إعداد: الصباح
خلطة التربة والماء ودرجات الحرارة، جعلت النخلة العراقية تنتج تموراً يصعب من الناحية البايولوجية إعادة استزراعها في أماكن أخرى بديلة. مع ذلك، فإنَّ المراتب الأولى بالإنتاج العالمي لا تسجل للعراق، إنما تصدّرت مصر هذا المجال منذ العام 1993.
وسبق لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو/FAO) أنْ اقترحت تخصيص سنة دولية للتمور، بسبب حساسيَّة وضع هذه الثمار ودورها في إنقاذ العالم من المجاعات المحتملة. ومن المتوقع أنْ تعلن سنة 2027 سنة دوليَّة للتمور والنخيل.
تحمل النخلة الاسم العلمي (dactylifera Phoenix)، ويقول تقرير الفاو السنوي، إنَّ هذه الشجرة ما زالت تعدُّ من بين الأعلى عالمياً في درّ المدخولات الاقتصاديَّة والأنجح من ناحية الاستثمار الزراعي.
تقول أحدث الأبحاث، بأنه من الصعب تحديد موطن النشوء التطوري للنخلة، إلّا أنها لا تخرج عن الهلال الخصيب ومركزه العراق، والسبب هو عوامل المناخ والتربة وتوفر الماء خلال الـ 50 ألف سنة الأخيرة من عمر الأرض. وتقر منظمة الفاو بضعف الجهود العالميَّة إزاء الحاجة الراهنة إلى تحفيز إقرار الأسواق بمنافع التمور وتشجيع سلالات القيمة الكفوءة من النخيل، والتي تعتمد المكننة المبتكرة والرقمنة وخدمات ما بعد الحصاد.
تنتج مصر اليوم تموراً بما يتجاوز 1.7 مليون طن سنوياً، إلا أنها تكاد لا تسد الإنتاج المحلي ولا يخضع للتصدير منه إلا نسبة 3 %. وهناك أيضاً محدوديَّة الأنواع في مصر بأقل من 30 نوعاً. بينما تأتي السعوديَّة ثانياً بإنتاج 1.5 مليون طن سنوياً، وبمعدلات استهلاك عالية جداً تجعل عملية التسويق مستحيلة. وبحسب التقديرات السعوديَّة تتجاوز أعداد النخيل هناك 30 مليون نخلة.
أما إيران فتحل ثالثاً بإنتاج سنوي بحدود 1.3 مليون طن سنوياً. وتنوع في الإنتاج يشابه التنوع العراقي.
وتشير التقديرات الى أنَّ إنتاج العراق السنوي يقل عن 800 ألف طن، مع وجود ما يقرب من 17 مليون نخلة. وهي في العموم أعدادٌ متراجعة بسبب انخفاض مناسيب مياه النهرين العظيمين وتراجع التدفقات الواردة من تركيا وإيران. إلا أنَّ التنوع المدهش في سلالات التمور العراقيَّة يجعل مسألة الاستثمار في هذا المجال قضية واعدة، إذا يمكن أنْ تصل أعداد السلالات العراقيَّة الى 400 نوع. كما أنَّ السوق العراقيَّة يمكن أنْ تستوعبَ أي زيادة في الإنتاج وبأسعارٍ مجزية ومجدية من الناحية الاستثماريَّة.
وتسجل منظمة الفاو بلداناً واعدة في إنتاج التمور انتقلت بسرعة الى الاكتفاء الذاتي والزيادة الملحوظة في أعداد النخيل على الرغم من أزمة المياه، والسبب هو استخدام منظومات الري الذكيَّة والمتطورة والتي تحد من هدر المياه. ومن هذه البلدان سلطنة عمان التي ارتفعت فيها أعداد النخيل الى 7 ملايين نخلة، وتونس التي اتسعت فيها رقعة زراعة النخيل الى ضعفين خلال السنوات العشرين الماضية وأصبحت تنتج 600 ألف طن سنوياً من مختلف أنواع التمور.
تبقى النخلة شرق أوسطية مهما أصابها العطش، كما أنَّ إنتاج النخلة الواحدة هو أمرٌ مُجدٍ اقتصادياً في كل مراحل تقلبات الزراعة.