عارف محسن صوت عراقي دافئ امتاز باختياراته الجميلة التي تثير البهجة في نفوس المستمعين، عشق الفن فترك الهندسة من أجل ان يحقق طموحه على الصعيد الغنائي، رحل مبكرا بهدوء وظل منسيا وبعيدا عن متناول الاعلام، فارتأينا في صفحة “موسيقى وغناء” ان نسترجع حياة هذا الفنان الذي يعد نموذجا للفنان المثقف والمديني.
لي ذكرى مع الفنان عارف محسن لا تمحى من افق المخيلة، فبعد عودته من ليبيا الذي كان استاذا للموسيقى في المعهد العالي، اجريت معه حوارا صحفيا، وكنت فرحا بهذا اللقاء مع فنان غاب عن الساحة الغنائية لفترة طويلة، وقبل ان ادفع الحوار للنشر، فوجئت بنبأ موته، لم اصدق الخبر، لانه كان بصحة جيدة وحيوية لا تنبئ بمرض أو اعتلال صحة، فرفعت سماعة الهاتف واتصلت ببيته، فسمعت صراخا وعويلا، فتأكد لي رحيله المفاجئ. فنزل الموضوع من دون ان يقرأه “رحمه الله”.
نبذة عن حياته
ولد الفنان عارف محسن في بغداد في منطقة الاعظمية في العام 1950 واكمل دراسته المتوسطة والاعدادية في مدينة الكاظمية. تخرج من كلية الهندسة جامعة بغداد القسم المدني في العام 1975، عمل مهندسا لعدة سنوات ثم ترك الهندسة ليتفرغ للفن.
وجد في نفسه الحب والموهبة الغنائية التي تؤهله لدخول بوابة الاذاعة والتلفزيون، فعبر هذه البوابة بأغنية “ لا صارت ولا تصير” وهي من الحان فاضل عواد.
دخل معهد الفنون الجميلة ليغذي معرفته الموسيقية وتخرج منه، ثم دخل كلية الفنون الجميلة وتخرج منها، ولم يكتف بذلك انما واصل دراسته الاكاديمية ونال شهادة الماجستير باطروحته عن الملا عثمان الموصلي. حققت له أغنية “ الليلة ليلة هنانا “ الشهرة عندما قدمها التلفزيون العراقي ضمن حفلة بمناسبة اعياد السنة الميلادية في العام 1979. ثم تواصل بتقديم الاغاني ومنها أغنية “ على المحبوب ودوني”، واغنية “ اكول الله على العايل”، وأغنية “ زمن يا ابو العجايب”، والاغنية التي حققت له النجومية واحبها الناس فكانت أغنية “ زعلان الاسمر ما يكلي مرحبا”. بلغ رصيد الفنان عارف محسن 60 اغنية.
فنان منسي
عند تدهور الوضع الاقتصادي في العراق ابان تسعينيات القرن الماضي، غادر الى دولة ليبيا وعمل هناك استاذا في المعهد العالي للموسيقى، ورجع الى العراق في العام 2001.
يقول عنه الباحث الموسيقي الدكتور هيثم شعوبي الذي كانت تربطه به صداقة متينة:”عارف محسن مطرب ستيني ظهر في العام 1965 في برنامج “ركن الهواة” الذي يقدمه كمال عاكف، استطاع ان يقدم مجموعة من الاغاني الجميلة، لكنه مطرب منسي لم يذكر ضمن مطربي الستينيات أو مطربي السبعينيات”.
ويضيف شعوبي، التقيت الفنان عارف محسن في ثمانينيات القرن الماضي، واعطيته لحن أغنية “ زعلان الاسمر”، وهي من كلمات جبار صدام، هذه الاغنية اعادته الى الساحة بقوة، بعد غياب طويل من النسيان”.
واشار الملحن محسن فرحان الى ان الفنان عارف محسن اتجه الى الجانب الاداري والدراسة الاكاديمية، فقد شغل منصب نائب نقيب الفنانين، وهذا اثر على عطائه الفني.
ويرى الناقد الموسيقي علي عبد الامير ان الفنان عارف محسن صوت مديني في وعيه وادراكه وفي مسيرته الفنية، رغم انه لا يصنف من ضمن الاصوات الكبيرة، الا ان الاغنية العراقية خسرت عارف محسن بوقت مبكر.
رحل الفنان عارف محسن على حين غفلة أثر نوبة قلبية مفاجئة، بينما كان في الاذاعة يمارس عمله في شهر شباط من العام 2002، رحم الله الفنان والانسان عارف محسن.