رجاء الشجيري
الشعر لغة الروح، وهوية مشاعرنا، نشأ معنا ونحن نترنم على {گولات} جداتنا وأمهاتنا و{نعاويهن}، و{دللول} التي ننام معها لنطمأن من العدو الساكن {الچول} فكنّ يقلن الشعر الشعبي بالفطرة بأجمل وأعذب صوره ومعانيه، ولكنه ضاع مع الأسف بسبب عدم حفظه وتدوينه، ولان المجتمع ذكوري بامتياز حارب واسدل الستار على نتاجهن، متجاهلاً ان النص والإبداع لا يعرفان التجنيس ولا ينتميان إليه، فلا يوجد نص ذكوري وآخر أنثوي، ولعل أبرز مثال لشاعراتنا الشعبيات {فدعة} بنت علي آل اصويح التي كانت من أجزل الشاعرات والتي عرفت بذكائها حتى انها لقبت بـ{خنساء خزاعة} لشجاعتها في الحروب ورثائها لاخيها حسين والقتلى. إلا أنه برغم شهرتها هذه لكنه ضاع الكثير من شعرها ولم يدون، فلم نجد إلا كراساً صغيراً صدر عام 1973 للسيد عبد المولى الطريحي ضمن 32 صفحة فقط يجمع بشكل بسيط ما قالته ليضيع باقي شعرها.
ومن شعرها نعيها لأخيها حسين:
اشماتِون ياخوي اناعي
اشمفضاة خلگي وشْوِساعي
يميمر عرب يبن الصداعي
يعربيد والجابوك افاعي.
ومن العمارة كانت لميعة عباس عمارة من أجمل الشاعرات قولاً وروحاً. فكتبت الشعر الفصيح والشعبي أيضاً، فجاء شعبيها بأعذب الصور:
اشتاگلك يا نهر يلبردك الجنه
صفصاف شعري هدل وبمايك تحنه
عمرك ابد يا ابد متباهي بسيله
وعمري شكثر شكم شهر چم يوم چم ليلة
اما البصرة فانجبت شاعرتين شعبيتين كتبتا وتحديتا مجتمعاً حاربهما، ولان في ما بعد واستمع إليهما هما وفاء عبد الرزاق وصابرين الكعبي..
تقول وفاء عبد الرزاق وهي شاعرة وقاصة وقد ورثت الشعر الشعبي من أمها وأبيها {أنا شاعرة شعبية في سلوكي ونصوصي التي هي من عمق معاناة الشعوب}. ومن أبياتها:
علمتني شلون احبك
وانفضت ثوب العطش فوگ السراب
علگت فرحة عيوني زند ترچيه علباب
ولعل من أهم الشاعرات الشعبيات كانت صابرين الكعبي فلديها من الصورة الشعرية والترافة في تشكيل اللغة الكثير الكثير:
تغازلني بنهر وادري بفلحنه تغار
واسترخص عيونك وانشتل ورده
.......
يساجيني المسه وادري الصبح ماخوذ من عيني
واطيح ويه الضوه اليشعل روازيني
بخور وعلدرب تكبر نياشيني
احط من صورتك صوتك واگول
من استحي اگبالك تحاچيني
وكذلك من الشاعرات الشعبيات الاعلامية فاطمة الليثي التي ذاع صيتها في التسعينيات اذ تقول:
وصمت صوم الخرسه لكن... زكريا انطاه مراده وبقى همي وزال همه
وانه ذيچ انه اللزمها مرادها وصاحت ابلّمه
هنا يهداد البشارة هنا يسرداب الخفي اليطلگ بظلمه
وانتخيتك يا صبر عاگول يلسان العشيرة.. الچفة چلمة.
وهكذا كن شاعراتنا الشعبيات بين من ظهرن وحوربن، وبين من ضاع شعرهن واختفن، بل ومن لم يظهرن أصلا بسبب القيود الاجتماعية ضدهن.