الغواصات الايرانية في خليج عمان.. شكل آخر للصراع

بانوراما 2021/06/09
...

 سيباستيان روبن
 ترجمة: أنيس الصفار                                             
تعرضت واحدة من أكبر السفن الحربية الإيرانية من حيث الحمولة، الاسبوع الماضي للغرق، بعد اشتعال النيران في محركاتها، داخل المياه الاقليمية للبلاد في خليج عمان. وأخفقت كل الجهود لإنقاذها، باستثناء بحارتها. وتعد السفينة {خرج} سفينة دعم لوجستي في البحر للسفن الأخرى. وهي بريطانية الصنع تم تدشينها عام 1977، وانضمت إلى البحرية الإيرانية عام 1984. وشاركت في العمليات البحرية للمحيطيات الهندي والهادئ والأطلسي لعام 2011 وما بعده.
وكانت السفينة الغارقة تعد مركزا تعليميا وتدريبا، إذ تدرب على متنها أكثر من 300 طالب بحرية في المحيط الهندي، العام الماضي. ويبلغ طولها أكثر من 200 متر وعرضها 27 مترا وسرعتها 40 كيلومترا في الساعة. وتضم السفينة منصة لهبوط المروحيات، وتحمل على متنها أربعة مدافع وأربعة رشاشات 
ثقيلة. 
بعيدا عن هذا الحادث، تشمل البحرية الايرانية غواصات، برغم كونها أبعد من ان تنافس تصاميم الغواصات الحديثة الأرفع مستوى، لكنها خصوم خطرة لا يستهان بها في مياه الخليج المحصورة 
الضحلة. 
ستراتيجية الحروب البحرية هذه تساندها احدى وعشرون غواصة صغيرة من فئة {غدير} مصنعة محلياً، وهي مقتبسة من غواصات كورية شمالية من فئة "يونو". هذه الغواصات، التي تبلغ زنة الواحد منها 120 طناً، تستطيع التحرك بسرعة 11 عقدة (أي اكثر من 20 كيلومتراً) في الساعة وكل منها تحمل طوربيدين من قياس 533 ملليمتر. تفضل الغواصات صغيرة الحجم العمل في المياه الساحلية الضحلة، ففي هذه المياه تتداخل الأمواج العالية والقيعان الصخرية فتحدّ من مديات الكشف بالسونار كما تتيح للغواصات الصغيرة فرصة الاختباء والبقاء كامنة في الانتظار. في أعلى سلم القدرات تشغل إيران ثلاث غواصات اكبر حجماً وأعلى قدرة من فئة {كيلو} تعمل بالديزل اشترتها من روسيا في اعوام التسعينيات. هذه الغواصات قادرة على التصيد بلا عناء في مياه المحيط 
الهندي.
قبل اربع سنوات اطلقت إيران غواصة من فئة "فاتح". هذه الغواصة المصنعة محلياً قد تفتقر الى السمات واللمسات العصرية، مثل الصواريخ المضادة للسفن أو منظومة الدفع المستقلة بالهواء الصامت، ولكنها تبدو قطعة ذات شأن بحق.
يتراوح طول الغواصة "فاتح" شبه الثقيلة بين أربعين وثمانية وأربعين متراً، ويزعم ان ازاحتها تصل الى نحو ستمئة طن عند الغطس (الأمر الذي يضعها من حيث الوزن ضمن فئة غواصات الدفاع الساحلي الألمانية الصغيرة من نوع 205 و206 التي ظهرت في أعوام الستينات والسبعينات). يبدو ايضاً أن هذه الغواصة تمثل نسخة ممدودة الطول من الغواصة {ناهانغ} إيرانية الصنع، التي كانت نموذجاً أولياً غير مسلح وربما كانت تستخدم الان كغواصة عمليات خاصة. للغواصة {فاتح} في مقدمتها أربعة أنابيب طوربيد مع منفذ يسمح بإعادة التعبئة لست أو ثماني مرات، وهي مزودة بمجموعة سونار دائري تقع أسفل أنابيب الطوربيد.
 
الغواصة {فاتح}
تستطيع غواصة {فاتح} ان تعمل على عمق 200 متر تحت سطح الماء، وهذا أكثر من كافٍ في مياه الخليج الضحلة، وتقدر المصادر سرعتها القصوى حين الغطس بين اربع عشرة وثلاث وعشرين عقدة. 
وتدعي وكالة فارس للانباء ان "فاتح" لديها القدرة ايضاً على مواصلة العمل في البحر طيلة خمسة اسابيع ضمن مدى يصل الى ما يقارب 5000 كيلومتر، وهذا يمنحها قدرة على المطاولة تسمح لها ان تغامر بالتوغل أبعد من ذلك وصولاً الى بحر 
العرب. ولكن الأمر الأقل وضوحاً هو طول الفترة التي تستطيع هذه الغواصة، التي تدار بالديزل والكهرباء، قضاءها تحت الماء قبل الاضطرار للخروج الى السطح أو الصعود لإعادة شحن
البطاريات.
لا تزال الغواصة فاتح قيد الاختبار في البحر على ما يبدو، رغم إطلاقها من حوض بوستانو لبناء السفن في العام 2013 ولم يعلن حتى الآن أنها قد أصبحت عاملة بشكل كامل، وتدعي مجموعة {جينز} للمعلومات، وهي شركة متخصصة بالمعلومات العسكرية والأمن القومي والشؤون الجوفضائية والنقل، أنها تمكنت بواسطة الاقمار الاصطناعية من رصد غواصة ثانية من فئة "فاتح" لا تزال قيد البناء في قاعدة بندر انزالي على بحر قزوين، ولا يعرف شيء عن هذه الغواصة حالياً.
 
