قطاع الدواجن يتعافى ويدنو من الاكتفاء الذاتي

ريبورتاج 2021/06/08
...

   بدور العامري
يمثل قطاع الدواجن احدى الركائز المهمة في بنية الاقتصاد الزراعي لاي بلد، لما يوفره من اللحوم والبيض الاساسيين في تحقيق الامن الغذائي للمواطن، فضلا عن توفير فرص عمل للعاطلين، وتوفير مبالغ كبيرة من العملة الصعبة المخصصة للاستيراد واستثمارها في مشاريع تنموية أخرى.
 
ارتفاع الأسعار
شهدت الأسواق العراقية خلال الفترة الماضية ارتفاعاً في أسعار لحوم الدجاج والبيض، ما ترك المواطن العادي في تساؤل حول هذه الحالة التي اثرت سلبا في حياته، وللاجابة عن هذا التساؤل، قال السيد حميد النايف الناطق الرسمي لوزارة الزراعة لـ {الصباح}: {حدث ارتفاع الأسعار المفاجئ خلال شهري شباط وآذار من العام الحالي، وذلك نتيجة لعدة أسباب تراكمية دفعت عددا كبيرا من أصحاب مشاريع الدواجن المحلية الى العزوف عن التربية، وقل المعروض في السوق ما أدى الى ارتفاع أسعار لحوم الدجاج والبيض، والسبب الرئيس لهذه الظاهرة هو سياسة اغراق السوق بالمنتجات المستوردة التي يمارسها بعض المتنفذين والتجار المستوردين لهذه المنتجات، وتوفيرها بأسعار منخفضة خلال الفترة الماضية، ما اجبر المنتج المحلي على ترك العمل بالدواجن باعتباره تجارة خاسرة، ورافق هذه الحالة غلق الحدود امام المنتجات المستوردة بسبب جائحة كورونا، ما زاد الامر سوءا نتيجة قلة المعروض وزيادة الطلب}.
 
معوقات العمل
بدر عبد السادة صاحب مشروع للدواجن في منطقة المحمودية، تحدث عن اهم المشكلات التي يعاني منها أصحاب مشاريع الدواجن، وهي بالدرجة الأولى دعم الدولة قائلا: {نحن اصحاب مشاريع الدواجن الصغيرة والمتوسطة بحاجة الى دعم حكومي اكبر في مجال الاعلاف والعلاجات البيطرية واللقاحات وتوفير الكهرباء، لأننا نعاني من صعوبة الحصول على مادة الكاز لتوفير الطاقة الكهربائية للحقول، خاصة في فصل الصيف}.
وتابع عبد السادة {كما نطالب الدولة بضرورة التدخل لتسويق المنتج وحمايته من انخفاض الأسعار في أوقات الوفرة، وبالتالي ينعكس الامر سلبا على أصحاب المشاريع ويتعرضون للخسارة، وذلك عن طريق وضع آلية تسويق منتظمة يتم خلالها تجهيز قطعات الجيش والداخلية بمادتي لحوم الدجاج والبيض المنتج من حقولنا، إضافة الى تجهيز البطاقة التموينية}.
 
الإدارة السيئة
الطبيب البيطري لهيب جبر الموسوي تحدث عن أسباب أخرى تعترض مشاريع الدواجن في البلاد، وبالتالي تتسبب بفشل الكثير منها، ما ينعكس على منظومة الامن الغذائي، وتراجع نسب تحقيقه، فقال: {تعدّ الإدارة في أي مشروع من اهم أسباب نجاح او فشل هذا المشروع، فما بالك بمشروع الدواجن الذي يتعامل مع حقائق وشروط علمية يجب توفرها في المشروع، مثل الشخص المختص، كأن يكون طبيبا بيطريا او مهندسا زراعيا، وكذلك الشروط الصحية للمكان (الحقل) من حيث المساحة والتهوية وعمليات التنظيف والتعفير اليومية، فضلا عن نوعية الاعلاف وكمياتها بما يتناسب مع كل مرحلة عمرية للدجاج}.
وتابع قائلا: {كل هذه الأمور مجتمعة مع توفير اللقاحات والعلاجات البيطرية اللازمة تعمل على إيجاد مشروع ناجح ذي جدوى اقتصادية}. 
 
