البندقية وصراع مع عودة السفن السياحية

بانوراما 2021/06/24
...

 أنجيلا جيوفريدا
 ترجمة: خالد قاسم
يقع كشك المصور الفوتوغرافي ماوريسيو توريسان أمام محطة زوارق الجندول في ساحة سانت مارك، وهو شاهد على مد وجزر تيارات البندقية العالية وسيّاح المدينة. وكانت المرة الأخيرة التي التقط فيها صورة للساحة المكتظة بالناس يوم 21 شباط 2020، أي يومين قبل كرنفال البندقية السنوي الذي ألغي آنذاك بسبب انتشار وباء كورونا.
على غرار الكثيرين من سكان البندقية، ترك غياب السياحة ماوريسيو يعاني للإيفاء باحتياجاته. لذلك تنفس الصعداء عندما شاهد سفينة سياحية عملاقة تعبر أمام الساحة مطلع هذا الشهر، هي الأولى منذ تشرين الثاني 2019، عندما ضربت المدينة تيارات 
عالية.
عادت الانقسامات القديمة في البندقية بعد عودة السفن السياحية، التي فاجأت الكثيرين لأن الحكومة الايطالية أعلنت في آذار أنها ستمنعها من دخول المركز التاريخي. وعندما شقّت السفينة {أم أس سي أوركسترا} البالغ وزنها 92 ألف طن، طريقها من بحيرة صغيرة بعد صعود المسافرين في الطريق الى اليونان، رفع عمال الميناء علامة النصر لها وهم على متن عدة زوارق مصاحبة للسفينة. لكن أبحر معها أسطول من القوارب الصغيرة الحاملة لمعارضي السفن 
السياحية.
وكان ظهور السفينة بالنسبة لخمسة آلاف موظف في ميناء البندقية، مثل عمال الأمتعة ومنظفي السفن والحراس الأمنيين ومشغلي قوارب السحب، رمزا للمستقبل بعد أكثر من 18 شهرا من دون عمل.
 
حوادث سابقة
أما بالنسبة لمعارضي السفن السياحية، الذين يشنون حملة منذ عشر سنوات لمنع دخول هذه السفن للمدينة، فإن زيارة {أوركسترا} ذكرتهم بفترة كانوا يأملون أنها صارت من الماضي، وخصوصا أن ذكرى 2 حزيران 2019 لا تزال عالقة بالأذهان عندما اصطدمت سفينة تابعة للشركة نفسها برصيف ميناء وقارب 
آخر.
يعود جزء من الفشل بعلاج مشكلة سفن السياحة الى الهرمية السياسية المعقدة، فكل شيء يحدث في البندقية، سواء كان تحديد عدد الزائرين أو تنظيم المساكن السياحية، يجب اقراره على مستوى الدولة. وعندما أعلنت الحكومة منع السفن السياحية من دخول البحيرة وحولتها مؤقتا الى الميناء الصناعي بينما نظمت {دعوة للأفكار} في المدى الطويل لحلول المشكلات البحرية، كان لتلك الأنباء صدى دولي. لكن في الواقع يحتاج الميناء الصناعي ستة أشهر على الأقل ليتكيف مع مسافري 
السفن.
لقد بدأت السفن السياحية بالوصول الى البندقية منذ أواخر التسعينيات، وخرجت تظاهرات آنذاك من سكان الحي الذين اشتكوا أن السفن شوشت اشارات التلفزيون قبل أن تشتد التظاهرات عام 2012 عندما اصطدمت سفينة بإحدى الجزر وقتلت 32 شخصا.
لكن الى جانب التوترات المتجددة هناك مسحات من صراع الطبقات، إذ يرى البعض أن معارضي السفن السياحية يريدون تحويل البندقية الى متحف أو موقع تصوير يستمتع فيه قلة من الناس ويشيرون الى كثرة السفن، مثل التاكسي النهري وسفن الشحن، التي تلوث البحيرة ويقولون {هناك نظرة للسفن السياحية بأنها وحوش لكن يوجد واقع اجتماعي كامل يقف 
خلفها}.
أخيرا، بدأ السياح بإعادة ملء شوارع المدينة، التي استضافت 30 مليون شخص سنويا قبل الوباء، منذ رفع قيود السفر مؤخرا، لكن هذا لا يكفي للدعم المالي.
 
صحيفة الغارديان البريطانية