التشهير الثقافي بالآخرين.. هل هو موضة؟

منصة 2021/06/29
...

 غفران حداد 
في المدة الماضية شنت حملة جديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة على الشاعر السعودي تركي آل شيخ، والتي تتناول الطعن والتشكيك بموهبته وهو الذي كتب عشرات الأغاني وغنى له عدد من المطربين العرب أمثال محمد عبدة وأنغام وعمرو دياب وآخرين.                 
وكان التشكيك بموهبته بأنَّ هنالك من يكتب نيابة عنه وأنَّه رجل ثري يشتري المواهب بأمواله وما أنْ أعلن مؤخراً الشاعر الغنائي صدور أولى رواياته {تشيللو} حتى انهالت عليه حملة من التعليقات الساخرة بأنه اشترى فلماً روائياً جديداً بعد الموهبة الشعريَّة التي كان يدعيها وأنه نسخة من بطل الفيلم الكوميدي المصري مرجان أحمد مرجان الذي اشترى ديوان {حلزونة يمّا الحلزونة} والتي أدى الشخصية الفنان المصري عادل إمام.
وشخصية مرجان في الفيلم هي لرجل أعمال ثري جداً، يعتقد أنه بماله يستطيع شراء كل شيء، فيشتري ديواناً شعرياً {الحلزونة يمّا الحلزونة}، وبطولة رياضية وجائزة عن دور بمسرحية وايضاً شهادة تعليميَّة وكرسياً في مجلس النواب عبر الرشى ليوهم أبناءه بأنه أبٌ جديرٌ بالافتخار به.
الغريب أنَّ الهجمة المعلنة على الشاعر آل الشيخ من قبل عدة كتّاب وصحافيين وليس فقط من الجمهور وأنهم مقتنعون بصورة الشبه بين آل تركي وشخصية مرجان كون آل الشيخ متهماً بشراء الولاءات وتوزيع الأموال الطائلة بين عدد من الفنانين ليغنوا من كتاباته التي يدعي أنها من إلهامه وذات الاتهام بعد صدور روايته الأولى بأنه أيضا تم شراؤها بأمواله.
لكنَّ جملة الاتهامات هذه والطعن بسمعة وكرامات الناس وتشبيههم بشخصيات دراميَّة كوميديَّة سينمائيَّة غير دقيقة وغير صائبة، فهي تقدم إلى القارئ بدون دليل، فنحن في عالم السوشيال ميديا الذي أصبح متاحاً حتى للأطفال والمراهقين أصبح فيه التسقيط أمراً سهلاً جداً.
تحضرني حكاية الروائيَّة العراقية حوراء النداوي التي منذ صدرت لها رواية {تحت سماء كوبنهاغن} ووصولها إلى القائمة الطويلة في جائزة البوكر للرواية العربيَّة حتى شنت عليها حملة تسقيط وتشهير من قبل أحد الروائيين العراقيين عبر حسابه الشخصي في {الفيسبوك}إنَّ هناك من يكتب لها رواياتها وهي أصلاً لا تجيد اللغة العربيَّة، كون الروائيَّة النداوي نشأت في الدنمارك وكأنَّ إجادة اللغة العربيَّة مستحيلة في حالة عيش المرء في بلد أوروبي.
التشهير من دون تقديم الأدلة والبراهين بعد إصدار الروائيَّة حوراء روايتها الثانية (قسمت) بلغ ذروته وتم الادعاء أنها دفعت عشرة آلاف دولار لكاتب روايتها الأولى فكيف تعلن الروائيَّة التي لا تجيد العربيَّة عن ولادة روايتها الثانية؟!
هكذا بكل بساطة التشهير والتعليقات من قبل أصدقاء صاحب الادعاء تنهال بدون معرفتهم شيئاً ليأتي رد الروائية هل يكتب {كاتب شبح» رواية لست سنوات كاملة بعشرة آلاف دولار فقط، ما هذا الرخص، كان الأجدر بك أنْ تزيد من السعر قليلاً لتُحبك التأليف كما ينبغي لكنك فاشل في تأليف الكذب}.
شخصياً لا أنحاز للشاعر والروائي السعودي ولا إلى الروائيَّة العراقيَّة ولكن برأيي إنَّ التشهير والطعن بسمعة وهدر كرامات الناس التي لا تستند إلى أدّلة وقرائن غير مقبول ومرفوض ولن يقنع أحداً سوى أنها زوبعة إلكترونية للنيل من الخصوم بدافع الحسد والغيرة ولكنها تسيء إلى سمعة الضحية بشكلٍ أو بآخر.
الغريب أنَّه في بلادنا العربية فقط نسمع بأنَّ فلاناً دفع أموالاً لكاتب ما ليكتب له وهذه المواهب توصف على أنها نسخ مشوهة من شخصية مرجان أحمد مرجان، لو كان الأمر بهذه السهولة لأصبح معظم الناس الأثرياء في عالمنا العربي كتّاباً وشعراءً وأصحاب دواوين على غرار شراء ديوان {الحلزونة يمّا الحلزونة} لبطل الفيلم الكوميدي المشَّبه به.
للأسف ظاهرة التشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة هي من أبرز سلبيات الشبكة العنكبوتيَّة، فالبعض ينشر الأكاذيب والدسائس تحت صور وحسابات إلكترونيَّة وهمية وحتى ممن يكتب منشوراته بماء الكذب والبهتان تحت أسماء كتاب بصورهم وحساباتهم الحقيقيَّة فإنه لا يخشى العقاب على هذه الجرائم الإلكترونية ويدرك جيداً أنه من الصعب جداً محاكمته لاختلاف القوانين بين الدول في تشريع وتطبيق القانون ومعاقبة من يقوم بالقذف والتشهير.
وما زال المواطن والكاتب العربي بانتظار العقوبات الرادعة لهذه المشكلات الإلكترونية وردع الجرائم المعلوماتيَّة التي باتت تشبه الأخطبوط تتوغل في حياتنا وتتدخل في خصوصياتنا وتشوه جمال أقلامٍ أدبيَّة أحببناها ووثقنا بمشوارها الأدبي الجميل، فالشاعر أو الروائي هو نجم مجتمع ينير الأجيال بكتاباته ولا يمكن من خلال نشر بوستات فيسبوكيَّة أو تغريدات هنا وهناك ونشر مقالات بجرة قلم أو نقر على ألواح الشاشات الذكيَّة تشطب إنجازاته وتشوه سمعته والنيل من ثقة محبيه وقرّائه.