الدراما العراقيَّة في رمضان عتبــة ثانيــة لـلـتـقيـيـم

منصة 2021/06/30
...

 د. عواطف نعيم 
 
ما زلنا نتداول الحديث عن الدراما العراقية وأسباب نكوصها رغم الغزارة في الانتاج التي اتسم بها الموسم الرمضاني للعام 2021 والذي لم يستطع أنْ يضعها في المكانة التي تستحقها مقارنة بما وصلت إليه الدراما العربية وما أحرزته من حضور وتميز وما شهدته الساحة العربية في السباق الرمضاني من تنافس ونجاحات! الاعتراف بالخطأ إحدى الوسائل الناجعة لمعالجة النتائج ووضح خارطة طريق سليمة للتعامل مع ما سوف يتم إنتاجه وتقديمه من أعمال خلال المواسم المقبلة وليس شرطاً الأعمال التي تهيأ لموسم رمضان، ولا ندري ما هو السبب الذي يدفع أغلب القنوات العربية الى انتظار الموسم الرمضاني لتطلق علينا الكم الكبير من أعمالها الدراميَّة والتي تتنوع في توجهاتها ما بين الكوميدي والتراجيدي والمنوع والاجتماعي والبوليسي والتأريخي ولكن الذي يحسب لهذه القنوات العربية أنها تتهيأ لاستقبال رمضان من قبل موعد حلوله بأشهر كي يخرج الانتاج معافى ومستوفياً لشروطه عكس القنوات العراقية التي تبدأ العمل قبل رمضان بشهر أو شهرين وتجعل الممثلين يلهثون كي يكملوا إنجاز العمل سواء كان مسلسلاً في خمس عشرة حلقة أو ثماني حلقات أو ثلاثين حلقة! قد يقول قائل إنَّ الإنتاج لهذا الموسم الرمضاني جاء غزيراً بالأعمال العراقيَّة بعد شح وفتور وهذا حق ولكن أي نوع من الأعمال تلك التي تم تقديمها؟ قبل الإجابة لا بُدَّ من طرح السؤال التالي: هل هناك تخطيط مدروس ومسؤول لتقديم أعمال عراقية تنتمي للمجتمع العراقي الذي يشهد تحولات وتناقضات تعصف في بنية الحياة الاجتماعية وتزرع العديد من التقلبات فيها؟ هل هناك من يضع مصلحة الشباب العراقي في تطلعاته وأحلامه فيقدمها عبر تلك الأعمال ويكون قادراً على تسويقها؟ هل يعرف القائمون على تلك القنوات من خلال استبيانات ودراسات ما يحتاج اليه الإنسان العراقي من أعمال درامية تقترب منه ويجد أجوبة على تساؤلاته من خلالها؟ ما تم تقديمه من أعمال درامية جاء ليؤكد عدم وجود أي نوع من التخطيط أو الدراسة أو الاهتمام في اختيار ما يجب أن يقدم! وأن هناك ولدى البعض من القنوات توجهاً (قصدياً) نحو تسفيه وتسذيج ما يقدم والاكتفاء بالضحك والسخرية التي تصل أحياناً حد السماجة، وهناك من يحاول أنْ يتعكز على نجاح سابق حققه في موسم ما فيظل يجتر ما قدمه تحت تسميات وعناوين جديدة مع ذات الدائرة المحيطة به من الاسماء وبذات الاداء الواحد حتى لو تغيرت الازياء وباروكات الشعر المتنوعة.
هل يسأل الفنان نفسه حين يكون بطلاً رئيساً لمسلسل معين ما الذي سوف يقدمه في الموسم الرمضاني من اداء وأفكار وتوجهات تمتاز بالجدة والحداثة وتكسر النمطي والمعتاد أم يكتفي ذلك الفنان ومعه فريق العمل بالتعكز على ما حققه من نجاحات سابقة لتسويق حاله بذات 
الرتابة؟
ثم ما الذي تهدف إليه القناة حين تعيد إنتاج عملين تركيين فريق عمل عراقي وتضع أسماء مؤلفين لاعمال هي معروفة ومنتجة وتحمل تواقيع كتابها وتم تقديمها من على شاشات قنوات أخرى وبعضها ما زال يقدم حتى الان علما أنَّ هذين العملين مغربان عن مجتمعنا وبعيدان عن عاداتنا وتقاليدنا ويبثان رسائل لا تجدي ولا تسمن على المستوى الفكري والاخلاقي والاجتماعي! ألم يتابع القائمون على تلك القنوات العراقية تكرار الوجوه والاسماء ودورانها في أغلب الاعمال الدرامية وسطحية المضامين وضعف الانتاج؟ حين نقرن النوايا بتوجهات الإنتاج يطل علينا مدافعا البعض ممن يعملون تحت مظلة هذه القناة أو تلك الادارات المهيمنة وكلنا نعلم أن (الترند) في صعوده وهبوطه الذي يجعلونه مقياساً لنجاح هذا المسلسل أو ذاك وبروز هذا النجم أو تلك هو لا يخلو من تلاعب و يخضع لمعايير الاخوانية ولمعايير السياسة ولمعايير التحزب 
والكروبات.
السؤال المهم الذي ينبغي الاجابة عليه بموضوعية ومسؤولية، ما هي المتعة الفكرية والاخلاقية والفنية التي حققتها تلك الانتاجات في ميزان العمل الابداعي؟ الاستسهال والعجالة والتربح على حساب عافية المنتج الفني علامات صريحة تعلن عن نفسها حين مقاربتها مع أعمال عربيَّة أخرى مصريَّة وسوريَّة ولبنانيَّة وخليجيَّة! ولأننا لا نزال في سياق التقييم والتقويم ووضع النقاط على الحروف لا بُدَّ من تحريك التساؤلات وعرض المسكوت عنه ومناقشته أمام الأنظار مع معرفتي أن ذلك سيزعج الكثيرين من المستفيدين والمعتاشين على عثرات الآخرين، وللحديث 
تتمة.