قانون حماية المنتج
وبشأن تلافي ازمة ارتفاع الاسعار بين النايف {عملت الوزارة جاهدة وبتوجيه مباشر من وزير الزراعة شخصيا على ضرورة عودة الإنتاج الى تلك المشاريع، ودعمها بالاعلاف واللقاحات البيطرية، والاهم من ذلك هو تفعيل قانون (حماية المنتج المحلي) في ما يخص قطاع الدواجن والعمل على ضمان عدم دخول المنتجات المستوردة التي يمكن للمنتج المحلي توفيرها}، مشددا على {جدوى التعديلات الجوهرية التي أجريت على القانون، ومنها مصادرة المواد الداخلة لحدود العراق اثناء فترات المنع، وعدم الاكتفاء بالغرامة المالية للمخالفين، ونتيجة لهذه الاجراءات وصلت نسبة الإنتاج الى 80 % من حاجة السوق المحلية من لحوم الدجاج وبيض المائدة، وستشهد الأيام القليلة المقبلة  اعلان الاكتفاء الذاتي لمادتي لحوم الدواجن والبيض}، موضحا ان {هذا الامر يتطلب تضافر الجهود من قبل الجهات ذات العلاقة، لتطبيق هذا القانون، والمتمثلة بهيئة الجمارك والمنافذ الحدودية، وخاصة الموجودة في إقليم كردستان، وكذلك يجب على وزارة الداخلية والقوى الأمنية أن تقوم بمهامها لمنع دخول المنتجات من خارج الحدود، سواء عن طريق المنافذ الرسمية او غير الرسمية}.
 
حلول ومعالجات
الدكتور عباس سالم حسين المدير العام لدائرة الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة، تحدث بشيء من التفصيل بخصوص إيجاد الحلول للمشكلات التي يعاني منها أصحاب المشاريع غير المجازة، وتذليل العقبات امام عملهم بهدف الاستمرار بتنمية قطاع الدواجن وتحقيق الاكتفاء الذاتي فيه، قائلا: {يوجد ما يقارب 2400 مشروع غير مجاز بحسب الأرقام التي نحصل عليها من المديريات، وهو رقم غير ثابت، اذ تحكمها ظروف الربح والخسارة وحاجة المربي، وكما هو معروف تعتبر هذه الحقول مشاريع غير قانونية، ونعمل على إعطائها فرصة في مزاولة عملها لحين استكمال الشروط الواجب توفرها مع استمرار تقديم الدعم لها، اذ ستمنح كارتاً بلون معين ولفترة مؤقتة، ويمكنها أن تزاول تربية الدواجن، وكذلك تمنح شهادة صحية تتيح  تسويق المنتج لاي مكان والتنقل بحرية تامة، ففي حال استوفى المشروع جميع الشروط المطلوبة خلال الفترة المحددة له، تقوم هيئة الرأي في وزارة الزراعة بمنحه الاجازة، اما في حال عدم استيفاء الشروط تبقى الوزارة داعمة له عن طريق تهيئة مكان مناسب للحقل، وله الأولوية بالعقد الزراعي والقروض المقدمة من الدولة، باعتباره اكتسب خبرة بالعمل واصبح ماهرا في مجال التنمية}. 
 
فرص عمل
وبشأن أهمية تنمية قطاع الدواجن لتوفير فرص العمل وتشغيل الايدي العاملة بمختلف التخصصات والمستويات العلمية والكفاءة، اكد الدكتور عباس سالم  ان {مشاريع الدواجن قادرة على استيعاب مليون فرد للعمل في مختلف مفاصل عملية انتاج الدواجن في حال تم تنشيط القطاع بشكل كامل، اذ يمكنه تشغيل اعداد كبيرة من الايدي العاملة، بدءاً من الطاقم المسؤول عن إدارة وتشغيل الحقل الذي لا يقل عن خمسة افراد للقاعة الواحدة، علماً ان المشاريع تختلف في احجامها من حيث عدد القاعات، اذ توجد مشاريع صغيرة ذات قاعتين، بينما يصل عددها الى عشرين قاعة في بعض المشاريع، ومرورا بعمال النقل والتسويق وأصحاب المجازر ومحال الاعلاف وبيع المستلزمات البيطرية، وصولا الى بائع المفرد (أصحاب المحال الصغيرة)}. 
 
