أكره ضحك السياسيين

آراء 2019/02/19
...

نوزاد حسن
 

  حين يكون الانسان محبطا فانه يخسر قبل كل شيء قدرته على الضحك الحقيقي.وساقول بلا تردد ان السياسة هي السبب المباشر على جعلنا اشخاصا نضحك بطريقة اوتوماتيكية كالدمى الصينية الرخيصة.سيحدث شيء فظيع في عضلات وجوهنا نحس به دون ان نستطيع وصفه.لا قل ان ضحكة المحبطين هي ضحكة من البلاستك نراها على وجوه الاخرين.وعلى هذا الاساس نظل نعاند ونفتعل اننا ما زلنا اشخاصا سليمين جدا وقادرين على التوازن مع عالم اليوم حيث الفساد صفة لوجود لا اعرف متى نقوم بتنظيفه والتخلص منه.وان كنت اشك في سهولة المهمة التي ستواجهها الحكومة الحالية.
لن يعرف المحبطين امثالي انهم يطلقون صوت الضحك لا روحه.وهناك فرق كبير بين صوت الضحكة الجاف وبين روح الضحكة التي لها مذاق آخر.
المحبط يسخر من الوضع السياسي.واذا قام بعملية الضحك فهذا لانه يريد ان يصل الى نشوة الانفعال الحقيقي لضاحك يحس بحرارة وفورة السعادة التي يكون الضحك احد علاماتها.
السياسيون يعرفون عن اي شيء اتكلم.انهم يضحكون من دون ان يضطروا مثلي لاطلاق صوت ضاحك فيه تموت سعادتي مئة موتة.
ما يثير كراهيتي هو رسالة الضحك السياسي الذي يشعرني بالفارق الكبير بين تجربة مانديلا مثلا وبين تجاربنا السياسية.يبدو انني اتحدث عن سياسة بدأت تنقرض هذه الايام.وما اعنيه بكلامي هذا هو ان طبيبا من الاطباء قد يفقد القدرة على الضحك الحقيقي اذا تسبب بموت انسان.سيكون الطبيب وحيدا مع ألمه لانه اخطأ في عمله.وهنا سيجد نفسه كائنا آخر يحتاج وقتا كي يتاقلم مع الوضع الذي يحاصره بعد موت مريضه.هنا نجد المعنى الحقيقي للانسان حين يفقد بعض صفاته لان الالم والقلق اوقفا مرحه وسعادته.واذا اراد هذا الطبيب الرقيق ان يضحك فسيضحك كمحبط كسير ولن يجد الا ايقاع صوتي بلا روح.
في السياسة يحدث ما هو اصعب بكثير.ذلك لان العمل السياسي هو مسؤولية خطيرة بالدرجة الاولى.ولان السياسة ترتبط بحقوق الناس والمحافظة على حياتهم فهنا سيكون على السياسي ان يعيش احدى الحياتين.
اما ان يكون بارعا في تجاوز كل ما يراه ويسمعه.واما ان يكون محبطا كطبيب يعاني من موت مريضه بسبب خطأ طبي.
ما اشاهده يوميا من حوارات سياسية لبرلمانيين ووزراء يدهشني كثيرا.يدهشني لانني ابحث في ملامح الوجوه عن هوية الالم الحقيقي الذي يعاني منه هذا المسؤول او ذاك.
ابحث في نضارة الوجوه عن قلق سببته هذه المشاكل التي نعاني منها جميعا واخطرها الفساد التي تنوي حكومة عبد المهدي مواجهته.
  ما اجده هو الضحك العميق الصافي جدا الذي يوصل رسالته القوية لي حيث تشرح الضحكة نفسها لي قائلة:عضلات وجه المسؤول مرنة جدا وناعمة وهي افضل مجال انطلق منه كضحكة متكاملة ناضجة وردية.