ترجمة: شيماء ميران
لماذا ترتبط فرنسا بالأناقة والشبقيَّة والفخامة والعطور الجميلة، ولماذا ترتبط العطور الفرنسيَّة بهذه الصفات؟، هل هذا بسبب النباتات الفريدة من نوعها والمناخ المؤثر في مكونات العطور المزروعة محلياً؟، أو ربما لأنَّ الفرنسيين يملكون أقوى حاسة شم في العالم؟، أو قد تكون هناك أسبابٌ حقيقيَّة لذلك، لكن ما يميز العطور الفرنسيَّة اليوم هو أنها لا تمتد إلا إلى التسويق؟.
لا يمكن مناقشة العطر الفرنسي من دون الإشارة إلى منطقة بروفانس والريفييرا الفرنسيَّة.
إذ تمتاز هذه المنطقة بكونها تضم أكبر مزارع النباتات المستخدمة في إنتاج المواد المعطرة.
وتعدُّ مدينة غراس الفرنسية أشهر أماكن الربح في المنطقة، ويشار إليها بأنها مركز العطور في العالم، وحصلت على شهرتها بعد إنتاج فيلم (العطر: قصة قاتل).
ولغرض معرفة كيف حققت مدينة غراس، التي لا يزيد عدد سكانها على أربعين ألف نسمة إلا بقليل، نجاحاً ضخماً كهذا في صناعة العطور؟، فمن الضروري العودة إلى القرن الثاني عشر، إذ لم تكن غراس حينها لها علاقة بأي شيء مرتبط بالعطور.
ويُظهر التاريخ أنَّ الأماكن ذات الروائح الأسوأ تميل إلى التحول لمحطات توليد الطاقة الكهربائيَّة حين يتعلق الأمر بإنتاج العطور.
وفي الوقت ذاته، كانت محافظة بروفانس ألب كوت دازور مشهورة بصناعة دباغة الجلود التي دائماً ما تصاحبها مجموعة كبيرة من الروائح الكريهة.
وأدى تلوث الهواء الجوي المتزايد في القرن السادس عشر الى محاولات لمكافحة الروائح الكريهة باستخدام العطور.
كما اتضح أنَّ المناخ المحلي كان ملائماً جداً لزراعة النباتات المستخدمة في تصنيع المواد المعطرة.
وفي نهاية المطاف، تفوقت صناعة العطور على الدباغة المحليَّة من حيث الأهمية.
وتطورت المنطقة بأسرع وتيرة خلال عصر التنوير، حين قامت ورش العمل بتصنيع العطور وتقديمها لأشهر مصممي الأزياء في باريس.
صُنّاع العطور
لم يكن للنمو الهائل في صناعة العطور أنْ يحدث أبداً لولا الجهود المبذولة لتجنيد أشخاص يتمتعون بحاسة شم قويَّة، وهي المهنة المعروفة هناك بأعمال الأنوف منذ ذلك الوقت وحتى الآن، ويقال إنَّ خدماتهم هذه تعادل وزنهم ذهباً، إذ يوجد ما يقارب الخمسين خبيراً من هؤلاء، وخدماتهم مطلوبة بين جميع مصانع العطور العالميَّة الكبيرة.
وتوجد بعض مصانع العطور الأقدم في مدينة غراس حتى يومنا هذا، مثل مصنع عطر جاليمارد الذي يعود للعام 1747، وعطر مولينارد الذي تأسس في العام 1849، وفراغونارد نسبة إلى اسم الرسام المحلي الكبير جان هونوري فراغونارد.
زراعة رائعة
لا تزال المنطقة المحيطة بمدينة غراس مشهورة بحقول المكونات العطريَّة منها حقول الياسمين والورد والميموزا وزهرة البرتقال. كما تصبح المدينة مقصداً سياحياً مشهوراً جداً عندما تُزهر شجيرات اللافيندر (المعروف بورد الخزامي) المحلية.
ويسمح مشهد الحقول الأرجوانيَّة المترامية الأطراف التي تستحق المشاهدة للمرء أنْ يفهم السبب الحقيقي في اعتبار فرنساً عاصمة العطور في العالم.
استحقاق اللقب
نظراً لتاريخ فرنسا الطويل والغني عند الحديث عن العطور، فليس هناك ما يدعو للاستغراب لو علمنا أنَّ أغلب شركات العطور المشهورة لها جذورٌ في فرنسا.
وتأتي العلامات التجارية مثل شانيل وديور وجيرلان وكلوي وتيري موغلر وأيف سان لوران ولانكوم من فرنسا.
وعلاوة على ذلك، فإنَّ العديد من شركات الدول الأخرى يرغبون بتصنيع عطورهم في فرنسا، وبالتعاون مع أفضل الخبراء في العالم.
وبعد كل شيء، يبدو أنَّ أسطورة العطر الفرنسي كأنها حقيقيَّة، وأنَّ وجود العناصر من التقليد طويل الأمد وحقول المكونات ذات القيمة الرائعة المترامية الأطراف وأفضل الأنوف في صناعة العطور مجتمعة في دولة واحدة له تأثير حقيقي في جودة العطور المُنتجة هناك.
عن موقع Politech