كامل الركابي شاعر الفصول

ثقافة شعبية 2021/05/30
...

 سعد صاحب 
 
لا تولد القصائد إلا من العذاب، ومن الوجع والغربة والكوابيس واضغاث الاحلام، والشاعر الجيد يفتك بالرتابة والاساليب التقليدية القديمة، ومن المستحسن تبديد الكثير من الاشياء غير الضرورية، والاهتمام بالمجهول وما يضمر من المفاجآت.
 
(جذع شجرة ع العشب نايم وحدره/ لا على اطرافه تشب انجوم صفره/ والجمال بروحه ياخذ شكل زهره).
اشعار كامل الركابي تشبه الرسم كثيرا، والشاعر الماهر من يحول فضاء السكوت الى كلام، ويغرس في ارض اللوحات اشجارا، دائمة التكاثر والخضرة والجمال والسخاء والخصوبة.
 
(الشجره يمكن فززتها/ مدري شبيها جن ما ما زحتني/ عيرتني/ روح احوي تمر بستان/ من نخلة البصره).
الكتابة الواعية تكشف عن اسرار غامضة، واللغة الشعرية تفضح شيئا مستورا، وتبين لنا ما خفى من الامور، ولا يزال الشعر يمتلك النفوذ والحضور والابوة والرهان، وان جواد الكلمات الادهم ما غادر الجموح، في ساحات تضج باشرس 
المتسابقين.
 
(بالخريف الروح غابه/ وانته لوني بالشته ثلجك غمرني/ وروحي جمره الصيف خلي/ الضيف نايم وسط كمره).
افكار لا تثني على التشاؤم، وتبارك الحياة بكل ظروفها الغامضة، فالكآبة السوداء تؤثر في الصحة بشكل مباشر، والتفاؤل المدروس يؤدي الى الاستقرار، وينمي القوة بداخل الانسان الضعيف، ويزيد من رفض الاستسلام لاصحاب الجاه والجبروت 
والعظمة.
 
(المعادلة المكتوبة كلش سهله كلش/ والرموز اوضح بعد من ماي دجله/ البصره لوما هالنفط جا صارت احله).
كتابات منوعة تحتفي بالمدن والعشق والثياب والمرايا والشهداء، ولا تركن الى لون شعري واحد، وديدنها الدائم الانشغال بكل جديد، وبكل موضة تصدر في عالم الادب العريق.
 
(انه من سومر من هوى الزقوره/ وانته تل اسمر شاهكات اطيوره/ كل طير يزهي بجنحه من يتبختر).
كامل الركابي يسافر بين ثنايا الصور في زورق محكم، فيلتقط النافع والمؤثر والمفيد، ويترك القديم المعاد في اكثر من قصيدة، ولا يبالي بمن يخشى من الحنجرة المغايرة للقواعد، فالصوت الذي لا يتماشى مع الجوقة، يبقى ويمضي الى الهباء الصدى.
 
(شاعر من البصره ناشر بالجريده/ احلى كلمه الماي جانت عندي/ من اكتب قصيده). 
الركابي يرجنا في ما يكتب ويحرضنا ضد انفسنا الساكنة، ويجند طاقاتنا الداخلية بالضد من العدائية والدم والهزيمة والغضب، ويدعونا الى التناغم والانسجام والتواصل والتعايش والاتفاق، والسماح للاخر بإبداء وجهة نظره الخاصة بمجمل الامور، والانتباه لكل رأي مشاكس لا يمثل سوى 
نفسه.
 
(كالتلي بت الهور/ محد يعرف الماي بالفيض يكتل/ من يشح يكتل/ كالتلي بت البصره مقهوره/ لا ماي عدنه ويشح/ والفيض كله ملح/ والكهربه ما بعد عدها خلك تنتل).
فضيلة المبدع فتح الابواب لمخيلته المجنونة بانتقاء الصور الجديدة، واختراع الكلمات المناسبة لها، ورفض الانسياق التام وراء الوزن والقافية، والابتعاد عن الاسلوب الجاهز والمعنى الملائم لكل 
الاذواق.
( النهر جرفين بس نهرك متاهه/ من كثر ما بي جروف/ العمر لونين لون البيت الاول اخضر/ ونخله على بابه/ ولون لون الغربة اصفر من عذابه/ تبتعد بيك المسافه وتحلم بعهد الصبابه/ ترتع بروحك غزال وانته 
غابه).