كسر الثوابت

ثقافة 2019/02/18
...

حسين رشيد
 
ليس بالمقدور الخروج من اي نفق او حفرة او تجاوز حدا ما ان لم تكن هناك رؤية جديدة مخالفة لقواعد وضعت من قبل اناس اخرين في فترة معينة لها ضرورياتها واحكامها. اذ لم يعد بالضرورة الان وفق هذا الكم الكبير من التطور والتداخل بين المفاهيم والافكار، وتعدد قنوات الاتصال والتواصل البقاء والركون اسرى لتلك القواعد والرؤى التي يفترض انها بنت مرحلتها التاريخية والاجتماعية والسياسية والاكاديمية والثقافية. بالتالي لابد من الابتكار والولوج الى عوالم دفع جديدة تحرك الساكن المستكين بتلك القواعد التي تحجر منها الكثير ولم تعد ملائمة لقفزات التطور العالمية بل حتى العربية والاقليمية التي فتحت ابواب الابتكار وفسحت المجال امام الافكار الجديدة لتكون بوابة دخول المستقبل متعدد الرؤى.
حتما ان اي محاولة لكسر نمط وطوق وقاعدة معينة لن تكون بسهولة في ظل وجود من نصبوا انفسهم حراسا على تلك القواعد، فضلا عن جهلة مواقع التواصل الاجتماعي الذين يلهثون خلف كل شيء، دون اخذ وقت للتفحص والبحث والتأكد ممن نشر او كتب او حاول اي شخص كسر نسق معين او فتح نافذة جديدة لرؤية مغايرة محدثة لما سبقها، متماشية مع التطورات والمتغيرات التي يشهدها العالم في كل لحظة.
في المجال العلمي الصناعي والتجاري نجد الابتكار قائما في سوق تنافسي واسع المدى، وهذا مرتبط بجانب اقتصادي مهم وحيوي يدر الارباح الطائلة على المبتكرين او من يتبنى افكارهم واختراعاتهم العلمية والتقنية، ونجده ايضا في جوانب اخرى علمية طبية تقنية تكنلوجية تتنافس في بيئة تبحث عن التجدد والتحديث الدائم. وهكذا بقية المجالات الاخرى بكل تفاصيلها والتي قطعت شوطا كبيرا في التحديث والتجديد. كل تلك التطورات نتعامل معها وبها دون اعتراض او قيد بل ان اي فكرة تأتينا من الاخر اي الثقافة الغربية او العالمية نصنع من هالة كبيرة وحدث اكبر، لكن ما ان يحاول اي منا محاولة تحديث او تجديد في فكرة ما او اختصاص معين، او اخذ خطوة مغايرة لما هو مألوف ومشاع في التداول والتعامل لأجل التمهيد لخطوة اخرى اكثر تحديثا وربما اكثر جدوى وفائدة مما مألوف او ما يعمل به في اكثر من مجال واختصاص حتى نجد من يقف كالسد المانع امام هذا التجديد والتحديث وكأنه ارتكب جرما.
حالنا اليوم اذ استمر هكذا فهو يشبه جهاز موبايل ذكي استنفذ كل مرات تحديث (عمل ابديت) وبات على مقربة من التوقف (الذكي) والتحول الى جهاز اتصال عادي يعاني من البطء وإعادة تشغيل مستمرة مع كل طلب اتصال او تصفح لمواقع الالكتروني معين. اليوم نحن بحاجة للأخذ بيد كل من يريد كسر قاعدة او خرق نمط معين وتبديله باخر، ومنحه اكثر من فرصة مع التشجيع وليس التنكيل، نفتح لمثل هؤلاء اي باب مغلق يقف حائلا امام افكارهم الجديدة ورؤاهم، نعمل على صنع بيئة صحية لتداول ونقد هذه الابتكارات والرؤى الجديدة والافكار التي حتما ستكون مستندة لجهد معرفي وعلمي واكاديمي مؤسس له بشكل صحيح الغاية منها تقديم خدمة عامة.