أماكن للبكاء

منصة 2021/06/20
...

 نهى الصراف
هناك أسبابٌ كثيرة للبكاء، لكنْ الأماكن شحيحة!
وهناك أماكن مناسبة للبكاء وأماكن غير مناسبة لذلك، بحسب متخصصين.
تقول كاتبة بريطانية إنها ضليعة في فن البكاء، فهي مؤهلة تماماً للخوض في هذا الموضوع معززة معرفتها بدبلوم في كيفية «إدارة البكاء»، وهي في هذا النطاق توصي متابعيها بأفضل المواقع في المدينة للاستمتاع بنوبات بكاء طويلة بدون إزعاج من أحد.
ترى جورجي، وتعمل محررة تنفيذيَّة في مجلة إلكترونية، بأنَّ بعض الأماكن لها سحرها الخاص الذي يوحي بالفرادة والخصوصيَّة التي تشجع المرء لإطلاق سيل مشاعر الاستياء والحزن الذي يحمله في داخله ببساطة ومن دون تكلفة. البكاء وسيلة ناجعة للتخلص من بقايا الأحزان والإحباطات والمحاولات الفاشلة شرط أنْ نحسن اختيار المكان المناسب للانطلاق في عاصفة من الدموع، مكان يشعرنا بالحميميَّة والهدوء التي تخلق بيئة مناسبة لممارسة هذا الطقس العاطفي الممتع، بعيداً عن أعين الفضوليين.
هناك أوقات قد يباغتنا فيها البكاء ونحن في مكان عام أو بين مجموعة من الناس، تقول جورجي، لكنْ لا بأس بقليلٍ من الصبر، في المرة القادمة يتوجب علينا أنْ ننتظر قليلاً فنختار المكان المناسب. هذا المكان قد يكون ممراً بين سلسلة لا منتهية من دهاليز في إحدى محطات القطار أو حديقة منسية في كنيسة قديمة تطل على مقبرة منسية، فإذا كان لا بُدَّ من التواجد ضمن جموع الناس فإنَّ الأفضل هو إضفاء بعض الأسباب المنطقيَّة لذلك؛ إذ إنَّ الانطلاق في نوبة بكاء عند محطة انتظار الباص سيوحي للآخرين بأنَّ الباص قد فاتك، وهو أمرٌ يفعله بعض الناس بصورة طبيعيَّة خاصة إذا تسبب ذلك في تأخيرهم عن موعدٍ مهم.
ثم أنَّ رحلة قصيرة في سيارة أجرة (أوبر) للمنزل قد تكون فرصة مناسبة للبكاء خاصة أنَّ معظم السائقين يصغون جيداً بل، ويقدمون العزاء لزبائنهم الذين ينخرطون في نوبة بكاء بمجرد استرسالهم في الشكوى من أمرٍ يزعجهم، وتقدم الكاتبة نصيحتها هذه عن تجربة شخصيَّة وهي تجد بأنَّ أجرة الرحلة التي قد لا تتجاوز أحياناً الـ 15 دولاراً أقل تكلفة من زيارة معالج نفسي، طالما أنَّ سائقي الأجرة يتطوعون في الغالب للاستماع كحيلة لكسر روتين وملل الازدحامات!
هناك أيضاً قائمة لا تنتهي من الحدائق والمتنزهات العامة، خاصة تلك التي تتمتع بينابيع أو بحيرات صغيرة فسماع صوت جريان المياه قد يحفز الغدد الدمعيَّة لبذل أقصى ما في طاقتها، وبعد ذلك يمكن للشخص الباكي أنْ يرتدي نظاراته الشمسيَّة للتمويه، في حالة مرور شخص مستطرق إلى جانبه.
في حين، تبدو الفرصة سانحة لهواة الفنون وزائري المعارض الفنية، إذ إنَّ الاستغراق في النحيب أمام أي لوحة داخل معرض للفنون قد يكون أمراً عادياً في حال صادفك أحدهم، فالكثير من الناس يذرفون الدموع أمام رسوم مؤثرة حيث لن يكونوا مطالبين بتقديم تفسير، وهذا أيضاً مكانٌ رائع للبكاء. تتكرر هذه الفرصة في بعض المطاعم والمقاهي التي توفر إضاءة خافتة، خاصة إذا كان الشخص موضوع البكاء يجلس أمامك!