الغواصة "قائم"
من غير الواضح ايضاً تخطيطات طهران لانتاج غواصتين بطول 62 متراً من فئة {بيسات} أو {قائم} التي تبلغ إزاحتها 1200 الى 1300 طن، وهي مسلحة بستة أنابيب طوربيد. من مواصفاتها الاخرى المتوقعة أنها قادرة على الغوص الى عمق 300 متر وامتلاكها سرعة قصوى تصل الى نحو 23 كيلومتراً في 
الساعة.
أعلن عن هذا التصميم الجديد في العام 2008 وكان المفترض به ان يدخل الخدمة في العام 2015، ولكن الغياب الواضح لتقارير المتابعة او الصور منذ ذلك ذلك الاعلان يعطي انطباعاً بأن المشروع أما أن يكون قد وضع على الرف او أن هناك اسبابا معطلة جدية تحيط به.
لكن تقريراً لمكتب مخابرات البحرية نشر في آذار 2017 تحدث عن الغواصة من فئة "بيسات" بجدية حيث ادعى انها سوف تدخل الخدمة في البحرية الإيرانية في ظرف السنوات الخمس اللاحقة بعد تزويدها بقدرة إطلاق صواريخ كروز. هذه الاسلحة سوف ترفع نظرياً مدى قدرة اسطول الغواصات الإيراني على الضرب، ولكن قد يثبت ان من الصعب على إيران تطوير هذه التقنية بالاعتماد على إمكانياتها 
فقط.
 
طوربيد {الحوت}
السلاح الذي قد يكون أقرب الى دخول الخدمة هو {الحوت}، وهو طوربيد فائق تفيد التقارير انه قادر على بلوغ سرعة تتعدى 320 كيلومتراً في الساعة، أي أنه أسرع بأربعة اضعاف من أي طوربيد حديث من الانواع العادية. يحقق طوربيد الحوت هذه السرعة عن طريق استخدامه حرارة محركه النفاث لتبخير الماء اثناء انطلاقه وهذا يتيح له شقّ مساره في الماء وهو داخل فقاعة بخار تقلل المقاومة وتأثيرات سحب الماء عليه. بث التلفزيون الإيراني صور الاختبارات الأولى لطوربيد "الحوت" في العام 2006، وتفيد التقارير بأن هذا السلاح قد خضع لاختبارات جديدة في عامي 2015 و2017، ولو ان نتائج تلك الاختبارات لم تخرج للعلن، ويعتقد محللو الدفاع ان {الحوت} هو نسخة من طوربيد {شكفال}الروسي منفذة بأسلوب الهندسة 
العكسية.
رغم هذا تبدو الغواصة {فاتح} إنجازاً حقيقياً بالفعل وانها سيكون لها دور في توسيع قدرات اسطول الغواصات الإيراني ضمن المدى المتوسط. ربما كان من الصعب تقييم وضع الغواصة من فئة {بيسات} ولكنها إذا ما دخلت الميدان فسوف تكون شهادة أخرى على تطور في القدرات.
الأهم من هذا هو ان المساعي الجارية محلياً لانتاج غواصات اكبر حجماً واكثر قدرة، مع أسلحة قابلة للاطلاق من على متن الغواصات تعطي شواهد اضافية على ان طهران تضخ الامكانيات والموارد للتحول على المدى البعيد الى قوة عسكرية مكتفية
ذاتياً. بالنسبة للسفينة الغارقة خرج، فقد ألمح مراسلون قريبون، إلى أن قدم السفينة قد يكون سببا في الحادث، حيث استغرق الحريق مدة 20 ساعة من فرق الطورائ لإطفاء النيران التي اشتعلت في المحركات، بينما تمكنت الفرق من اخلاء جميع أفرادها الى اليابسة بأمان. 
وينقل المراسلون في ميناء جاسك الايراني عن عسكريين قريبين من الحادث، أن غياب السفينة سيتم تعويضه سريعا بالقدرات البحرية الكبيرة للبلاد سواء من السفن أو الغواصات.
 
عن موقع ناشينال 
إنترست الاميركي