علي الشبّاني.. صورٌ رمزيَّةٌ لسيرة عريقة

ثقافة شعبية 2021/05/30
...

 منذر زكي
 
واجيتك روح مملوحة.. وغريبة
وألعب يروحي مهر للشوك
واصعد بالحنين وياي كلش فوك
كان أغلب الشعراء الشعبيين يخوضون معترك الحداثة للنص الشعبي، بجوانبها المختلفة والقافية الحرة، غاية منهم لاعتلاء مرحلة متقدمة من التجديد.
ومن الذين ركبوا هذه الموجة الشاعر الراحل علي عبد الحسين الشباني، وهو من الرواد الذين تسلقوا هرم الشعر، وحصد المراكز الاولى فيه، فقد ساد على قصائده طابع الصورة الرمزية، معتمدا أياها نمطا رصينا في الخارطة الشعرية.
اذ امتاز بألوانه التشكيلية عند الصياغة والتدوين، ومقارباته الجلية في الرسم التشكيلي، واضعا فيه أبعاده الوجدانية غير السطحية.
وعلى الرغم من ذلك، لم يبتعد في الصورة الشعرية، عن الظاهرة النوابية، خصوصا في الوهلة الاولى لقراءة النص.
علي الشباني، شاعر سلك طريقه الشعري والأدبي، منذ ستينيات القرن الماضي، فترعرعت بداخله الطفولة الشعبية، ونمت وازدهرت بثقافة شاملة إبان شبابه، ما جعله يحلق فوق كل ماهو مألوف حينذاك عن المتداول.
ولك خضر ولو بس ماي 
أجيك مناحر السجه 
إن التحاور الشعري، كما هو واضح في المقطع أعلاه، ما بين المفردة الشعرية والصورة الرمزية، يتسم بثقافة ودراية عميقتين، في تمكنه الأدبي من جهة، والوعي والادراك من جهة أخرى.
عند الولوج في الشعر الشعبي ونتاجاته الابداعية المتنوعة، نستشعر وبوضوح كامل، ان الصورة الرمزية، التي امتاز بها شاعرنا الشباني، قد تصل للمتلقي البسيط، بشكل فيه الكثير من اللبس وعدم الفهم، ولكن الحتمية الحقيقية، تشي بذكاء ورصانة الشاعر في نسج مخيلته الابداعية المغايرة. 
لقد كتب العديد من النقاد عن الشباني، وسبروا اغوار سيرته الشعرية بكامل فصولها، منذ نعومة أظافره، مرورا بنضاله حتى وافته المنية، لكنهم لم يستطيعوا أن يضعوا الشباني بملامحه الحقيقية، فقد اجاد واقتدر واتقن، وما يرضي النفس في هذا الشاعر وابداعه الاصدار الأخير عن الاتحاد العام للادباء والكتاب، العام 2020 بعنوان (سيرة وجع عراقي)، التي آلمت ببعض محطات تجربته الحياتية، لكنها لم تؤرخ مجمل مشواره الادبي الممتد بين محطاته الابداعية.