العثور على مكان بقايا هايديكي توغو

بانوراما 2021/06/29
...

 ليفيا ألبيك
 ترجمة: خالد قاسم
طيلة أكثر من 70 سنة بقي موقع بقايا جثة هايديكي توغو، رئيس وزراء اليابان وقائد قواتها خلال الحرب العالمية الثانية، لغزا مستمرا. وذكر ابن حفيد توغو أنه اعتقد دائما بدفن شعر وأظافر جده فقط في مقبرة الأسرة جنوب غرب طوكيو. ولا يمتلك أدنى فكرة عن مكان بقية الجثة، لكن الجواب اختبأ على مرأى من الجميع.
تظهر وثائق رفعت عنها السرية في الارشيف الوطني الأميركي وجدها أستاذ ياباني أن مسؤولي الجيش الأميركي نثروا رماد توغو في المحيط الهادئ بعد إعدامه بفترة وجيزة باعتباره مجرم حرب من الفئة الأولى.
سعى الأميركيون من وراء ذلك الى منع القوميين اليابانيين من الوصول للبقايا ومعاملة توجو شهيدا، بعد إدانته بارتكاب جرائم حرب من قبل المحكمة العسكرية الدولية. ومن غير الواضح تماما متى رفعت السرية عن الوثائق التي كشفها هيرواكي تاكازاوا، أستاذ متخصص بقضايا محكمة الحرب بجامعة نيهون في طوكيو، لكن الاكتشاف أعاد صورة توجو الى أذهان الناس مجددا وأثار ذكريات الحرب بين البعض في اليابان، وجلب شعورا بالراحة لأفراد أسرته كما يقول ابن حفيده.
يقول البروفيسور تاكازاوا إنه وجد الوثائق «بالصدفة» أثناء إجرائه بحثا عن مجرمي الحرب، وقرأ الوثائق بادئ الأمر سنة 2018 ضمن السجلات والأرشيف الوطني بولاية ماريلاند، وأمضى سنوات في التحقق منها وتقييمها. شهد حكم توجو معاناة أو موت ملايين المدنيين والسجناء بسبب التجارب والجوع والعمل الإجباري. وبعد إجبار اليابان على الاستسلام عام 1945 إثر قصف أميركا مدينتي هيروشيما وناغازاكي بقنابل نووية، حاول توغو الانتحار في منزله بطوكيو وألقي القبض عليه بعد لحظات من ذلك، وخضع للعلاج على أيدي أطباء الجيش الأميركي.
مخالفة قانونية
بدأ الجيش الأميركي بحملة مكثفة للتخلص من رماد جثث توغو ومجرمي حرب آخرين أعدموا في كانون الأول 1948. وجرت الحملة خلف أبواب مغلقة تحت حراسة مسلحة، لمنع مؤيدي هؤلاء المعدومين من إنقاذ بقاياهم.
تقدم الوثائق رواية مفصلة عن «الإعدام والتخلص النهائي من الجثث». وجرى التعرف على الجثث وأخذ بصمات أصابعها قبل وضعها في نعوش خشبية أغلقت بإحكام وأخذتها شاحنة بضائع الى يوكوهاما، 35 كم جنوب طوكيو، ومن ثم أحرقت هناك. وذكرت الوثائق أن «اجراء احترازيا نفِّذ لمنع إهمال أصغر أجزاء البقايا».
يقول البروفيسور ديفيد هاول، أستاذ التاريخ الياباني بجامعة هارفارد، إن رمي البقايا في المحيط يناقض قوانين الجيش الأميركي نفسه، ويستشهد بكتيب لعام 1947 يقول إن بقايا الجثث يجب دفنها أو تعطى الى أحد الأقارب، إن أمكن، بعد الإعدامات العسكرية.
يضيف هاول أنه كان «خطأ منطقيا» من قبل السلطات الأميركية الاعتقاد بالتخلص من بقايا توغو سيمنع مؤيديه والقوميين من تبجيله، إذ إستمر كثيرون منهم بالنظر الى جرائم حرب بلادهم على أنها دفاع عن النفس.
في النهاية لم يمنع رمي بقايا توغو من إحياء ذكراه، اذ يحيي معبد يوسوكوني في طوكيو ذكراه و13 آخرين من مجرمي الحرب الفئة الأولى، اضافة الى ملايين اليابانيين من قتلى الحرب.
يذكر ويليام ماروتي، أستاذ التاريخ الياباني بجامعة كاليفورنيا، أن هناك تحولا واسعا نحو اليمين في اليابان ويحاول البعض مراجعة أجزاء من تاريخ البلاد. ويضيف أن هذه النقاشات تستمر «بتعكير صفو علاقات اليابان مع جيرانها».