اللواء الدكـتور عدي الحساني
يعتمد الوضع الاقتصادي في كل بلد على مجموعة من الأساسيات التي من خلالها يتم تقييم الواقع الخدمي في مجال الاقتصاد الداخلي لذلك البلد، ولعلَّ من أبرزها هو مقدار الرضا المجتمعي عن معدل الأسعار فيه ومنها المواد الغذائيَّة على اعتبار أنها القوت اليومي لكل مواطن والذي لا يمكن العيش بدونه وهذه هي مشيئة الخالق.
لذلك نجدها تُشكل الجزء الأكبر من هموم المواطنين ومحور اهتمامهم في البحث عن أفضل وأنسب المواد والأسعار والتي تختلف طبقاً لجودتها ومنشئها، فضلاً عن أماكن بيعها، إذ إنَّ هناك أسواقاً (غالية) لا يدخلها المواطن البسيط والذين يمثلون الغالبية العظمى من الشعب وفقاً للمستوى المعيشي لكل فرد، فنجد أغلب المواطنين يتجهون الى المحال والأسواق التي تتبع سياسة الربح البسيط وهذا شيء يُشكر أصحابه عليه إنْ لم يكن هناك مقصد آخر!
حيث تقوم بعض هذه الأسواق بجلب بضاعه منتهية الصلاحية (ويتم التلاعب بالتواريخ) أو قريبة الانتهاء ويتم طرحها للمواطن الذي يجدها بسعر مغرٍ جداً إذا ما قورنت بمثيلاتها في المحال الأخرى، وغالباً ما يكون المتبضع من الطبقات البسيطة والذين لا يجيدون القراءة والكتابة أو من الذين أنهكتهم متاعب الحياة وأشغلت فكرهم وأذهبت ببصرهم فلا تتم ملاحظة تاريخ الصلاحية، وهنا يقعون في شباك أكبر وأخطر عملية غش ونصب واحتيال كونها تضر المواطن بصحته وماله وبالتالي يتم نشر أمراض وأوبئة تُلقي بظلالها على الوضع الصحي العام للمجتمع.
إنَّ عملية الغش هذه لها أبعادٌ كبيرة منها سياسيَّة كونها تضر في مصلحة البلد أساساً من خلال استهداف اقتصاده، إذ ستنمو أموال (سُحت) بشكل كبير نتيجة الأرباح المستحصلة من تصريف هذه السموم والتي ستؤثر تباعاً في الوضع الصحي ومنه سيؤدي حتماً الى استنزاف المواد الطبية من المستشفيات والمراكز الصحية، ومنها جنائية، إذ إنَّ مثل هذه الأفعال يُجرمها القانون ويُعاقب عليها لاكتمال أركان الجريمة فيها وتسببها في ضرر مجتمعي كبير وتخريب اقتصادي أكبر.
وهنا لا بُدَّ أنْ نذكر الدور الكبير للأجهزة الأمنية القائمة على هذا الموضوع ومنها مديرية الجريمة الاقتصادية التي تعمل جاهدةً على رصد هذه الحالات، إلا أنَّ الموضوع لا يقف عند عمل هذه الدائرة أو تلك؛ لأنَّ دور المواطن هنا أكبر من كل شيء والذي يُعدُّ الأساس في رصد هذه الجريمة البشعة كونه يرتاد هذه الأسواق والمحال ويُعدُّ الراصد الأول، كذلك دور الإعلام كونه السلطة الرابعة في كل بلد وهي أمانة في أعناقنا جميعاً من أجل مجتمع صحي وبيئة اقتصاديَّة آمنة.