نافع الناجي
تصوير: أحمد الفرطوسي
حتى عهدٍ قريب، لم تكن {الكرامة} سوى قرية صغيرة تتألف من مجموعة متهالكة من البيوتات الطينية المتواضعة وسط بساتين النخيل وحقول القمح المترامية، لكن طابعها الريفي الهادئ لم يحجب عنها شبح الفقر، اذ عانت المنطقة من أوضاع اقتصادية مريرة، وظل اعتمادها الأوحد على مهنة الزراعة وتربية المواشي، اما اليوم فنراها قد أصبحت احدى المدن الحديثة التي تمت ترقيتها لرتبة ناحية بعد استقلالها مطلع تموز 2009 عن ناحية الوركاء التي بدورها اعلنت كقضاء.
{الصباح} زارتها وتجولت في شوارعها، والتقت ببعض وجوهها للتعرف اكثر على هموم المدينة واحتياجات السكان، فكانت هذه الحصيلة.
درجات وظيفيَّة
رزاق نعمة مدير المجلس البلدي الأسبق أوضح لنا، أن {قرار تحويل قرية الكرامة الى ناحية يعد واحداً من اهم الانجازات للعاملين عليه ولمجلس المحافظة الذي اقر هكذا قرار}، مضيفاً ان {ناحية الكرامة تعد من اولى النواحي المستحدثة بعد سقوط النظام المباد، وسكانها الاصليون هم الفلاحون، لكن النظام المباد قام بحملات تهجير من المناطق الكردية الشمالية والعكس، خلال حقبة السبعينيات لكون المنطقة بعيدة ونائية، فسكن فيها بعض من اخوتنا الكرد، وكذلك تم إرسال سكان الجنوب الى المحافظات الشمالية بسبب قلق النظام منهم، لانهم معارضون لأفكاره آنذاك}.
وأشار نعمة الى أن {ابرز مشكلات الناحية هي عدم توفر الدرجات الوظيفية فيها، والذي يتزامن عادة مع تأخر الموازنات المالية}، لافتاً الى انه {تم افتتاح الكثير من الدوائر والمؤسسات الخدمية وهي بحاجة الى درجات وظيفية، اذ ان اغلبية الموظفين الان فيها منسبون من اماكن بعيدة}، مبيناً {نتمنى أن تكون الاولوية لأهالي الناحية من الخريجين للحصول على الدرجات الوظيفية لانهم اولى بها واقرب}.
قرية عصريَّة
وقال مدير ناحية الكرامة المهندس حبيب زغير الغانمي: {تأسست ناحية الكرامة بقرار صلاحيات مجلس محافظة المثنى السابق، بعد أن حول ناحية الوركاء الى قضاء وقرية الكرامة الى ناحية في 2009، والاسباب التي ادت الى تأسيس الناحية هي ازدياد عدد سكانها الى حوالي واحد وثلاثين الف نسمة وبُعدها الجغرافي عن قضاء الوركاء ومركز مدينة السماوة والحاجة الى زيادة الخدمات المقدمة للاهالي}، مضيفاً {تم استحداث الناحية بجهود رجل الدين الشيخ ستار الشمري فهو صاحب الفضل الكبير والذي يحسب له في استحداثها}.
وتابع الغانمي {بعد أن تم استحداث الناحية، استحدثت الكثير من الدوائر الخدمية فيها مثل مديرية الناحية ومديرية البلدية والمجلس البلدي للناحية ومركز الشرطة ومؤسسات خدمية اخرى لها مساس بحياة الناس مثل دوائر الزراعة والماء والكهرباء والمركز الصحي، التي خففت العبء عن اهالي المنطقة}.
واشار مدير الناحية الى أن {الكرامة تأسست بصورة رسمية كقرية عصرية في العام 1999 عندما تم اعداد تصميم مصادق عليه من قبل وزارة البلديات في تلك الفترة وما زال التصميم موجوداً حتى الآن، وهي تشكل الآن مركز الناحية، ثم جرى توسيع البلدية لاحقاً، وتم ضم حوالي 440 دونماً الى القرية العصرية اضافة الى التصميم القديم وتم توزيع قطع اراضٍ للفئات المستفيدة او المشمولة، ما اسهم بتوسعة المدينة وخدمة اهالي المنطقة بصورة عامة}.
مئات الشهداء
الشيخ فيصل سلمان احد شيوخ عشيرة البركات، أوضح لنا، ان {ناحية الكرامة تتميز بطابعها العشائري والقبلي كأي منطقة اخرى داخل محافظة المثنى ولا ننسى أن محافظة المثنى بشكل عام بقيت محافظة على الاعراف والتقاليد العشائرية}، وأضاف {شاركت عشائر ناحية الكرامة في العديد من الثورات والانتفاضات، فكانت ضحية النظام المقبور آنذاك، كما ان أهالي ناحية الكرامة بشكل عام هبوا لتلبية نداء المرجعية الرشيدة خلال الحرب ضد عصابات داعش الارهابية وقدموا قوافل من الشهداء من عشائرها الثلاث (البركات، آل غانم، الصفران) حتى ان عشيرة البركات لوحدها قدمت حوالي 150 شهيداً نفخر بهم وببطولاتهم وتضحياتهم العظيمة}.
لافتاً الى أن {لواء انصار المرجعية يشكل عدداً كبيراً من اهالي هذه الناحية بعشائرها الثلاث، فضلاً عن المشاركة في الانتفاضة الشعبانية وكان من بين قادتها ايضا رجل الدين المرحوم الشيخ ستار الصفراني صاحب الفضل الكبير في تأسيس ناحية الكرامة}.
شح المياه
وبشأن أبرز المشكلات والمعوقات، ذكر لنا الاعلامي الشاب خليل البركات: {تدهور أحوال ناحية الكرامة سببه الاول شح المياه على مدى اجيال واجيال ولا يبدو ان هنالك حلولاً في الافق}، مضيفاً ، ان {الناحية شهدت تطوراً عمرانياً واسعاً، اذ بنيت المنازل الفخمة والقصور التي أخذت اشكالا هندسية وتصاميم رائعة مستنبطة من آثار اوروك الواقعة بقربها والتي لا تفصلها عنها سوى دقائق معدودة}.
مشيراً الى أن {محافظة المثنى تقع عليها مسؤوليات كبيرة لتحسين وضع ناحيتنا ومدها بوسائل العيش الكريم مثل تحسين الخدمات والتوسعة وفتح المزيد من الدوائر فيها}.