى اكثر من جهة خارجية، كما تم تصدير عدة منتجات وطنية من قبل القطاع الخاص مثل محصول الباذنجان والخيار والطماطم بحدود أربعة آلاف طن الى السعودية عن طريق منفذ عرعر، وهناك جهات عربية وخليجية اخرى ترغب بالحصول على المنتجات العراقية.