فائض في الإنتاج
اما بما يخص الإنتاج الحالي وعدد المشاريع العاملة فقال عباس سالم {يبلغ الإنتاج الكلي للمشاريع المجازة وغير المجازة البالغ عددها سبعة آلاف مشروع،  520 مليون فروجة، أي ما يعادل 8084 طناً من لحم الدجاج، وهو رقم يتجاوز الاحتياج السنوي للمواطنين في جميع محافظات العراق ماعدا إقليم كردستان، أي بحدود 35 مليون فرد تقريبا}، مبيناً أن {الاحتياج السنوي يبلغ 7 آلاف طن، وهذا يعني وجود فائض بالإنتاج بإمكاننا تصديره للخارج، ومشاريع الدجاج البياض تنتج ما بين (8-7) ملايين بيضة سنويا}، مشيرا الى أن {الحاجة الفعلية تبلغ 7 ملايين بيضة، أي ما يعادل استهلاك 200 بيضة في السنة حسب إحصائية وزارة التخطيط لسنة 2020، ما يعطي مؤشرات عن قرب تحقيق الاكتفاء الذاتي، ووجود فائض في انتاج بيض المائدة}. 
وبين {اما المفاقس فقد بلغ عددها (261) مفقسا مسجلا تنتج سنويا ملياراً و(140) مليون بيضة، قادرة على تغطية جميع المشاريع العاملة بالعراق، مع وجود فائض يمكن الاستفادة منه في التصدير}. 
 
مشاريع الأمهات
تعتبر مشاريع أمهات بيض التفقيس من اضعف الحلقات في مجال صناعة الدواجن في العراق، نتيجة لتعرضها للدمار والاهمال منذ فترات طويلة، اذ أوضح الدكتور عباس سالم ان {انتاج الدواجن هو حلقة متكاملة، اذ لا يمكن لصاحب المشروع أن ينتج من دون وجود بيض الأمهات ما يؤدي الى توقف عجلة العمل، ونحن في العراق نعاني من ضعف هذه الحلقة نتيجة للظروف التي مر بها البلد خلال السنوات الماضية من حروب وأوضاع امنية غير مستقرة، كان اخرها تدمير عصابات داعش للبنية التحتية لمشروع اجداد سامراء}.مبيناً انه {يتم استيراد اكثر من 95 % من حاجة المشاريع من بيض التفقيس من خارج البلد، الامر الذي يحمل بين طياته مخاطر تهدد الاستقرار في قطاع الدواجن والامن الغذائي بصورة عامة}.
 
خارطة عمل
وبخصوص تنشيط مشاريع أمهات بيض التفقيس ودعم توفيرها محليا تابع السيد مدير دائرة الثروة الحيوانية {عملت وزارة الزراعة على رسم خارطة عمل تضمنت خطوات عملية ذات توقيتات محددة، بدءاً من إعطاء ضمانات باستمرار الدعم لاصحاب مشاريع بيض التفقيس ومساندة عملهم في حال حدوث انتكاسات السوق عن طريق رفع سعر البيض المنتج داخل هذه المفاقس، في الوقت الذي اصدرت فيه رئاسة مجلس الوزراء توجيهاً بضرورة إعادة تأهيل مشروع اجداد سامراء الذي تبلغ طاقته الإنتاجية مليوناً و600 الف فروجة سنوياً}.
مشيراً الى {أهمية تنمية مشاريع أمهات البيض في البلاد، لما تحمله من أهمية كبيرة في مجال استمرارية صناعة الدواجن، كونها حلقة متكاملة يكمل بعضها البعض، والحفاظ على جودة المنتج المحلي وخلوه من الامراض والفيروسات التي من الممكن أن تصاب بها منتجات الدول المصدرة، ويكون البيض ناقلا لهذه الامراض من جهة، وتوفير رأس المال المخصص لاستيراد بيض التفقيس من الخارج من جهة أخرى}.