إبستيمولوجيا السوسيولوجيا

منصة 2021/07/01
...

  صباح محسن كاظم
الدراسات الفلسفية والفكرية العميقة تشكل المعرفة الحقية بالوجود، بما يخص الانسان والمجتمع وكل مايحيط به من فعاليات عقلية ومعرفة علمية متبصرة، بجوانب التفكير، التحليل المعرفي، فهم الآيديولوجيا من خلال المعرفة السوسيولوجية لفهم الواقع، وفق المعطيات العلمية الحديثة في علوم المجتمع لفك الاتباكات والالتباسات والرؤى الفكرية، التي تطرح من قبل العلماء والمفكرين والمشتغلين بحقول المعرفة الانسانية. 
كتاب الدكتور محمد حسين الرفاعي (ابستيمولوجيا السُّوسيولوجيا في   استنهاض – تساؤل –العلم- بالمجتمع – والانسان) في المجتمعات العربية الصادر عن دار التنوير –237 صفحة. سياحة فكريّة عميقة بفصوله المحتدمة بالأسئلة المعرفيّة والفكريّة مع اجابات تتماهى مع الواقع، من خلال فهمه العميق لأدوات التحليل الفلسفي للظواهر، ليضع النقاط على الحروف بمشروعه الثقافي الفكري الفلسفي، على خطى المفكر عبد الجبار الرفاعي، بمدرسته الفكرية في تناول الوجود الإنساني والمعرفة الحقيقية للأسئلة الفلسفية، التي يواجهها العقل العربي. جاء بالمقدمة ص 9 (الممارسة العلمية تأتي بمعرفةٍ علميَّة هي من الشأن الواقعي – في  كلِّ مرُّة-  هذا هو نداءُ العلم، في علاقته المباشرة بالواقع). 
 فقد تناول د. محمد حسين الرفاعي بالفصل الأول: يقدم الفهم بابستيمولوجيا علوم المجتمع والانسان؛ لأنّ لولا فهم الابستيمولوجيا لما كانت وتكون ممارستها. 
وفي الفصل الثاني: غاص المؤلف بفكرة النقد بتفصيلاته عبر الابستيمولوجيا ، ودرس بشروحات وتقسيمات وتنظيرات أهم ممارسة عقلية «النقد» من خلال ممارسة نقد المفاهيم، التي تأتي إلينا من بلدان العالم، حيث لا يمكن أن يقوم التطور العقلي والحضاري والمعرفي والفكري والثقافي بلا أسئلة نقدية. لذلك وقف الدكتور محمد الرفاعي عند التساؤل عن النقد في ص 55  لم نتساءل بَعد من أجل وعي النقد عبر التفكير فيه. لم نتوتر، لم نقلق بعد في ما يتعلق بالتساؤل والسؤال عن النقد وفيه. إذ إن مافعلناه، ونستمر في فعله، ينتمي الى ممارسة النقد؛ لكن  حتى يكون النقدُ نقداً، ينبغي عليه أن يعي ذاته قبل أن يُمارَس).
(نحن أمام تفكير غير مقنن. إن مثل هذه التساؤلات تلح علينا من كل جانب، من حيث ان البديهيات فقدت بديهيتها. فمع سقوط الاسقاطات التي وضعتها العلوم الطبيعية، وكثيراً عبر منطق ومنحى التقنية في معالجة أشيائها، داخل العلوم الانسانية وداخل العلوم المجتمعية، سقطت كذلك الأجوبة الجاهزة، التي تمليها بديهيات علم من العلوم، باعتبارها نقطة انطلاق.. تلك المزحة البائسة المسماة سؤال الانطلاق، الذي لم يُؤسَّس إلا بالاستناد إلى أجوبة جاهزة،عن كلِّ شيء ولكل شيء، من حيث هي متجلية في أحضان الحقول المعرفية
 المختلفة).
ويطوف بنا المؤلف بالفصل الثالث بآفاق وفضاءات ممارسة الابستيمولوجيا من ص 83 -109 ليناقش مفصلاً فهماً لعالم العلم في وجه الفهم، قدم فيه المفاهيم الابستيمولوجية من خلال استخراج  الفهم من الممارسة، حيث يؤكد ص 83 : ( يرتبط الفهم – فهم عالَم العلم- بالموقع المعرفي للعالِم الذي يمارس الفهم. ولأنّ أي تفكير بعالم العلم بغية فهمة، انما يحدث من خارج عالَم العلم، والنظر اليه من الخارج، فالموقع المعرفي للعالِم الذي يدرس العلم، يكون موقعاً خارج حقل العلم، ومفصولاً ومنفصلاً عن
العلم)، بينما وضع بالفصل الرابع ممارسة علميَّةً من شأن ماكس فيبر في موقع الموضوع للممارسة الابستيمولوجية. وركز بشكل دقيق بالفصل الخامس على موضوع الفكر العربي المعاصر وتساؤل الهرمنيوطيقا،غاص بالتساؤل والواقعي، بوصفه موضوعاً في الفكر، أوهام الفكر بوصفها عقبات معرفيَّة، حول غياب الواقعيِّ في الفكر في ص 171: ( وخلافاً للفهم الشائع للدين ، والمعرفة العاميَّة الذي من شأٔنه، نتساءَل هنا عن الدين ذاته، وليس عن
التديُّن. 
فاذا لم يقدر الدين، في المعنى الذي من شأن ماهيَّته الأصليّة، أن يأتي الى مستوى الواقعيِّ – الموضوع عامَّة، والواقعيِّ-المجتمعيِّ خاصَّة، فلا يمكن أن يقوم اي تساؤل بشأنه؛ بل ادعاء تساؤل). ثم يتطرق الدكتور محمد عبد الجبار الرفاعي بالفصل السادس للواقع الفكريّ والمعرفيّ العربيّ بتفسير النكوص والظواهر والعلل بروّح علميّة واعيّة من خلال الفكر العربي المعاصر وتساؤل الهرمنيوطيقيا، لعمري تلك المؤلفات تزرع الوعي
 بالمجتمع.